علي مدي يومين اجتمع أكثر من 150 اعلاميا عربيا بارزا من مختلف الدول العربية في ملتقي قادة الاعلام العرب الأول الذي انعقد في البحرين بمبادرة مشتركة بين وزارة الثقافة والاعلام بالمملكة وهيئة الملتقي الاعلامي العربي.. وشهدت جلسات الملتقي التي دارت في إطار حوار تفاعلي حول مائدة مستديرة مناقشات مستفيضة وعميقة حول اعلامنا العربي.. واقعه الراهن ومستقبله المرتقب. ورغم أن منظمي الملتقي حددوا محاور ثلاثة للنقاش هي: 1 - الاعلام والمتغيرات الدولية. 2 - تأثير رأس المال في صناعة الاعلام. 3 - مستقبل الاعلام العربي: أزمات وعوائق. إلا أن هناك قضيتين سيطرتا علي المساحة الأكبر من النقاش ومثلتا هما مشتركا لمعظم المتحدثين من رؤساء التحرير والقيادات التليفزيونية وقيادات العمل الاعلامي العربي المشترك مثل المسئولين عن شركة عرب سات أو اتحاد الاذاعات العربية أو الجامعة العربية واللجنة الدائمة للإعلام بالجامعة.. فضلا عن عدد من القيادات الإعلامية العربية التي تعمل في وسائل إعلام خارج الوطن العربي مثل البي بي سي العربية، وبعض الإعلاميين الذين يعملون في وسائل الإعلام الجديدة مثل المواقع الإلكترونية وهذان الموضوعان أو بالأحري الإشكاليتان هما: 1- الفضائيات العربية، التي رأي البعض أن وضعها الراهن يشهد فوضي علي جميع المستويات التشريعية والتنظيمية والاقتصادية، فيما يتصل بمسئوليتها الاجتماعية والأخلاقية. 2 - وسائل الإعلام الجديدة بكل أشكالها صحف إلكترونية، مواقع إخبارية، شبكات اجتماعية كالفيس بوك وغيرها، مدونات، إذاعات علي النت، اليوتيوب...... فضلا عن صحافة الموبايل بما تمثله من وسائط جديدة، حيث أبدي المشاركون في الملتقي تطلعهم إلي تطوير العلاقة بين وسائل الإعلام العربية التقليدية وبين هذه الوسائط الجديدة New Media آملين في تطوير أساليب الحوار وفق المعايير المهنية الدولية والقيم الإعلامية. كما كان من الموضوعات الملحة والمثارة بشكل واسع في مداخلات معظم المشاركين موضوع المهنية والاحتراف حيث رأي عدد غير قليل من القيادات الإعلامية أن إعلامنا العربي يفتقر إلي المهنية وربط البعض هذا بقضية حرية الصحافة والإعلام كأشكالية وإن رأي آخرون أن هذا يرتبط بشكل كبير بقيضة التدريب المستمر وبرامج تنمية القدرات المهنية خاصة بالنسبة للإعلاميين الشبان. ورأي المشاركون أن هناك متغيرات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية دولية أثرت علي الإعلام العربي مثل العولمة وهيمنة قوة واحدة علي العالم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وبروز قوي اقتصادية دولية جديدة متمثلة في الصين والهند وثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ودخول المال النفطي إلي صناعة الإعلام وبروز ظاهرة التطرف والنعرات الطائفية والعرقية والآثنية في مختلف دول العالم الثالث من بينها الدول العربية. والإعلام باعتباره لاعبا رئيسيا ومحوريا في كل الأحداث التي تقع في العالم يتأثر بهذه المتغيرات السريعة والمتلاحقة ومن ثم فأنه لابد أن يكون قادرا علي متابعة هذه التطورات وملاحقتها وهذا يقتضي أن يكون علي درجة عالية من المرونة المهنية والاحترافية وأن يمتلك الإعلاميون رؤية واضحة للأحداث. ورغم التطورات التكنولوجية الكثيرة التي يشهدها الإعلام العربي إلا أن البعض رأي أن بعض المؤسسات الإعلامية في بعض الحالات لم تستطع استيعاب هذا التطور التكنولوجي حتي تستطيع أن توظفه بالشكل الصحيح لخدمة العمل الإعلامي، فضلا عن غياب المعايير المهنية لدي بعض الإعلاميين العرب، فضلا عن مساحة حرية الصحافة والإعلام التي يظل الطموح دائما نحو توسيعها كما طرحت قضية التأهيل الإعلامي والتدريب نفسها علي كل جلسات الملتقي، خاصة أن هناك حاجة ملحة ومستمرة لتطوير البرامج الأكاديمية والمقررات الدراسية في كليات الإعلام وأقسامها لتلبي احتياجات سوق العمل الإعلامي التي تتطور بسرعة، وقد طالب البعض بإنشاء أكاديمية عربية للتدريب الإعلامي تخدم جميع الدول العربية، تقدم برامج تدريبية متطورة ومتقدمة.. ودار خلاف حول قضية أخري تتعلق بأجندات وسائل الإعلام المختلفة، حيث طالب البعض بضرورة أن يكون للإعلام العربي أجندة واضحة، ورأي آخرون أن بعض وسائل أعلامنا العربية تركز علي أجندة اهتمامات وقضايا لا تتصل بالاحتياجات الحقيقية للجمهور العربي، مما قد يؤدي إلي تزييف وعي المواطن العربي وشغله بقضايا غير حقيقية وغير مهمة. ومن القضايا التي أثيرت أيضا قضية التخصص في الإعلام العربي، حيث أشار البعض إلي أن الأزمة المالية العالمية الحالية أظهرت أن هناك قصورا واضحا في التخصص الصحفي الاقتصادي وافتقارا لمحررين اقتصاديين متميزين يملكون القدرة علي تحليل هذه الأزمة وتداعياتها. وكان من المحاور المهمة التي ناقشها الملتقي محور تأثير رأس المال علي صناعة الإعلام، وهناك خلاف واضح حول مصادر تمويل هذه الصناعة، ورأي البعض أن العالم العربي يعاني محدودية في مصادر التمويل، ورأي آخرون عكس ذلك متسائلين باستغراب حول منطقية ظهور قنوات فضائية عربية دون أية دراسة جدوي اقتصادية لهذه القناة كمشروع اقتصادي لابد من أن يحقق عائدًا أو ربحا يضمن له الاستمرارية والتطوير وانتهي الملتقي إلي مجموعة من الرؤي والتصورات من أهمها: 1 - تعددية أشكال ملكية القنوات الفضائية ومصادر تمويلها والاستثمار فيها ما بين الملكية العامة والخاصة (شركات.. أفراد...) لكل منها إيجابياته وسلبياته. مما يقتضي اهتمام مؤسسات الإعلام العربية والمراكز البحثية والندوات المتخصصة بدراسة العلاقة بين أشكال الملكية والاستثمار من ناحية ونجاح مؤسسات الإعلام وخاصة القنوات الفضائية من جهة أخري بهدف التوصل إلي فهم أفضل للجوانب الاقتصادية التي يمكن أن تسهم في نجاح المنتج الإعلامي. 2 - دعوة المستثمرين العرب والجهات المانحة لتراخيص بث الفضائيات إلي ضرورة الحرص علي إعداد دراسات جدوي اقتصادية وفنية لهذه القنوات قبل إنشائها ضمانا لجدية هذه المشروعات الإعلامية. 3 - ضرورة التعامل مع أشكال الإعلام الجديد في إطار الالتزام بمبدأ المسئولية الاجتماعية للإعلام ومراعاة المعايير المهنية للإعلام. 4 - أهمية التزام المؤسسات الإعلامية العربية بمبادئ ميثاق الشرف الإعلامي العربي باعتباره مجموعة مبادئ ارتضتها الإرادة العربية المشتركة كإطار للعمل الإعلامي العربي.. مع الوضع في الاعتبار المعايير الاحترافية عند رسم وتنفيذ الخطط البرامجية. حوارات ومناقشات.. اتفاق واختلاف.. تفاؤل وتشاؤم ليس فقط بشأن مستقبل الإعلام العربي.. ولكن بشأن مستقبلنا كمواطنين نعيش في تلك البقعة من العالم.. أعني منطقتنا العربية.. بين من يشعر بالاحباط.. ومن مازال لديه أمل يتشبث به.. كان الملتقي الذي آمل ألا يكون مجرد مكلمة أو محاولة للتنفيس من خلال نخبة من قيادات الإعلام، بل إن تتم الاستفادة من هذه الآراء والرؤي في الانطلاق بالإعلام في دولنا العربية ليسهم بدوره المأمول.