ما يقال الآن هو للكبار فقط وتحديدا كبار العقل والفكر والثقافة حيث إن الكلام يشتمل علي موضوعات تصلح لمن هم في نطاق هذا الوصف، الكبار من هذا النوع هم النخبة أو أصحاب الرأي والرؤية، هم من يتعاطون الفكر والثقافة بشكل عام، لكل هؤلاء أتوجه بما يرد من كلام قد يمر من أبواب الفهم حتي أروقة الاستيعاب !!، هؤلاء الكبار من هم في عمر القضية المحورية للأمة العربية وهي قضية فلسطين التي زادت مؤخرا في تعقيداتها وتشابك معطياتها بل وفي عدد ضحاياها من الشهداء والمعاقين والمضارين في أسباب معيشتهم في كل مكان في الوطن العربي، تلك القضية التي مات في سبيلها كثير من الناس ويعيش علي عوائدها وفوائدها بعض الناس، وتحتل بدايات الأخبار وصفحات الصحف وبواطن المقالات والدراسات، كما تتصدر حوارات السائرين والراكبين والجالسين والواقفين أيضا!!، قضية فلسطين من القضايا الملتهبة بين أيدي الناس ولكن تنال حظا قليلا من الرغبة في الحل سواء كان الحل النهائي أو الحل الوسط وهذا الالتهاب من أهم مصادر العنف والعنف المضاد بين أفراد الوطن العربي وأبناء الوطن الواحد، ما يؤكد كلامي هذا ما يدور حاليا من مواجهات فكرية وكلامية بين مؤيدين ومعارضين لما يحدث علي الحدود بين مصر وفلسطين المختزلة في قطاع غزة بل والمحددة بمعبر رفح والتي تقلصت إلي الجدار أو السور العازل أو الإنشاءات الهندسية المضادة للأنفاق وهو موضوع الساعة العلاقة بين مصر وجاراتها الشرقية أي فلسطين وإسرائيل، الجزء الذي نتشارك فيه مع فلسطين هو قطاع غزة والذي تغلب عليه صفة القطاع حيث إنه جغرافيا وإداريا بل وإنسانيا كان في عهدة مصر إلي عهد قريب من عام 1967 وبعدها وقع في أسر الجيش الاسرائيلي - ولا يزال - تحت الاحتلال هو وكل الاراضي الفلسطينية شرقا وغربا في الضفة والقطاع، وتفاقمت المشكلة التي اندلعت في عام 1948 والتي عاش معها جيلنا كله عاما بعد عام وبكل التفاصيل بل وتأثر بها سلبا في مجريات حياته وللآن حتي أن كتلة العرب والمسلمين هم دون مواربة كتلة من الجاهلين طبقا لانتشار الأمية بينهم، وكتلة من العاطلين نظرا لعدد من هم في نطاق البطالة، وكتلة من المتعصبين والمتطرفين بحكم نظرة جميع المحللين في الخارج، يكفي ذكر الأحداث الأخيرة التالية : 1 - منع بناء المآذن في سويسرا رغم أنها طراز معماري يضاهي أبراج كنائس المسيحية ولا تأثير لها إلا رمزا، 2- حادث مصرع الشهيدة مروة الشربيني داخل محكمة في ألمانيا علي يد متطرف ومهاجر من دولة لا دين لها وهي الاتحاد السوفيتي المنحل ، 3- حادث الشاب النيجيري ابن العشرين عاما ابن وزير تعلم في انجلترا وتمرن علي الإرهاب في أفغانستان وحاول تنفيذ عملية قذرة في أمريكا 4 - ضباط من شباب الأردن في قاعدة أمريكية أو أفغانية يقومون بأفعال عسكرية يروح ضحيتها العديد من الناس ويهتز العالم في لحظة لكل ذلك وبشكل يومي تأكيدا لمقولة إن العرب يحبون الدم والقتل والدمار ومن ثم يجب الحذر منهم ؟!، بل لماذا يرتبط الإسلام بالعنف والشراسة كما يتهموننا في الخارج علينا معرفة وجهة نظرهم وأسباب تلك الآراء والأفعال وتحليلها والعمل علي معالجتها ليس بالتظاهر والعنف والمقاطعة ولا بالتنديد والشجب وحرق الأعلام . من الأسئلة المطروحة هل نخشي الحمساويين المسلمين ولا نخشي الإسرائيليين اليهود ؟!، أقول أن هناك اتفاقية وقعها شهيد القضية أنور السادات وهي اتفاقية كامب ديفيد التي تحكم العلاقة بين دولتين متجاورتين مثلها مثل باقي دول العالم ولكن أهل حماس هم فصيل من أهل فلسطين انشق علي الإجماع السياسي ثم انقلب علي النظام وتسبب في فصل الأرض والناس إلي الضفة والقطاع رافضا كل محاولات الإصلاح والتي وصلت إلي حد التعلق بأستار الكعبة الشريفة عقب ما بذله خادم الحرمين في رتق ما بينهما، وهل ننسي كيف لجأ بعض من أهل القطاع إلي العدو الاسرائيلي في منتصف الليل هربا من جحيم ونيران سلطة حماس ؟!، وقبلها إلقاء التابعين لمنظمة فتح من أسطح المباني مع الاحتفاظ بشعار الإسلام هو الحل يعلو رءوس المناضلين !! . السؤال الآن لو كانت مصر تحت رئاسة تختلف عن الرئيس الحالي بل وأقول تحت حكم عبد الناصر أو السادات هل كان الصبر علي مهاترات الفصائل يمتد كما هو الآن؟، وهل لو كانت هناك شخصية خلاف شخصية عمر سليمان الذي يقطع الطريق بين القاهرة وبين غزة حتي يمكنه إتمام الصلح لصالح القضية تستمر للآن ؟!، ولو فتحت مصر معبر رفح وتخلت عن الوساطة بين طرفي الصراع ماذا يحدث ؟! . كما أن قضية الجدار والجوار بين مصر والقطاع تحولت إلي نهاية المطاف في أزمة الشرق الأوسط فبعد أن كان الكلام علي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين تحول إلي الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة ثم وصل الأمر إلي الحصار المصري لأهل غزة ثم غلق معبر رفح في وجه أهالي غزة ووصل الأمر إلي منع مرور قوافل الإغاثة لشعب غزة، وتطورت الأمور إلي بناء جدار بين مصر والقطاع ثم إغراق الأنفاق التي بين القطاع ومصر وصولا إلي تكفير السلطة في مصر وتأليه المعارضة المتأسلمة فيها والمرتبطة عضويا مع من كانوا معارضين في القطاع ثم صاروا من الحاكمين المتحكمين فيه دخولا وخروجا، إن لم يكن ذلك رسميا وشرعيا فليكن العمل تحت الأرض من خلال سراديب القطاع، فصارت هناك دولة داخل دولة تديرها وزارة مقالة ولكنها لا تعترف بذلك ولا يعترف بها أحد أيضا ولا تملك قرارها حيث يجب الرجوع إلي المقيمين خارج القطاع في أجنحة الفنادق هنا وهناك، وأن جميع الحكومات والهيئات الرسمية لا تعرف سوي حكومة عباس ولا تعترف بما يسمي حكومة إسماعيل هنية، وتخيلوا معي أن ساسة إسرائيل جميعا قد أصابهم الجنون وقرروا فيما بينهم تسليم أرض فلسطين بحدود حرب 48 لن يجدوا أمامهم علي طاولة التسليم من له الشرعية الدولية !!، ولذلك يري كثير من المحللين أن فلسطين انتهت إلي جزء في الشرق يسمي الضفة وآخر في الغرب يسمي القطاع "وتوتة توتة خلصت الحدوتة" .