لاداعي للحساسية ممّا كشفته معاناة المصريين وهم يقدّمون إقرار الضريبة العقّارية، المفروض تقديمه طبقا للمادّة 14-من القانون{196}لسنة{2008}. كلّ المصريين طبقا للقانون المستحدث وكما يدلّ الإقرار الواجب تقديمه، خاضعون لإجبار ضريبي، عن كلّ عقار بنوه أو اشتروه ( منزل -فيلاّ - شقّة-كشك-عوّامة-منشأة تجارية أو صناعية -غرفة علي السطوح - أرض فضاء أحاطها واحد من الناس ببطانية أوملاءة أوكرتون وصفيح لتؤويه وأولاده، كما توجعنا وترمينا بالعار كلّ ليلة كاميرا عمرو الليثي...الخ والأمور التي يقوم عليها وزير المالية من أخطر الأمور، إنّها قد تمس الثمانين مليونا دفعة واحدة.كلنا مازال غير قادر علي أن ينام هنيئا وقد ملأّ الدكتور يوسف عيوننا بالقلق علي أموال المعاشات والتأمينات الاجتماعية بعد أن قام بجرأة خطرة بضمّ هذه الأموال إلي محفظة وزارته. وفي الشهر الأخير لانتهاء الموعد القانوني لتقديم إقرار الضريبة العقّارّية، يحتشد ملايين المصريين كلّ صباح في زحام مهين وتشابك وغليان يلعنون أنفسهم وبعضهم وحكومتهم، أمام منافذ محدودة وموظّفين قلائل، بيروقراطيين ومستأسدين! من السهل أن تلوم المصريين علي أنّهم دائما من أنصار انتظار الفرصة الأخيرة، لكنّ الأمر لاينفي أنّ الحكومة المصرية تتحجّج لتداري عدم قدرتها في زمن المواصلات والآتّصالات والموبايلات والانترنت علي أن تقدّم الخدمات لمواطنيها في يسر. التعاسة دائما في ركاب كلّ من يسعي إلي الحصول علي مستند أو تقديم طلب لدي الدوائر الرسمية! مع أنّ الدكتور أحمد نظيف رئيس حكومتنا الحالية ومنذ 14يوليو 2004كان قد وعدنا بحكومة ذكية وهو المتخصص في علوم الكمبيوتر وتطبيقاته، وهو أحد أعلام الإسكندرية الذين تفوقوا في مجال التكنولوجيا والبرمجيات وعلوم الحاسب الآلي والاتصالات، وقبل أن يكون رئيسا لمجلس الوزراء عمل سنوات عديدة كمدير تنفيذي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمجلس وكنائب لرئيس المجلس الاستشاري للمركز. أفكّر علي ضوء ذلك وأنا أقف لأقدّم الإقرار اللعين وأشاهد ما حولي، وأبحث عن مكان أضع فيه الم الناس وفزعهم وأسئلتهم الحكيمة، في الكتاب الفاخر الصادر عن مجلس الوزراء، والذي يتضمن سجلا احتفاليا من مشروعات الحكومة الحالية في ذكري مرور خمس سنوات علي تولي الوزارة. يوم أن تتمكّن حكومة نظيف أو غيرها من تخليصنا من هذه المواقف البائسة، يمكننا أن نفكّر بأنّه قد أصبح لدينا حكومة مسئولة، ويصبح مقبولا أن نقرأ كتاب أحمد نظيف ومع ذلك يظلّ النقد المخلص والجادّ والمهذّب، هو حاضنة هذا الوطن من أجل تحقيق هذا الهدف. بودّي لوكان في الإمكان تسجيل عفوية الناس، يبدو أبسط بسطائهم أحكم من حكومتهم ووزير ماليتها، فإن لم يكونوا أحكم أو أعلم فهم مدفوعون بأهداف أفضل وأكرم. يستطيع بطرس غالي إذا ترك وزارة المالية أن يجد لنفسه حلولا كثيرة وفي أكتوبر 2008 تم اختياره لرئاسة اللجنة المالية والنقدية الدولية بصندوق النقد الدولي ولدي الدكتور بطرس غالي المعرفة الفنية، والخبرة المباشرة. أمّا ملايين الغلابة من المصريين فأين المفرّ من إيجبت؟ والكلّ الآن تسابقه عبارة في حبّ مصر، ولامحاولة قوية لتكريس هذا الحب وتعزيز الانتماء الذي أكّده المصريون في أكثر من موقف في الشهور القليلة الماضية وحدها. بل يوجد من يكدّر هذا الحبّ ويشتّت الانتماء، يشغلنا ويعذّبنا د. يوسف بطرس غالي وزير المالية بقانون يصرّح عنه هوبنفسه أمام وسائل الإعلام، أن قانون الضرائب العقارية لن يطبق علي 95.5٪ من الأسر المصرية وأن 4.5٪ فقط من الأسر المصرية هي التي سوف تطبق عليها الضريبة. لأي هدف إذن يهان المصريون، ويضاف إلي عذاب طوابير الحصول علي رغيف العيش، عذاب طوابير يوسف بطرس غالي؟ وتضيع هيبة الحماس ضدّ التجمّعات بسبب انفلونزا الخنازير وغلق المدارس، يحشد وزير المالية، ملايين المصريين من الصباح الباكر وحتّي عشاء كلّ يوم في هذه المهزلة الضرائبية المطعون في دستوريتها أمام القضاء. ويظهر وزير المالية أمام وسائل الإعلام، وقد استشعر خطورة ما يفعل علي الرأي العام يطمئن ويسهّل، ويضحك علينا بمساواة الأمور غير المتساوية. يقارن بين تقديمه لإقراره هو وأسرته وتقديم كلّ " برعي " غلبان لهذا الإقرار أو محاسبته ضريبيا! تفتح احتشادات المصريين باب التخمين مشرعا علي فقدان الثقة وتوجيه الاتّهامات وضرب الأخماس في الأسداس، وتنشيط العقل الجماعي الغيبي أيضا بحثا عن الخلاص، يتمّ تخيل ظهور العذراء مريم مرّة أخري علي قبّة إحدي الكنائس ! ولامهرب من أن تصبّ الادّعاءت في النهاية، طال الزمان أو قصر فوق رأس الحكومة، تسهل الاستجابة لادّعاءات الإثارة _ الحكومة ياجماعة تريد لهذا المواطن ألاّ يفيق فيتفرّغ لمحاسبة الجالسين علي الكراسي! ولماذا لايكون لحلّ مشاكله وتنظيم جهوده، والإبداع والاكتشاف والتقدّم؟