وزع الروائي محمد ناجي محبته علي الحاضرين متعهدا: "أن أكون محمد ناجي الذي أحببتموه حتي آخر نفس في حياتي"، ولم يكتف بذلك بل قام، رغم ملامح المرض البادية علي وجهه، بتوزيع محبته ورودا علي الحاضرين، كانت الكاتبة صفاء النجار قد أهدتها له، فلم يتبق له وورود واحدة، فحرص الحاضرون علي تسجيل هذه اللحظة في الصور الفوتوغرافية معه. وفي الاحتفال الذي أقامته ورشة الزيتون له مساء الخميس الماضي، لم يحضر فقط الحب والاحتفال بناجي الإنسان والأديب، حيث اتسع الوقت أيضا لحضور انتقادات شديدة لتقصير الدولة في علاج أدبائها، وانتقادات أشد لبعض الجوائز الأدبية. توجه الناشط السياسي اليساري أحمد بهاء الدين شعبان بالشكر لناجي علي عطائه والحب الذي نشره في الندوة، وأكد له أن معركة علاجه هي معركة كرامة كل إنسان ومثقف مصري، وتفاءل بهاء الدين حينما رأي المثقفون يلتفون حول قضية علاج ناجي بعد أن كانوا، حسب وصفه، "يلتفون حول التفاهات". وهنأه الكاتب الدكتور نبيل عبد الفتاح بجائزة اتحاد الكتاب للتمايز، واعتبر فوزه بالجائزة شرفا لها واختيارا صادف أهله، ووصفه بالكاتب "الخارج"، (الخارج عن علة التربيطات التي أصابت الجماعة الثقافية والأدبية، والخارج عن التصنيفات التقليدية للخطاب النقدي، والخارج عن أي جيل، والخارج من العمل بالديسك الصحفي، ليتمكن من تحول القبح إلي جمال)، ثم انتقد ما أسماه بجوائز النفط ذات العائد المادي الكبير وقال: "أصبح التواطؤ والحسابات هي السمة الأساسية لهذه الجوائز، لم تعد تحقق التنافسية ولكن الصراعات التي لن تساهم في الارتقاء بالحياة الأدبية في مصر، وأصبحت تمنح لمن لا يستحق لاعتبارات سياسية وغيرها". ورأي فيه الدكتور عمار علي حسن الروائي الذي ينتمي لجيل السبعينيات الرومانسي الذي يتساقط الآن موتا كما أسقطته السياسة من قبل، كما رأي فيه روائيا بحث منذ روايته الأولي "خافية قمر" علي تفرده، واستطاع أن يخلق مشروعا أدبيا تقدميا بالمعني القيمي، وعاب علي النقد تقصيره في الاهتمام بروايته "مقامات عربية". وقرأ الشاعر شعبان يوسف في كتاباته ارتباطا بكتابات علاء الديب وجميل عطية إبراهيم وفتحي غانم التي اهتمت بالمثقف المأزوم، وعبر عن احترامه لفضيلة ناجي في الكتابة في الصمت، وإن كانت، والكلام له، كتابات تخرج للمواجهة، وحكي كيف أنه اعتبر ترك ناجي للشعر واتجاهه للرواية بمثابة "نزوة روائية" إلي أن أقنعه احتفاء النقاد بأولي روايات ناجي "خافية قمر" أنه كاتب صاحب مشروع أدبي. وأثني الناقد عمر شهريار علي طابع رواية ناجي"لحن الصباح" التهكمي رغم بؤس الشخصيات، واعتبرها قد استطاعت التعبير عن عالم المهمشين بعذوبة تفتقدها روايات بعض الكتاب الآخرين، وانتقد ما أصاب ناجي من تجاهل نقدي. وتساءل الشاعر حسن سرور مدير تحرير مجلة "الفنون الشعبية": لماذا لا تدخل كتابات ناجي في علم الأساطير؟، وأشار للأسئلة الكثيرة التي طرحتها روايته "خافية قمر": كالكيفية التي تصنع بها الجماعة الشعبية شخصية الولي، والكيفية التي يستقر بها البدو في مكان يتحولون فيه من الرعي إلي الزراعة ويسعون لبناء القري. أما ناجي فتحدث عن البدايات قائلاً منذ قرر أن يتوقف عن كتابة الشعر والمسرح ليتوجه لكتابة الرواية، وهو التوقف الذي أكد أنه جاء استجابة لواقع فقدت فيه القصيدة علاقتها بالجمهور وفقد فيه المسرح ألقه، فسعي للرواية، لعلها، والكلام له" تجيب عن أسئلة الواقع الملغزة، أو تمنحنا فرصة الإصغاء لبعض".