أمامكم شهر للقبول بشروطنا وهذا هو الإنذار الأخير! هكذا تحدث وزير الخارجية الإيراني متقي مؤخرا موجها حديثه، أو إنذاره، إلي مجموعة الدول الست «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومعها المانيا». الوزير الإيراني هدد هذه الدول بأنها إذا لم تقبل مبادلة اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب بوقود نووي تحتاجه ايران لتشغيل مفاعلها النووي للأبحاث في طهران، فإن ايران سوف تقوم بعدم الاكتفاء بتخصيب اليورانيوم بدرجة منخفضة وسترفع درجات التخصيب إلي 20% لتستغني بذلك عن الدول الست وتوفر لنفسها ما تحتاجه من وقود نووي. لكن يبدو أن هذا الإنذار الإيراني الاخير لن يكون أخيراً كما يعتقد خبراء أوروبيون وأمريكيون يتابعون عن كثب البرنامج النووي الايراني، بالاضافة الي خبراء المنظمة الدولية للطاقة الذرية الذين زاروا مؤخرا المحطة التي تقيمها إيران في مدينة قم لتخصيب اليورانيوم. هؤلاء الخبراء يعتقدون أن قدرات ايران الخاصة بتخصيب اليورانيوم تضررت كثيرا مؤخرا، وأن اجهزة الطرد التي تعمل في تخصيب اليورانيوم قديمة وتعمل بتكنولوجيا غير متطورة ولا تستطيع أن تفي برغبة الايرانيين في تحقيق تقدم في عملية تخصيب اليورانيوم. كما أن هذه الاجهزة العاملة في التخصيب بمنشأة ناتانز انخفض عدده بنسبة تقرب من 20%، أما المنشأة الجديدة التي تتم إقامتها بالقرب من قم فهي ستحوي عددا اقل من أجهزة الطرد المركزي الموجودة الآن في منشأة ناتانز، بالاضافة الي انها تحتاج لعام علي الأقل لتبدأ العمل التجريبي بها، وربما لا تبدأ العمل المنتظم قبل ثلاث سنوات، وهي ذات الفترة التي تحتاجها ايران لاقامة منشآت اخري لتخصيب اليورانيوم. أما الأهم من ذلك كله فان ثمة خبراء يعتقدون أن اليورانيوم منخفض التخصيب الذي تنتجه إيران يحمل شوائب كثيرة من شأنها الحاق الأذي باجهزة الطرد المركزي المستخدمة في اعادة التخصيب ما لم يتم التعامل معها بتقنيات خاصة عالمية وبمهارات مرتفعة قد لا تكون متوافرة في ايران مثل غيرها من الدول التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بدرجات كبيرة لانتاج وقود نووي. واستنادا الي هذه المعلومات ربما لا يأخذ الأمريكان والأوروبيون تهديدات متقي وتحذيره الأخير علي محمل الجد. وقد ظهر ذلك في أول ردود الأفعال عليه، حينما قال الأمريكان: المطروح علي الطاولة هو المشروع الذي سبق أن قدمته لايران الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يقضي بالحصول علي 1200 كجم من اليورانيوم الايراني منخفض التخصيب لاعادة تخصيبه في روسيا وتحويله الي وقود نووي في فرنسا تحصل عليه إيران. وبهذا المعني سوف يضطر متقي لأن يوجه تحذيرات أخري للغرب ما دامت ايران لم تقبل مشروع الوكالة حتي الآن.. صحيح أنها قدمت تراجعين خلال الفترة الماضية.. التراجع الأول: يقضي بنقل اليورانيوم الي دولة اخري غير روسيا هي تركيا، والتراجع الثاني: القبول برفع كمية اليورانيوم التي ستنقلها للخارج أكثر من الكمية التي تحدثت عنها في السابق وهي 400 كجم، إلا أن الايرانيين مازالوا حتي الآن يتلكأون في القبول بمشروع الوكالة.. وهكذا الحل الدبلوماسي للملف النووي الإيراني مازال مجمدا وبالتالي نحن في انتظار تحذيرات إيرانية أخري ربما لن تكون الأخيرة!