علي الرغم من اختلاف دورة مؤتمر أدباء مصر التي انتهت أمس الأول، وحملت عنوان "المشهد الشعري الراهن"، عن باقي الدورات الماضية في كل شيء تقريبا، وهو ما يحسب لأمانة المؤتمر، لم تأت توصيات المؤتمر العامة في أغلبها بجديد. بدي أن عدم التواصل بين أمانة المؤتمر والهيئة، سبب بعض الجفاء المكتوم، بين أطراف عدة، خاصة بعد إعلان الأمانة أنه لم يشارك منها أي عضو بأبحاث في المؤتمر، وما تردد في الأروقة أنها قطعت الطريق أمام أصحاب المصالح، وأنها بذلك تختلف عن الأمانات السابقة، وأنه تم طرح تكريم اسم الشاعر الراحل محمد صالح، فلم تستجب الهيئة، علي الرغم من أن المؤتمر كرم كل الشعراء الراحلين خلال العام الماضي، وأخذ علي الأمانة أن استضافة شعراء من مختلف الأجيال والاتجاهات بعضهم لم يشارك فيه من قبل، وبعضهم منذ سنوات، خاصة شعراء السبعينيات، لم تتم الاستفادة منها، بالشكل المفترض، وهو ما أكده أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قائلا: لم أسأل في شيء قبل بداية المؤتمر وسعيد بذلك، ولكن بعض المؤتمرات خاصة عندما تكون متعلقة بالإبداع، كانت الهيئة ترحب بطباعة مختارات شعرية لأبناء المحافظة، كذلك حضر المؤتمر أسماء كبيرة من رواد الشعر الحديث من مختلف الأجيال والتيارات، وكان يمكن الاستفادة من وجودهم أكثر، إذا أقيم مثلا مائدة مستديرة لتسجيل شهاداتهم، وهو ما سيكون أصدق مرآة للتعبير عن المشهد الشعري الراهن، فالموائد المستديرة من هذا النوع أمر مكمل للجلسات البحثية. وأضاف: هذه الأمانة ضربت نموذجا في إنكار الذات، عندما قررت ألا يشارك أحد أعضائها بأبحاث في المؤتمر، حتي لا يفتح الباب أمام الحديث عن المصالح الشخصية، وإن كنت لا أري في الأمر أي مصالح فمن يعمل لوجه الله والثقافة والوطن، وإن كان في وقت من الأوقات تمنح مكافأة، فهي لا تكفي المواصلات.. وانتقد مجاهد غياب أعضاء أمانة المؤتمر عن الجلسة التي خصصت لمناقشة آليات تطوير المؤتمر، باستثناء عضو واحد، وقال: أنا بذلك لا اتهم الأمانة ولكن أسجل موقفًا، فكان من المفترض أن يستمعوا إلي هذه المناقشة"، وأقترح أن يتم تخصيص الدورة المقبلة لمراجعة تاريخ المؤتمر واستشراف مستقبله. فتحي عبد السميع أمين عام المؤتمر أكد أن الأمانة لم تتعرض لأي تدخل من أي نوع من جانب الهيئة، ودعا كل أدباء مصر لمتابعة أعمال الأمانة الجديدة للمؤتمر ومناقشتهم والمشاركة بآرائهم، وألا ينتهي الأمر عند انتخابهم، مشيرا إلي أن فشل المؤتمر هو فشل للجميع. أكد المؤتمر في توصياته العامة علي الموقف الثابت لمثقفي وأدباء مصر برفض كل أشكال التطبيع والتعامل مع العدو الصهيوني، وأهاب بالقوي الوطنية في فلسطين والعراق والسودان واليمن، أن توحد صفوفها، كما أوصي بالتمسك بضرورة كفالة حرية التعبير لجميع مبدعي مصر، وأكدت التوصيات علي عمق وأهمية العلاقات التاريخية والوجدانية بين مصر والجزائر، ويؤكد أن ما خلفته المباراة جرح سطحي يتجاوزه متانة وعمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وثمن المؤتمر مشروع "القوافل الثقافية" الحدودية التي تنظمها الهيئة في المناطق الحدودية، وأن المشهد الشعري في مصر يبلغ من الثراء ما يقتضي إقامة أكثر من مؤتمر لرصده وكشف تجلياته، وأهاب المؤتمر بالجامعات إدراج شعر العامية ودراسته في مناهجها، علي اختلاف تجلياته وأشكاله، واستنكر حذف مادة الأدب الشعبي من المناهج الجامعية في بعض الكليات، ودعي إلي الاهتمام باللغة العربية لمجابهة التحديات التي تواجهها في ظل المتغيرات الاجتماعية. وفي توصياته الخاصة، أوصي المؤتمر أمانته الجديدة بإفراد الدورة القادمة لمراجعة المؤتمر بتخصيص المحور الرئيسي لدراسة المؤتمر بعد مرور ربع قرن مع طرح الرؤي والأفكار لتطويره، ويشيد أعضاء المؤتمر بالتقليد الجديد الذي خصصته الأمانة بالاحتفاء بشخصية أدبية كبيرة وطباعة أحد أعمالها البارزة، وأوصي بدراسة مشروع تدرج ميزانيات أندية الأدب وفقا لمعايير التناسب بين الميزانية، ويوصي بدراسة مشروع "سلسلة لكل إقليم" علي أن تطبع الأعمال ذات القيمة طباعة لائقة بإخراج فني موحد، بالإضافة لإنشاء منتدي ثقافي علي موقع الهيئة الالكتروني وإنشاء بنك للمأثورات الشعبية، والتوجه بقوة نحو "رقمنة" الإنتاج الأدبي والفني دون المساس بأهمية مشروع النشر الورقي، وزيادة ميزانيات الجمعيات الثقافية الأهلية بالنحو الذي يسمح لها بالاستمرار.