انتشر في الآونة الأخيرة في العالم الغربي ما يعرف بالمنازل الذكية وهي منازل تشبه أي تجمعات سكنية معتادة إلا أن بها مميزات تكنولوجية متطورة مثل تحكم صاحب الوحدة السكنية أو الإدارية عن بعد في كل ما يمكن تصوره، فهو في خارج المنزل يستطيع معرفة من قام بزيارته واستقبال الفاكسات والبريد الإلكتروني حيث كان بل ويستطيع تخفيض الإضاءات بمنزله أو إيقاف التليفزيون أو تشغيله بل وسداد الفواتير إلكترونيًا... إلخ. ورغم انتشار هذه المنازل في الخارج إلا أنها لاتزال محدودة جدًا في مصر تقدر بالعشرات متركزة في المدن الجديدة بالقاهرة الجديدة وأكتوبر وبعض المدن الكبري مثل الإسكندرية. ويقول الدكتور أحمد أبو النور استشاري الاقتصاديات الحرجة والأزمات والخبير بالأمم المتحدة لعل من أهم العناصر الحاكمة اليوم في اقتناء منزل؛ هما عنصر السُّكني والمضاربة العقارية؛ واللذان يشكلان في مجموعهما جانب الطلب في أسواق العقارات الجاهزة؛ واللذان يحركان الطلب صعودًا وهبوطًا.. أو في ميله النسبي؛ أو توازن الطلب بينهما في توقيت أو ظروف أخري.. إلخ. إنما يختلف ذلك في توجهاته - كجانب طلب - وفي تحركاته وقراءاته للمستقبل، ليس فقط تأثرًا بأسعار الوحدات النهائية.. ولكن علي العديد من العناصر.. بدءًا من أسعار الخامات الداخلة في البناء مرورًا بكل القوانين ذات الارتباط.. وانتهاءً بالأسعار العالمية والتي تؤثر علي المتاح للسوق سواء ما بقي للبناء الوطني بعد التصدير أو تأثرًا بأسعار ما يتم استيراده. ويضيف: ويظل الهاجس الاقتصادي لاعبًا لدور البطولة في المنظومة العقارية، من حيث متوسط قدرة السوق المتوسط والأدني والأعلي علي الدفع في مقابل وحدة سكنية بمواصفات ترضي القائم بالشراء وتتوافق مع دخله. ولعل إضافة المزيد من الميزات لجميع أنواع المستويات من المنازل، لن تناسب الجميع.. ولأنها تمثل عبئًا إضافيًا يرفع من سعر الوحدة المعروضة للبيع في سوق أغلبه من الفقراء ومحدودي الدخل، وبما يعني أن إضافة المزيد من الميزات ذات التقنيات العالية إنما سنراها تتجاوب - فقط - مع شريحة محددة وضئيلة بالمجتمع، ولطالما أنه يتم تنفيذها علي نطاق محدود. ويوضح أن ذلك يقودنا مباشرة للحديث الذي نراه يتردد بين الفينة والأخري - خاصة للعائدين من الخارج الخليجي والغربي - عن الإسكان الذكي.. أو المنازل والوحدات الإدارية التي تُدار رقميًا - إلكترونيًا - من خارجها.. ويشير "أبو النور" إلي أن المنازل الذكية وإن كانت كمنازل تشبه أي تجمعات سكنية معتادة، إلا أنها تشهد منافع فردية ومشتركة لقاطني المبني مجتمعين.. وكمميزات تكنولوجية متطورة مثل تحكم صاحب الوحدة السكنية أو الإدارية عن بعد في كل ما يمكن تصوره، فهو خارج المنزل يستطيع معرفة من قام بزيارته.. ويستطيع استقبال فاكساته وبريده الإلكتروني حيث كان.. بل ويستطيع تخفيض الإضاءات بمنزله.. أو إيقاف غسالة الأطباق مثلاً والتي تركها تعمل قبل أن يغادر المنزل، بل وقد يتم تزويد بعضها بما يمكنه من متابعة الحالة الصحية لمالك الوحدة مثل قراءة بنفسه بصورة دورية والإبلاغ عند أي تدهور في حالة المالك الصحية.. بل وسداد الفواتير إلكترونيا.. إلخ من المميزات والتي قد تبدو في مجتمعات كمصر من الترف الزائد مجرد محاولة الحوار بشأنها! ويقول "أبو النور": إن هذا النظام والمأخوذ به جزئيًا علي نطاق واسع في مجال الحماية تحديدًا، لن تكون مفاجأة إذا ما قلنا إنه لربما - بمعالجات وشروط معينة - سيكون الأنسب لمجتمعات الدخل المتوسط بل والضعيف! ويشير إلي أن أي تكنولوجيا جديدة أو حديثة العهد بالتطبيق، إنما لابد حين تطبيقها من استهلاك تكلفتها، والتي يسعي المنتج أن تكون فترة الاسترداد لأمواله المستثمرة في التكنولوجيا فترة استرداد سريعة هكذا هو عالم الاستثمار، وبما يعني حتمية ارتفاع تكلفة تطبيق التكنولوجيا - أي تكنولوجيا - في بداية تطبيقاتها المحدودة، ولأن الإنتاج سيكون علي أضيق نطاق.. وبما يعني - بالضرورة - وجوب ارتفاع التكلفة علي أوائل المبادرين باستخدام أو اقتناء هذه التكنولوجيا المُنتجة. ويدعو الخبير بالأمم المتحدة إلي فتح الأبواب أمام المستوردين ومن ثم المنتجين -في مرحلة تالية أكيدة- بل وفتح شهيتهم علي المزيد من الإنتاج والذي مع توسعه سينخفض سعره لا محالة. ويقول: إذا ما تصورنا تطبيقه كنموذج مصري بمدن جديدة يتم إنشاؤها، تعتمد كلها علي تكنولوجيا تدريجية تبدأ بربع ذكية.. ثم تتطور مع مدن جديدة أخري لنصف ذكية.. وانتهاء بنهضة عمرانية تشمل إنشاء تجمعات عمرانية ومحافظات جديدة، ستكون النتيجة الأغرب فعلا أن مثل هذه التكنولوجيا -تكنولوجيا البيت الذكي- ستكون الأوفر والأكثر اقتصادية. ويضيف: ولأنها علي سبيل المثال لن تترك صاحب مسكن تاركا لمصابيح منزله مضاءة طوال فترة سفره -لأنه قد نسيها- مثلا- ولن يتحمل مثلا بتكلفة شراء جهاز قياس للسكر أو ضغط الدم.. إذ سيكون متاحا كخدمة ذكية له ولجيرانه ودونما تعارض في الاستخدام، بل ستوفر أمانا أكثر متنوع الاتجاهات.. فلن يكون المواطن مطالبا بفتح باب مسكنه لقراءة عداد كهرباء أو غاز أو دفع فواتير استهلاكه للمحصلين، بل سيكون هذا وهو بعيد تماما ولربما في قارة أخري ويعلم مَنْ قام بزيارته وأنه قد تم دفع الفواتير.. إلخ. ويقول: لكن قد ذهبت دراسة أكاديمية حديثة نسبيا إلي أن كليات الهندسة؛ إنما لا تقوم بدور فاعل في تأسيس الوعي المعرفي المطلوب لترسيخ فهم المهندسين الجدد -والذين حتما سيعاصرون هذه النقلة النوعية- بثقافة المنزل الذكي. ويضيف "أبوالنور": هاجس نقص المعرفة والخبرة لديهم.. من أهم عوائق التناغم اللازم مع مثل هذه النوعية من الإسكان، ولأنهم أحد أهم عناصره الاقتصادية المستقبلية، فمع ندرة المهندسين العارفين والخبراء في هذا المجال وبالتبعية ندرة المساعدين، ستتلاشي بعض الميزات الاقتصادية الناتجة عن وفرة أو كثافة التطبيق.. ومع ندرة الخبراء -لابد- من ارتفاع تكاليف استخدامهم.. وبما يرفع مرة أخري من تكلفة ما كان يمكن أن يكون أكثر اقتصادية.. لو تم التخطيط لتخريج خبراء من الآن.. إن لم يكن من زمن سابق! ويوضح الدكتور فيصل حسنين المستشار المعماري لرئيس هيئة قصور الثقافة أنه بالرغم من انتشار هذه النوعية من المنازل في مختلف دول العالم المتقدم وعلي رأسها اليابان وألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية إلا أن نصيب مصر ومن ثم الدول العربية باستثناء الخليجية محدود للغاية، حيث لا تتعدي هذه المنازل العشرات في مصر أغلبها يملكه المليونيرات وأباطرة البيزنس متوقعًا أن تنتشر هذه النوعية من المنازل في المستقبل مع خفض تكلفة هذه المنازل وعرض التكنولوجيا بأسعار رخيصة أمام المواطنين في مصر والدول العربية وأفريقيا. وعن أماكن انتشارها في مصر يقول: تتركز المساكن المحدودة من هذه النوعية في مصر في مناطق أكتوبر والقاهرة الجديدة وبعض المناطق الراقية بالقاهرة الكبري مثل المهندسين وجاردن سيتي ومدينة نصر وإن كان عددها لا يتعدي بضع منازل في هذه المناطق بالإضافة إلي عدد محدود بالإسكندرية. ويضيف أن هذه المنازل موجود عدد لا بأس به في دول الخليج وخاصة دبي بالإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين فيما لا تكاد تذكر في الدول العربية والأفريقية الأخري. ويرجع الدكتور مسعود حسب النبي أستاذ الهندسة والتكنولوجيا بجامعة جنوبالوادي عدم انتشار مثل هذه النوعية من المساكن في مصر إلي ضعف القوة الشرائية لدي المواطن المصري بالإضافة إلي الأمية التكنولوجية مشيراً إلي أن العديد من الأثرياء لا يستخدمون هذه التكنولوجيا ليس لارتفاع تكلفتها فقط ولكن خوفاً من الضرائب وخاصة بعد تطبيق قانون الضرائب العقارية.