أوائل الثانوية فى الصعيد    فشل المخطط الإسرائيلى    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الأرصاد الجوية تحذر من رياح مثيرة للرمال والأتربة وأمطار رعدية فى بعض المناطق    خالد جلال يستقبل عزاء شقيقه ومحمد ممدوح ومحمد الكيلانى أول الحاضرين    وزارة الصحة تنفى زيادة مساهمة المريض فى تكلفة الأدوية إلى 70% بدلا من 35%    مراسل "الستات مايعرفوش يكدبوا": العلمين تستقبل أعداد كبيرة من سياح العالم    خالد الجندى فى "لعلهم يفقهون": لا تخوفوا الناس من الدين    وزيرة التضامن: 176 سيارة إسعاف لغزة وننسق لإدخال 4 مستشفيات ميدانية    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    "التعليم" تنفي شائعة تغيير إجابات البابل شيت: تصحيح الثانوية العامة إلكتروني صارم    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    بنتايج يعود للتدريبات الجماعية مع الزمالك    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    مصر تفتح أبوابها للاستثمار الخليجي: تفاوض نشط وحوافز غير مسبوقة لتعزيز الشراكة الاقتصادية    رغم انتهاء المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين دون إعلان تقدم.. مؤشرات متفائلة لصندوق النقد    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    قائد الجيش اللبناني: لن نتهاون في إحباط أي محاولة تمس الأمن أو تجر الوطن إلى الفتنة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام في السودان (3)
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 30 - 11 - 2009


مع النخبة السودانية
في القاهرة وفي اجتماع تنويري لقيادات وكوادر حزب الأمة السوداني مع رئيس الحزب الصادق المهدي وقف أحد كوادر الحزب قائلا: "والله يا سيد الصادق صحيح أننا كسبناك في السياسة لكننا خسرنا فيلسوفا كبيرا"، وهذا صحيح فالصادق المهدي مثل النخبة السودانية يتمتعون جميعا بثقافة رفيعة تكاد لا تجدها في أي نخبة عربية أخري. الصادق المهدي علي سبيل المثال له أكثر من نظرية لحكم السودان، منها الديمقراطية التعاقدية، أي القائمة علي عقد اجتماعي وسياسي بين الناس جميعا علي النظام الديمقراطي الذي يرتضونه، ثم عاد بعدها بسنوات قليلة وكتب عن الديمقراطية المستدامة، وربما كان هو أول من استخدم مصطلح مستدامة ومن بعده أصبح هذا المصطلح حاضرا علي مستوي العالم كله ومقرونا بالتنمية.. المستدامة.
أما الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الآن، فهو فقيه دستوري نادر، وقد تختلف معه في توجهاته السياسية، لكنه أيضا كان صاحب فكرة الأممية الإسلامية، وحينما قاد حزبه السابق المؤتمر الوطني انقلابا عسكريا وسيطر علي الحكم منذ 1989 فتح الترابي الأراضي السودانية لكل الفصائل الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وكان يمكن له التجديد في الأفكار الإسلامية السياسية لولا أنه احتضن جماعات الإسلام السياسي العنيفة ودعمها.
وكان الراحل جون جارانج زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان زعيما سياسيا لا يشق له غبار، وحمل أفكارا للسودان الجديد قائمة علي التنوع والتعدد وحقوق المواطنة قبل أن تنتشر هذه الكلمة بعد ذلك في كل أنحاء العالم، لكنه بدلا من أن يسعي لبناء هذا السودان الجديد الذي بشر به ساهم في تكريس فكرة الانفصال بين شمال السودان وجنوبه.
وحين يتأمل أحد النخبة السودانية الثرية في أفكارها وحركتها لا بد وأن يتساءل، لماذا لم تفلح هذه النخبة في انتشال بلادها من الفقر والحرب ومخاطر التمزق؟.. وهل هذه النخبة نعمة أم نقمة؟
مشكلة السودان الحقيقية أنه وقع وسط تقاطعات عالمية لا طاقة له به، فهو بلد عربي بالجغرافيا والحكم، لكنه أفريقي بحكم الجغرافيا أيضا والتركيبة السكانية، وكان حلم النخبة الدائم أن يكون السودان هو الجسر الذي تلتقي عليه العروبة والأفريقية.. لكن هذه الأحلام كانت تواجه دائما بمشروعات دولية تريد نزع السودان من محيطه العربي وإبقائه فقط ضمن الحزام الأفريقي جنوب الصحراء الذي يفصل المنطقة العربية في القارة السمراء عن محيطها. وبينما يعتبر السودان واحدًا من أكثر البلاد في العالم تنوعا بين الأديان واللغات والثقافات والأعراق، فإنه لم يفلح في إذابة كل هذه الاختلافات في بوتقة واحدة ليصنع منها هوية سودانية يرتضيها الجميع.. ولم يصبح هذا التنوع خلاقا ولا وسيلة للتعايش وإنما تحول إلي طريقة للخلاف والنزاع والحرب والتداخلات الخارجية.
ورغم إدراك النخبة السودانية لهذه التحديات العظيمة التي تواجه بلادهم، ورغم وجود انتاج سياسي وفكري كثيف للتعامل مع الوضعية الجغرافية المميزة، فإن المشروعات الأجنبية التي استهدفت وما تزال السودان يبدو أنه كان لها الكلمة الأولي والأخيرة في هذا البلد الأكبر في أفريقيا من حيث المساحة، والأغني من حيث الطبيعة، والأكثر ثراء من حيث البشر.. لكن لايبدو أيضا أن كل ذلك تم تجنيده لصالح الحفاظ علي وحدة السودان، وتحول من نعمة إلي نقمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.