علي خلفية الضجة المثارة حاليا حول ترجمة ديوان الشاعرة المصرية إيمان مرسال "جغرافيا بديلة" إلي اللغة العبرية، وما أثاره ذلك من ردود فعل متباينة ما بين منتقدة للشاعرة ومدافعة عنها، أقامت ورشة الزيتون ندوة لإعادة مناقشة قضية التطبيع، ووصف الروائي يوسف القعيد ترجمة الديوان "بالتطبيع المجاني الذي يدوس علي الثوابت الأساسية التي تقول إن إسرائيل تشكل خطرا علي مصر، وإن تركت كل الأماكن المحتلة"، واعتبر أن مشكلة مرسال تكمن في مباهاتها بترجمة ديوانها إلي العبرية واتصالها لعشر سنوات بالمترجم الإسرائيلي ساسون سوميخ، وقال: "مشكلتها الأخطر أنها لا تدرك دلالة كلمة التطبيع، مثلها مثل الأجيال الجديدة"، وأوضح أن كلمة "التطبيع" تعني عودة الأمور إلي طبيعتها قائلا: "ولم تكن هناك يوما أمور طبيعية بيننا وبين إسرائيل"، وفرق بين الموافقة علي ترجمة العمل إلي العبرية، وبين أن يتم ذلك بأسلوب القرصنة من وراء الكاتب، مشيرا لراويتيه "يحدث في مصر الآن" و"الحرب في بر مصر" اللتين ترجمتا بنفس الأسلوب. واعتبر القعيد أن أخطر شيء يصيب المثقفين هو إعادة تعريف البديهيات، مشيرا للوهن الذي أصابهم في تعاملهم مع قضايا التطبيع، وانتقد موقف الكاتب المسرحي علي سالم الذي دافع عن الشاعرة في تحقيق نشر بجريدة الحياة اللندنية الذي أشاد فيه بترجمة الديوان، وذكر الأسباب الأربعة التي ساقها المترجم في مقدمته للديوان لاختياره ترجمة عمل للشاعرة إيمان مرسال وهي: "أنها تختلف في شعرها عن التراث الشعري العربي، وأنها لا تلق بالا للهم الاجتماعي أو الوطني أو القومي، وأنها تبحث عن وطن بديل، وأنها تملك تجربة سابقة في العمل ضمن أوساط اليسار المصري". ومن ناحيته فتح الشاعر شعبان يوسف ملف الوقائع التي حدثت في الفترة الأخيرة وتخترق مفهوم التطبيع مع إسرائيل واصفا إياها "بالواهنة" ومنها زيارة السفير الإسرائيلي لهالة مصطفي، رئيس تحرير مجلة "الديمقراطية" الصادرة عن مؤسسة الأهرام بدون استئذان أي من جهات الدولة السيادية، واستضافة الموسيقار الإسرائيلي "بارنبوم" بالأوبرا، وتنازل المجلس الأعلي للثقافة عما أسماه "بمبدأه" في ترجمة الأدب الإسرائيلي من لغات وسيطة، وتساءل يوسف عن السبب الذي دعي مرسال للإصرار علي إقران اسمها برواية "بيرة في نادي البلياردو" التي يحب فيها البطل فتاة يهودية، وقال: "لا يوجد مكسب ثقافي مما فعلته مرسال، هو مكسب سياسي متمثل في الجوائز والمؤتمرات"، وأضاف: الترجمة مدانة إن لم تكن تحت شعار "اعرف عدوك". ومن جانبها وصفت الروائية أمينة زيدان تدرج حدث ترجمة الديوان "بالكذب والغش والمؤامرة" وقالت: إن كانت إيمان مرسال تبحث عن جغرافيا بديلة فهي حرة، لكن علي مترجمها ألا يدعي أنه اقتصر في ترجمته علي الأعمال النثرية الجديدة، التي تتناول قضايا الجسد والذات بعيدا عن قضايا الوطن، بينما أعلن الدكتور فخري لبيب عن رفضه التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وفي نفس الوقت لا يقف ضد ترجمة الكتب الإسرائيلية إن كان ذلك وفق مبدأ "اعرف عدوك".