تحت عنوان "شوارع افتراضية" قدم الفنان الدكتور مصطفي يحيي معرضه الجديد في قاعة الفنون التشكيلية بدار الأوبرا، ويلعب فيه المكان دور البطولة، خاصة شوارع القاهرة. ينشغل الفنان بهذا الموضوع منذ فترة، حيث أقام معرضه "الذات والعولمة" في عام 2001 وبعده معرض "الواقع الافتراضي" الذي تناول فيه غزو أفغانستان، ثم معرض "الحياة الافتراضية" عن غزو العراق، ومعرض "شبابيك الخلفية" الذي كان يعني به "المنور" وعبر خلاله عما يحدث من علاقات اجتماعية وعاطفية خفية، وذلك في عام 2004 يليه معرض "شبابيك الزمن الخلفي" في عام 2005 وبعد ذلك أقام ثلاثة معارض تحت عنوان "البلكونة 1 و2 و3" في أتيليه القاهرة، ومجمع الفنون، وقبة الغوري، ثم في مركز الإبداع في الإسكندرية. وفي فبراير عام 2009 أقام الفنان معرض "خارج البلكونة" في قاعة أكسترا بالزمالك، وهو المعرض الذي عاد به من جديد إلي استخدام الألوان الزيتية التي كان يستخدمها في فترة السبعينيات، ورصد بالأبيض والأسود، وقتها ما يحدث في الشارع من خلال "الشرفة"، ومن ضمنه أحداث مذبحة غزة التي تمت في يناير 2009 كما عرض كل التحولات التي طرأت علي الشارع المصري من منطلق النظرة من أعلي وعين الطائر أو "الفرجة من البلكونة". أما في معرضه الحالي "شوارع افتراضية" فقد تناول الفنان نوعاً من التناص أو التقابل بين شوارع القاهرة القديمة العشوائية والشعبية وما بها من مقاه وشيشة وتوك توك وأراجيح وأحصنة خشبية، وأيضا عربات الكارو والحنطور والباعة المتجولون هذا من جهة، ومن جهة أخري الأسواق والشوارع الجديدة التي نشأت حديثا كالمولات المكيفة ذات الطوابق المتعددة، والسلالم الكهربائية المتحركة، والتزحلق علي الجليد، والألعاب الإلكترونية، التي يسكنها أيضا الشيشة والجلسات الشعبية والناس البسطاء الموجودون في المناطق الشعبية، وفي هذا المعرض يطرح الفنان رؤية للقاهرة القديمة والعشوائية وأيضا الحديثة من ناحية الشارع، الذي اختلف ولم يكن كما كان سابقا. رسم الفنان موضوعاته بأسلوب تعبيري ذات رؤية ما بعد حداثية، يتجاور خلالها القديم والحديث والمستقبلي بأسلوبه الخاص الشعبي والفرعوني الذي يتناوله منذ السبعينيات، الجديد في هذا المعرض أنه قدم مساحات كبيرة تصل إلي مترين ونصف تحمل الصرخة اللونية والدسامة والعمق اللوني، كما عرض بعضا من أعماله الأبيض والأسود ذات المساحات الصغيرة. وعن المعرض يقول الفنان يحيي: أنا أحتفي بالمكان في مدينة القاهرة، التي أنتمي إليها أنا وعائلتي، منذ عام 2001 تقريبا، فالأجواء اختلفت منذ الستينيات وحتي الآن، كما اختلفت هموم الناس، الشوارع اختلفت وتحولت تحولا سريعا، وأصبح الشارع مزدحما وبه نوع من القهر، حيث نشأت ثقافة الزحام، وتكيف الإنسان وتبلد معها، سواء في الشارع في أرض الواقع أو في الحياة بشكل عام، فمن هذا المنطلق ظهر التوك توك وثقافته الفوضوية التي انتقلت من ثقافة الميكروباص والزحام، ولذلك فأنا سميت هذا المعرض "شوارع افتراضية"، لأننا لا نريده حديثا بأبواب إلكترونية ومكيفة، ولا نريده شعبيا بما فيه من سلبيات، بل نريد الشارع النمطي الذي كان موجودا في فترة الخمسينيات والستينيات، حيث كان ذا رئة يتنفس بها البشر.