مع حلول الذكري المئوية لتأسيسه،فتح جهاز المخابرات البريطاني أو ما يسمي (إم آي 5) أرشيفه للمؤرخ كريستوفر أندرو،ليطلعنا علي العديد من الأسرار التي لم يسبق لأحد الإطلاع عليها منذ تأسيس هذا الجهاز العريق.. يبدأ أندرو في كتابه "الدفاع عن المملكة" بسرد تاريخ الجهاز منذ بدأ بمكتب صغير بولاية فيكتوريا علي يد النقيب فيرنون كيل في أكتوبر عام 1909 بهدف استئصال "جواسيس القيصر" الألمان،وقد ضم المكتب 17 موظفا -بما في ذلك كيل- وسعي لتوظيف العملاء خصوصا خريجات الجامعة من الإناث مع بداية الحرب العالمية الأولي لاصطياد الجواسيس الألمان في بريطانيا،وبالفعل كان الاختيار موفقاً ونجح الجهاز في القبض علي كل الجواسيس بحلول أغسطس 1914 وقد صادفت البداية الناجحة العديد من التحديات التي نجح الجهاز في تجاوزها بمساعدة تشرشل،وهو ما أسس للنواة القوية للمخابرات البريطانية حتي الحرب العالمية الثانية عام 1939،حيث ازداد التهديد الروسي وتعاظم الخوف علي ترسانة السفن العسكرية من الاختراق السوفيتي وقد امسك الجهاز ببعض الجواسيس الروس لكنه أخطأ وظن أنه قضي علي تواجد النشاط الروسي وهو ما تبين عدم صحته بعد كشف تجنيد خمسة عملاء جدد.. وما بين صعود وهبوط يحكي أندرو عن مساهمات المخابرات البريطانية في المساهمة في تحول الإمبراطورية لكومنولث وفي إحباط مؤامرة تدمير الجيش الجمهوري الأيرلندي لإمدادات الكهرباء،وقضية مايكل باتني ضابط المخابرات البريطاني الذي حاول التجسس لصالح السوفييت،بالإضافة لدور النساء ولأسلوب التدريب وأخيرا الانتقال من مكافحة منظمات الجاسوسية لمكافحة المنظمات الإرهابية. وقد سمحت المخابرات للمؤرخ أندرو بالإطلاع علي أكثر من 700 ألف ملف من ملفاتها المغلقة للقيام بعملية التأريخ الموثقة والتي تم مراجعتها رسميا من قبل الجهاز ليس فقط علي سبيل التفاخر وإعلاء الشأن ولكن ليكون هناك مرجعية غير مشكوك فيها بإذن من المخابرات تركز علي نقاط القوة وتخفي نقاط الضعف بالإضافة لإنكار بعض التهم والشكوك التي لاحقت الجهاز،باعتبار مادة الكتاب موثقة. في كتابه يحاول المؤرخ كريستوفر أندرو أن يسد تلك الفجوة المفقودة في عمليات التأريخ لنشأة وتطور أجهزة الاستخبارات التي تبقي سرية وغامضة بكتابه المتميز والذي تبلغ عدد صفحاته 1088،ليصبح بمثابة أول مجلد أو مرجع ضخم يخترق عالم المخابرات شديد الخصوصية.