عن ظاهرة الإرهاب الإلكتروني بأبعادها المختلفة، وانتشار ما يسمي ب"أمن الفضاء الإلكتروني"، ودخوله في استراتيجيات الأمن القومي لبعض الدول، بهذا المدخل تأتي دراسة "الإرهاب الإلكتروني.. القوة في العلاقات الدولية: نمط جديد وتحديات مختلفة"، من إعداد عادل عبد الصادق الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ضمن دراسات الصراع الإلكتروني، ويعد موضوعها - ليست الأولي والأخيرة - حديثا ومستحوذا علي الاهتمام الدولي، وتربط جرائم الإنترنت والإرهاب الإلكتروني بصراعات عصر المعلومات وحروب المستقبل. الدراسة رغم ذلك تتناول بالتحليل دور الفضاء الإلكتروني الإيجابي في إحداث التحوّلات والتغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحميدة داخل النظام الدولي، بدءا بتعزيز الانفتاح السياسي والتحول الديمقراطي، أو ما يعرف ب"الديمقراطية الرقمية"، وأخيرا "الدبلوماسية الإلكترونية" التي تعني في بعض جوانبها الانفتاح العالمي علي ثقافات مختلفة. علي الجانب المقابل ترصد الدراسة معالم "مجتمع المخاطر" في إشارة إلي الثورة التكنولوجية وظهور نمط "القوة الإلكترونية"، ويصف الباحث هجمات الفضاء الإلكتروني بالإرهابية أكثر من كونها حربا أو عملا عسكريا، أو ما تسميه الجماعات الأصولية "الجهاد الإلكتروني"، وهو كل ما يدخل في الاستخدام غير السلمي للفضاء الإلكتروني، ويؤكد عبد الصادق أن أحداث 11 سبتمبر شكّلت تحديا عظيما واجه الفضاء الإلكتروني، وجعل منه قضية أمنية بامتياز، وما عزز - برأيه - من أخطار الإنترنت ضعف الحماية وعدم وجود أطر قانونية واضحة لاستغلال الفضاء الإلكتروني، ولهذا ليس غريبا أن تصبح عملية تنمية القدرات في مجال الفضاء الإلكتروني من الركائز الأساسية للاستقرار السياسي. ما يتوصل إليه عبد الصادق أنه علي الرغم من سعي الجماعات الإسلامية إلي أن تصبح قوة إلكترونية مهمة وقادرة علي إنزال أضرار جسيمة أعظم وأشد من مجرد هجوم إرهابي تقليدي، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الطموحات والقدرات الفعلية، ورغم إدّعائهم النية في مهاجمة أهداف اقتصادية عالمية علي الشبكة العنكبوتية، إلا أن شبكات المواقع الإسلامية لم تقدم أية أدلة إلي الآن علي أن هجمات من هذا النوع قد تم تنفيذها، واقتصر هجومها علي المواقع الفاسدة أخلاقيا أو المعادية للإسلام، ولم يتعد حجم التأثير بالضرر القرصنة أو تخريب المحتوي، ومن ثم فإن تأثيرها الإلكتروني يشكل إزعاجا أكثر منه تهديدا فعليا.