البيت الأبيض: المبعوث الأمريكي الخاص أموس هوكشتاين يزور إسرائيل اليوم    نتائج مزوّرة، حزب زوما يطعن بانتخابات جنوب أفريقيا    وقوع 4 هزات أرضية في جورجيا في يوم واحد    إطلاق قنابل ضوئية في أجواء المناطق الشمالية الغربية بقطاع غزة    الرابعة خلال ساعات، وفاة حاج مصري من الشرقية أثناء تأدية المناسك، وابنته تنعيه بكلمات مؤثرة    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    مدفعية الجيش الإسرائيلي تستهدف بلدة "عيترون" جنوب لبنان    استشهاد 3 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على غزة    حلو الكلام.. يقول وداع    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    حقيقة عودة كهربا إلى الدوري السعودي    يورو 2024 - دي بروين: بلجيكا جاهزة لتحقيق شيء جيد.. وهذه حالتي بعد الإصابة    مدرج اليورو.. إطلالة قوية لجماهير الدنمارك.. حضور هولندي كبير.. ومساندة إنجليزية غير مسبوقة    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حال. الطقس خلال أيام العيد    جثة مذبوحة وسط الطريق تثير ذعر أهالي البدرشين    زيجته الثانية أشعلت غضبهم.. الأبناء وأمهم يحرقون مسكن والدهم في الوراق    لجنة الحكام تُعلن عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك والمصري البورسعيدي    عبير صبري: شقيقتي مروة «توأم روحي» و«لسه بتاخد مني عيدية.. فلوس ولبس وكل حاجة»    تشكيل منتخب النمسا المتوقع أمام فرنسا في أمم أوروبا 2024    الصحة تُوجه نصائح مهمة للعائدين من الحج.. ماذا قالت؟    إدمان المخدرات بين الهدف والوسيلة    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى ثانى أيام العيد الإثنين 17 يونيو 2024    صفارات الإنذار تدوى فى كيبوتس نيريم بغلاف قطاع غزة    محافظ جنوب سيناء يشهد احتفال أول أيام عيد الأضحى بالممشى السياحى بشرم الشيخ    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هل تتمتع الحيوانات بالوعي؟ كيف تغير الأبحاث الجديدة المفاهيم    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    فوائد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني.. تقلل انبعاثات الكربون    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    لم يتحمل فراق زوجته.. مدير الأبنية التعليمية بالشيخ زايد ينهي حياته (تفاصيل)    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    بيلينجهام رجل مباراة إنجلترا وصربيا في يورو 2024    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    موعد مباراة إنجلترا والدنمارك في يورو 2024.. والقنوات الناقلة    ممثل مصري يشارك في مسلسل إسرائيلي.. ونقابة الممثلين تعلق    وفاة الحاج الثالث من بورسعيد خلال فريضة الحج    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    زيلينسكي يدعو لعقد قمة ثانية حول السلام في أوكرانيا    متى آخر يوم للذبح في عيد الأضحى؟    أجواء رائعة على الممشى السياحى بكورنيش بنى سويف فى أول أيام العيد.. فيديو    بعد كسر ماسورة، الدفع ب9 سيارات كسح لشفط المياه بمنطقة فريال بأسيوط    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نترك تراثها المعماري للضياع؟
بورسعيد.. المدينة الاستثناء
نشر في أخبار الأدب يوم 22 - 01 - 2011

بورسعيد..المدينة الاستثناء.. ثمرة الزواج المبرر بين التاريخ والجغرافيا، السياسة والاقتصاد، والإنسان والطبيعة. ربيبة البحر والبحيرة والقناة: البحر الأبيض وبحيرة المنزلة وقناة السويس.. جامعة حضارات القارات الثلاث: أفريقيا، آسيا وأوروبا. بحكم الموقع والموضع والمرحلة صنعت شخصيتها الفريدة. شخصية تفردت بجمعها لكل خصائص المصريين من مشرقها إلي مغربها، ومن شماليها إلي جنوبيها. شخصية التقطت المفيد النافع من ثقافات الآخر، ولفظت الكثير الجم من مساوئه. إلي جوار الشخصية الفريدة ميزت هذه المدينة أيضاً بمعمارها المدهش تخطيطاً وتنظيماً وبناءً. هو معمار مدهش بالفعل. ذهب مهندسوه وبناءوه ومواده، وما عادت مقومات بناء معمار يماثله متاحة أو ممكنة. إنه معمار القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
علي الرغم من أنه لم يمض علي هذا المعمار سوي قرن ونصف القرن منذ أول خيمة نصبت فيها أو كشك ثبت فوق أرضها، فإن معاول الهدم وبلدوزرات التجريف أخذت، حتي قبل اكتساح تيارات العولمة لمورثنا الثقافي والقيمي، تبدد هذا الكنز الذي لا يقدر بثمن مقابل بضعة ملايين من الجنيهات تنثرها آله الرأسمالية الجشعة، وأيادي الاستثماريين الأجلاف، فوق رءوس وأمام أعين ملاك العمائر التي لا نظير لها في العالم. نعم.. لا نظير لعمائر بورسعيد في العالم؛ فكما أثبت مهندسون متخصصون وأثريون عالميون، لا توجد في العالم كله مدينة بها عمائر خشبية مكونة من أربعة وخمسة طوابق مأهولة بالسكان حتي الآن. إن طُرز هذه العمائر إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون أوربية أو مصرية أو إسلامية، وإن كانت كذلك بالفعل؛ وفنار بورسعيد هو الفنار الخرساني الأول مثمن الأضلاع الذي يبلغ طوله 185 قدماً علي مستوي موانئ للكرة الأرضية كلها، إذ أقيم في العام 1868م. وما من فنار يماثله سوي واحد وحيد بني بعده بأعوام طوال بالساحل الجنوبي البريطاني. الفنار البريطاني صار مزاراً يرتاده السياح والأثريون، وفنارنا مازال رهين التجافي والإهمال؛ وكم طالبت وناشدت وصرخت للحفاظ عليه وعلي حرمه وعلي وظيفته، لكن طغيان المعمار الحديث.. المعمار المشوه.. وتجاهل المسئولين: إداريين وأثريين ومثقفيين، ترك الفنار لتحاصره الأبراج السكنية الشوهاء وتخنقه، فتعطلت وظيفته تماماً، واحتله بعض الإداريين وسكنته بعض الأسر، وفي وقت احتشد فناؤه بالعشش.. نعم العشش.. عشش كرتونية شوهاء أقامها من لا مساكن لهم، ظلوا بها إلي أن قامت المحافظة بتدبير وحدات سكنية لهم.. ولأنني أخشي علي هذا الأثر الفريد الذي لا أعلم هل أدرج في سجل الآثار المصرية أم لا، فقد ناديت وما زلت أنادي بالاعتناء به وتحويله إلي متحف لقناة السويس أو للملاحة البحرية أو لموانئ البحر المتوسط الصديقة، أو للأحياء المائية، أو للمدن المقاتلة.. لكن صيحاتي ذهبت أدراج الرياح فإغراءات الكسب السريع أقوي وأشد تأثيراً.
في بورسعيد مئات العقارات فريدة الطرز، ما بين عمارات سكنية ومساجد وكنائس ومبان إدارية، كلها متركزة في الأحياء الثلاثة القديمة الإفرنج (الشرق)، العرب، وبورفؤاد، ولأنه لا أحد من المسئولين يحمي ويتابع، فقد جرف أكثرها جرفاً.. وما لم تدمره الحروب مثل مبني البريد المركزي تلك التحفة المعمارية الفريدة دمروه هم. دمروا المسجد التوفيقي الذي افتتحه الخديو توفيق، وأزالوا سقف المسجد العباسي الأثري الذي ينتسب لعباس حلمي الثاني، وكادوا يدمرونه لولا وقفة لحقت ما بقي. دمروا فندق وكازينو بالاس، الفندق الذي أمه المشاهير من قادة العالم والوطن، هدموا البيت "الحديد" هو ومبني ماركوني أقدم مبني حجري في المدينة ومبني الحجر الصحي، والنادي المالطي، وخربوا مبني سيمون آرزت وفندق ناسيونال وسينما الأولدرادو ومسرح الليرا والبوستة الفرنسية وسوق عباس والبزار؛ وأزالوا نحو خمسة عشر داراً للسينما، واكتسحوا الفيلات ذوات الأسقف القرميدية والحدائق.. وغيرها.. وغيرها.. ومازالت الآت الهدم تهدم والآت التجريف تجرف؛ حتي ما هو أحدث كساحة النصر دمروها هي والنسر المنحوت من الحجر الصناعي الذي كان يعلو مسرحها فتتوه، ومنحوتات جمال السجيني الجدارية أضاعوها، وصالة محطة القطارات شوهوها هي ولوحتيها الجداريتين الفريدتين غطوها بالقذر، حتي الفارماشية طمسوا ذكرها طمساً.
في العام 2008م. تمكنت لجنة متخصصة تابعة للجهاز القومي للتنسيق الحضاري من حصر 1500 مبني ينبغي الحفاظ عليها طبقاً لما نص عليه القانون رقم 144 لسنة 2006م. في مواده التي تحتم الحفاظ علي التراث المعماري، ولو علمتم أن المحافظة قامت بتقليص هذا العدد، الذي يراه أعضاء الحملة أقل مما هو في الواقع، إلي 900 مبني فقط، وقبل ذلك كانت قد قصرت حصرها عل 69 مبني دون غيرها (!!)، بالإضافة إلي أن محافظ بورسعيد لم يوقع حتي الآن قائمة الحصر هذه ليتم اعتمادها من مجلس الوزراء، وإلي توالي تراخيص الهدم والسماح لكثيرين بتخريب مبانيهم حتي يسهل استخراج هذه التراخيص، لو علمتم هذا لأدركتم حجم الضغوط الهائلة التي تمارس علي الإدارة المحلية، وتمارسها الإدارة المحلية، لعرقلة الجهود الرامية إلي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا التراث المعماري الفريد.
نعم.. صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1947 لسنة 2009م. بتسجيل 139 عقاراً بحي بورفؤاد بسجلات التراث المعماري للمحافظة، لكن صدور هذا القرار وحده يكشف الجريمة التي ترتكب بحق التراث المعماري لمحافظة بورسعيد، يثير مجموعة من الأسئلة من نوع: هل هذا هو العدد الحقيقي فعلاً للعقارات الجديرة بالتسجيل في هذه السجلات؟.. وأين سائر العقارات التي يعود تاريخها إلي تاريخ نشأة الحي، ومنها الكثير الذي لم تطله بولدوزرات الهدم، ومنها ما يتبع هيئة قناة السويس؟.. ولماذا لم تسجل سائرعقارات بورفؤاد القديمة كلها بهذا السجل؟.. وما الداعي إلي تسارع صدور تراخيص الهدم؟.. وماذا عن عمائر حي الافرنج وحي العرب؟.. أسئلة وأسئلة ولا أجوبة شافية.. نسمع الكلام المريح ولا نجد تنفيذاً. من لا يصدق عليه الرجوع إلي العدد رقم 32 من الجريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.