كشف المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط والقيادي الإخواني السابق عددا كبيرا من المفاجآت بشأن الانقلاب الاخير الذي شهدته جماعة الإخوان المحظورة واسفر عن تغيير تركيبة مكتب الإرشاد بها لصالح سيطرة فريق القطبيين او من يسمون بالتنظيم السري علي قيادة الجماعة. أبو العلا واحد من الذين تربطهم علاقة قوية جدا بجيل السبعينيات الذي اسهم فيما يسمي بالتأسيس الثاني للجماعة وله علاقات ممتدة بالقيادي الإخواني المخلوع عبد المنعم أبو الفتوح منذ أن كانا يعملان معا في الجامعة لصالح ما كان يسمي بالحركة الاسلامية، قبل أن ينشق عن تنظيم الإخوان بعد قضية حزب الوسط الشهيرة عام 1995 ثم شرع في تأسيس الحزب وان كان لم يحصل علي الترخيص حتي الان. شن أبو العلا هجوما حادا علي القيادي الإخواني عصام العريان صديقه السابق الذي قبل بعضوية مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان مؤخرا، معتبرا ذلك نوعا من الخيانة لعلاقة الصداقة التاريخية بينه وبين "أبو الفتوح"، كما فضح أبو العلا الوجه الخفي لقيادات الجماعة المحظورة فإلي نص الحوار. كيف تقرأ ما يجري داخل جماعة الإخوان منذ استقالة المرشد وحتي الان؟ - من الواضح أن هناك تياراً بدا يسيطر مع الوقت علي الجماعة ويتخلص من معارضيه في الرأي وكان يرتب لهذا منذ سنتين علي الأقل. تقول سنتين فقط؟ - هذا التيار قديم جدا وله روافد يسلم بعضها بعضا تبدأ بالنظام الخاص ثم تسلم مجموعة 65 التي تحسم الآن الأمور داخل الجماعة لصالحها.. واعتقد انه بدا الترتيب لما جري مؤخرا منذ 2005 حين اعاد خيرت الشاطر ترتيب ما يعرف بمجلس شوري الجماعة، بحيث يضمن تصويته في الاتجاه الذي يريد.. الأحداث زادت سخونتها منذ سنتين حيث بدأ أعضاء هذا الفريق في التخلص من شخصيات معينة لا تتوافق مع رؤاهم.. وعندما انفجرت الأوضاع بقصة ضم عصام العريان وجد أعضاء هذا الفريق أن من الاصلح لهم الحسم في هذا التوقيت. ولماذا كان رفض العريان في السابق ثم قبوله الآن؟ - مجموعة القطبيين لم تكن تعتبر عصام العريان منها، هو لم يكن يواجههم بل كان يقول كلاما يصب في صالحهم ومع ذلك لا يقبلونه، فمثلا كان يشن هجوما عنيفا علينا في حزب الوسط.. حتي اكتشفوا في الأزمة الأخيرة أنه يمكن أن يكون واجهة إعلامية تروج لهم.. واعتقد أن لديه استعداداً لفعل هذا..وبذلك وجهوا له رسالة واضحة وهي انك لا تأتي الا برغبتنا وكما هو منشور فان محمود عزت أرسل ورقة بخط يده إلي أعضاء مجلس الشوري يطلب منهم انتخاب أشخاص بعينهم من بينهم العريان وعدم اختيار آخرين كحبيب و"ابو الفتوح" لماذا؟ - السيد نزيلي قال في تصريح شديد الخطورة أنهم رأوا في العريان شخصا تقيا ومطيعا وغير معاند، فيما رأوا أن عبد المنعم أبو الفتوح يهاجم سيد قطب وهو لديهم خط احمر وان حبيب استبعد لهجومه علي فريق القطبيين. هل خان العريان تاريخه المشترك مع مجموعة أبو الفتوح وأنت كنت واحدا منها؟ -هو كذلك.. العريان تنكر لكل شيء للصداقة والتاريخ. لأسباب شخصية ام تنظيمية ام لماذا؟ - لا يعلم ما في النفوس الا الله لكن انا لا استطيع أن أقرأ من الموقف الا انه كانت وراءه مصالح شخصية فحسب.. البسها عمة وقل أن هذا جري لمصلحة التنظيم او خدمة الدعوة.. انت حر في ذلك لكني أقول لك أن ما جري لم تكن خلفه سوي المصالح الشخصية. تقول هذا وانت عملت مع أبو الفتوح والعريان في فترة الجامعة وما بعدها؟ - نحن كنا دوما نقول أن العريان حريص علي مسك العصا من منتصفها ولا يرغب في المواجهة.. كنا نكره منه هذا، لكن لم يكن يصل إلي مرحلة التخلي عن اقرب الناس اليه وهو عبد المنعم أبو الفتوح من اجل مصلحته كما حدث مؤخرا. وهل تتفق مع أبو الفتوح في التصريحات التي أعقبت الانقلاب؟ - تعرف أني أحب عبد المنعم فعلا ولكن اختلف معه فيما ذهب إليه في هذه التصريحات.. فهو قال كلاما غير متوقع أنا شخصيا صدمت منه وأغلقت هاتفي لأني توقعت أن يحدثني الناس تعليقا علي ما قال وبالفعل عندما فتحته في اليوم التالي وصلني كم هائل من الرسائل التي تنتقد تصريحاته.. أتفهم أن تريد الحفاظ علي الوحدة فلا تهاجم الآخر وانه لو تكلم الآن لقيل انه يتحدث لأنه استبعد لكن كنت أتمني الا يقول كلاما يخالف الحقيقة.. هناك فرق بين أن اسكت عن الأشياء وان أقول عكسها.. ولأني اعرف عنه انه ليس له حسابات بالمعني الضيق مثل عصام العريان، فهو ربما اجتهاد خاطئ منه. وما تفسيرك لذلك؟ - عرفت أن مجموعة من أصدقائه داخل الإخوان جلسوا معه وطلبوا منه التهدئة.. ويبدو انه رغب في الاستجابة لتلك المطالب فأخطأ، لأنه عندما يقول عن محمود عزت انه ليس قطبيا فهذا خطا لأنه قطبي حتي النخاع وهو المتآمر الأول في الإخوان وقديما كنت اقول عنه انه من كهنة المعبد، كذلك الحال عندما يقول عن القيادات الجدد إنهم من تلاميذه.. للأسف كل من قال عنهم تلاميذه خانوه واشتراهم خيرت الشاطر ومعظمهم ينقلون ما يحدث لمحمود عزت لأنهم رجاله. الحديث حول وجود تيار للإصلاحيين هل تري انه موفق؟ - هو كان تيارا ونجحوا مع الوقت في جعله يتآكل ويحجمون دوره حتي أصبح مجموعة أفراد قليلة، ومن الواضح أن هناك تياراً ثالثاً يقوي في الجماعة الآن وهو تيار المنتفعين وأعضاؤه يبحثون عن المصالح أولا. تقول تيارا؟ - هناك مجموعة من القيم عندما تنتشر وتجد أن شخصيات مركزية تتبناها يتحول الأمر لظاهرة، فهناك من هذه النوعية في المحافظات.. اعرف أشخاصا من هؤلاء. هناك من راهن علي رد فعل "حبيب" و"ابو الفتوح" في إحداث شق داخل الصف لكن حتي الآن لم يحدث، فهل تمتص الجماعة الصدمة؟ - لدي تحفظ علي حبيب لأنه كان يعمل وحده وكان مرتميا في أحضان المجموعة الحاكمة حتي وجدهم يضحون به فتغيرت مواقفه منذ أيام فقط، فلم يكن يوما لديه رجال داخل التنظيم ولا له تأثير شخصي.. ما حدث له جعله محسوبا علي الإصلاحيين لكنه لم يكن منهم يوما من الأيام ولم يحدث بينهما تنسيق من أي نوع حتي بعد الإقصاء. هذا الأمر يختلف بالنسبة ل "أبو الفتوح" فنحن كنا جيلاً له أنصار في المحافظات والجامعات وبالتالي هناك تيار حتي لو تراجع عدده الا انه ممتد رأسيا وهناك بالفعل أفراد في المحافظات شديدو الحنق لكن هل لديهم الشجاعة لان يتحركوا ام لا فهذه مسألة أخري. حبيب تحدث للإعلام بنبرة حادة وقال أن لديه من الأدوات ما يجعله عصيا علي التحجيم؟ - هو كلام فقط.. من يستطيع فعل شيء لا يتحدث عنه فعبد المنعم عندما يريد عمل شيء سيفعله حتي لو أضعفوه داخل التنظيم، وكذلك الحال بالنسبة لمحمود عزت لكن هناك أناساً يعوضون عجزهم عن العمل بالكلام وإطلاق تصريحات لا أصل لها في الواقع.. كنت أتابع ما يقوله واضحك منه. هل تمكن تحالف عزت والشاطر من السيطرة علي الجماعة أخيرا؟ - هو تحالف قديم بينهما وأسميه تحالف المخ والعضلات فخيرت الشاطر رجل تخطيط ومحمود عزت رجل تنفيذ وتكتيك. ما تاثير ما حدث علي الجماعة؟ - بالطبع ما جري ترك أثره، وان لم ينشق أنصار "أبو الفتوح" تنظيميا، فان شقا حدث ولن يعاود الالتئام مرة أخري، وتداعيات ذلك ستستمر، اما تحرك الناس فسوف يأخذ وقتا ويتوقف علي أمور عدة، وهذا يذكرني بما حدث بيني وبين محمود عزت والحاج مصطفي مشهور قبل قضية حزب الوسط. البعض قد لا يدرك خطورة ما جري ويعتبره امرا هينا؟ - الامر بالفعل خطير لان هناك امتدادات للشرخ في الأقاليم وهناك حمق في عقل من سيطروا علي الجماعة يجعلهم عاجزين عن فهم خطورة أن تكون هناك وجهة نظر واحدة تسير الأمور ولا رد عليها.. وهذه مسألة تتعلق بأي كيان مجتمعي وأي قوي بشرية وحتي الحزب الوطني.. لابد من وجود وجهات نظر متباينة وألا يقضي فريق علي الآخر تماما مثلما جري.. التنوع يخلق القوة.. في رأيي أن من سيطروا علي الإخوان الآن حققوا انتصارا وهميا لأنهم لا يدركون خطورة ما أقدموا عليه وسيدفعون ثمنه غاليا جماعة لم تحتمل شخصاً مثل عبد المنعم أبو الفتوح فكيف تحتمل المعارضين في المنهج السياسي والمذهبي؟ - هذه مسألة لها دلالات خطيرة فكيف لشخص لا يطيق اخر يسعي لتحقيق هدف مشترك أن يقبل الاخر .. كيف تقدم نفسك كبديل يسعي للحكم وانت تلفظ المخالفين من داخلك! ما فرص انضمام هؤلاء للوسط ؟ - كان هذا جائزا في وقت سابق اما الان نحن ارضيتنا ارتقت كثيرا عنهم والمسافات بيننا بعدت.. ومهدي عاكف حتي وقت قريب كان يقول لهم في اللقاءات أن الوسط لو حصل علي الموافقة سينضم اليه كل من فلان وفلان.. ويحدد بالاسم لكن انا لي علاقة قوية جدا ب"أبو الفتوح" نتفق في امور ونختلف في أخري مثل ماذا؟ - مثلا هو يراهن علي الجماعة ويري ان من الممكن اصلاحها واقول له أن هذا سراب. قلت انك تدفع ثمن هذه الصداقة في مكان وهو يدفع ثمنها في مكان اخر ..كيف؟ - هو يتهم داخل الإخوان زورا من قبل خيرت الشاطر بانه جاسوس الوسط في مكتب الإرشاد، وان جرت تسريبات نشرت في الصحف تفيد بان من اسباب رفض الوسط تلك العلاقة الغامضة بيني وبين عبد المنعم أبو الفتوح. تحليلات متنوعة قالت أن الجماعة في ظل هذه القيادة ستركن إلي تدعيم الجوانب التربوية علي حساب العمل العام هل تتفق وهذه الرؤية؟ - هذا الامر عملة لها وجهان، فهناك أطراف داخل السلطة سعيدة بما جري علي اعتبار أن أنصار هذا الفريق سوف ينغلقون علي أنفسهم و يحجمون دورهم العام، وأن هذه مجموعة متشددة ستساعدها علي فضح تطرفها أمام المجتمع.. الخطر يكمن في أن هذه مجموعة حقا تطيع اذا طلب منها تقليص عدد المرشحين او ما شابه وبالتالي خطرهم الحالي او في الانتخابات المقبلة اقل، لكن هؤلاء الأفراد يمثلون من تعطيهم قنبلة موقوتة ممثلة في عشرات الآلاف من الأفراد يحملون أفكاراً تكفيرية للمجتمع او ما يسمي بالعنف المؤجل الذي يمكن أن ينفجر في وجه المجتمع بصورة كارثية في أي وقت .. أضف إلي هذا أن تقليص النشاط لن يتم بين عشية وضحاها لان وجود 88 نائباً في البرلمان خلق مجموعات مصالح. في ضوء ما جري ما قدرة الجماعة علي تقديم مرشحين في الانتخابات القادمة و ما فرص نجاحهم؟ - لا اعلم تقريبا عدد مرشحيهم ولكن اتوقع أن يكون اقل من الانتخابات الماضية .. اضف إلي هذا أن المناخ العام لم يعد في صالحهم سواء من ناحية موقف الدولة منهم او من ناحية تأثير ما جري علي صورتهم امام الشارع.. انا المح أن النخبة المصرية مصدومة مما جري وان كنت لا اعرف مدي امتداد هذا علي مستوي الأقاليم لكن بالتأكيد ما جري سوف يؤثر علي فرصهم في الانتخابات القادمة. الازمة دفعت البعض للمطالبة بحزب سياسي للجماعة وأعيد طرح الموافقة علي "الوسط" كحل لاحتواء مشكلة الجماعة؟ - طوال الوقت أقول إن رفض الوسط يصب في مصلحة الإخوان لان هذه المجموعة تقول لعناصرها أن الدولة لها موقف معاد من الإسلام ولو تقدمنا لهم بطلب حزب سيرفضون، ومنذ وقت قريب كان العريان يشمت فينا ويقول أن الدولة تصر علي رفضهم منذ 14سنة.. في بداية الأمر تفهمت الموقف للعلاقة الملتبسة بيننا وبين الجماعة، لكن بعد هذا الوقت الجميع أدرك أننا منفصلون.. ما يحدث داخل الجماعة أن هذه المجموعة تلغي عقول الشباب وتقول لهم هؤلاء يعملون لصالح جهات معينة تابعة للدولة ولو كنا كذلك لمنحونا رخصة الحزب .. أي شخص ينتقدهم يكون عميلا وخائنا وضد الإسلام.. هذا الفريق لديه قدرة علي التشويه غير طبيعية لان الأفراد في الداخل يسمعون لهم ولا يسمعون لأي شخص آخر.. هي عملية غسيل مخ منتظمة.