يقال ذلك في حلبات السباق عندما يفوز به من لا يتوقعه أحد ولم يراهن عليه أحد ولكن هذه المرة ليس حصانا وليس أسود بل أنثي بيضاء من الاتحاد الأوروبي ومن الجهة الشرقية الفقيرة نسبيا ومن دولة ليس بها سوي بعض الخضر والفاكهة والجبن الأبيض واللحم الأبيض أيضا؟! فلقد فازت علي غير توقع من الجميع في كل أرجاء العالم الوزيرة السابقة للخارجية البلغارية تلك المرشحة إيرينا بوكوفا التي حصلت علي صوتين فقط في الجولة الأولي في مقابل اثنين وعشرين صوتا حصل عليها وزير الثقافة المصري أي أكثر من عشرة أضعاف ما تملكه من أصوات!! ولقد كتب الكثيرون في هذا الموضوع ومازال صداه في الأذهان وطعمه في الأفواه ولكن وبصراحة فلقد كسبت مصر وخسر العالم كله في تلك الانتخابات. لقد كسبت مصر وزيرا للثقافة اقترب من قامة ثروت عكاشة في حجم انجازاته لمصر وعدد مشروعاته الكبيرة للثقافة وهو بالمقارنة من أفضل وزراء الثقافة العرب والأفارقة بل وعلي المستوي العالمي فاروق حسني ابن الإسكندرية عاصمة الثقافة المصرية طوال القرن الماضي وصاحبة التاريخ الثقافي منذ عصر اليونان والرومان والعصور التالية لهما صاحبة أول مكتبة في العالم بل وآخر مكتبة في العالم أول جريدة مصرية خاصة وهي الأهرام في بدء إصدارها وأول بلاتوه للتصوير السينمائي في مصر قبل القاهرة، الإسكندرية التي بدأ فيها أول عرض للسينما في مصر ومنها خرج الشعراء والأدباء والفنانون والتشكيليون والمسرحيون والمذيعون ومنها أيضا جمع كبير من المثقفين والمفكرين وأصحاب الرأي ولولا طغيان العاصمة ومغرياتها لمالت كفة الميزان للإسكندرية مرة أخري. الوزير المصري الذي قام بالإطلاع والتخطيط والتنفيذ لكل المشروعات الثقافية العملاقة في مصر وتناولها بإحساس الفنان التشكيلي الذي يمتلك رؤية خاصة لها منظور يعلو علي المستوي المعتاد وله الأسلوب المحكوم برؤية وأنامل وفرشاة الفنان!! هو نفسه المسئول عن كل الإرث الثقافي والحضاري لمصر التي يتجاوز عمرها الثقافي آلاف السنين ويتعدي فيها التنوع الثقافي مئات الرؤي من عصر القدماء وحتي العصر الحديث هو نفسه الإرث الذي يحمله الرجل في كل أنفاسه وهو لو تعلمون لإرث عظيم الغريب أن نصف سكان العالم يعرفون ويعلمون ويدركون ومنهم مئات الآلاف قاموا برؤية مصر والسياحة في مصر والقراءة عن مصر ومتابعة ما تطرحه مصر من ثقافة حقيقية وإضافة إيجابية للحضارة العالمية الحديثة ويعرفون أنها أم الحضارات وأم الثقافات وأم الفنون والآداب والعلوم والتاريخ مصر صانعة حضارة ولا تأتي الحضارة إلا في ركاب السلام وفي عباءة الروحانيات قبل أن تفيق دنيا البشر من الفطام ما هي إلا الحقد والحسد والغيرة والغل التي هي من طباع الغواني والعاهرات خاصة من إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل. ولكنها السياسة قاتلها الله؟! السياسة التي جعلت كهنة الظلام الديني في مصر يحاولون إبعاده عن الثقافة باعتبارها حائط الصد لأفكارهم السوداء أتذكرون يوما طالبوه بالاستقالة لسبب تافه يتعلق بشيء مظهري لا يقدم ولا يؤخر ولا يدل علي التقوي لأن محلها القلب الرجل هاجمته جماعة الإخوان المحظورة وهاجمته أيضا جماعات اليهود أدعياء الديمقراطية والتقي الجمعان؟! هم أتباع اليهودية المغشوشة الملوثة بدماء أهل فلسطين وهؤلاء أتباع التدين المظهري الطائفي المغشوش كما أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع ثقافي في المقام الأول حيث أن الثقافة الحقيقية هي مجمل حياة الناس بما فيها من القيم والمبادئ وحب الحياة والفن والأدب والجمال ليست ثقافة الموت والقبور والنشور وهي ليست ثقافة اللعب بالدين كما يفعلون لكسب المال والجاه والأصوات بالباطل ولقد التقت مبادئ الجماعة في تل أبيب مع الجماعة المحظورة في كراهية الوطن جماعة طظ في مصر وكل من يحاول رفع اسم مصر في أي مكان حتي في اليونسكو لقد وصلت كراهية الوطن إلي حد الشماتة في قياداته ووصل التطلع للحكم حدودا سحيقة في البغض لكل ما هو من طرف الحكومة أو له علاقة بها وتبقي أي كارثة موضع تشف ضد النظام وضد المعتدلين في هذا الوطن ولا فرق بين شارون وأهله وبين من يعيشون بيننا بفكر متخلف ونفوس مريضة متطلعة لما هو ليست كفؤا له وهو حكم مصر. كان اللعب علي المكشوف بين القوي الإسرائيلية وبين بقية العالم من بين عناصر اللعبة تعيين مندوب يهودي الديانة قبل الانتخابات بعشرة أيام مهمته هي محاربة كل خطوات المرشح المصري والتحريض علي البعد عن اختياره والتواطؤ الدائم بين الولاياتالمتحدة والولاية اللقيطة إسرائيل تماما كما فعل أعضاء المحظورة في مجلس الشعب الذين يدعون أنهم مستقلون في استدراج الوزير في أكثر من مرة كي يقتطعوا من كلامه ما يستفيد منه الصهاينة لديهم الجانب الأسود من الثقافة وهو ثقافة الرجعية والانغلاق والعودة للوراء والتمسح بأهداب الدين مثل من يستخدمون الدروع البشرية في الحروب حسابهم عسير في التاريخ وفي المستقبل أيضا. نصيحتي إلي فاروق حسني لن تجد كلمة أبلغ مما قالها السيد الرئيس بل وأقترح عليك قضاء إجازة قصيرة في الإسكندرية تجلس فيها علي مقهي فاروق في حي بحري وتتمشي في شارع سوق الميدان وشارع إسماعيل صبري وعلي الشاطئ ما بين قلعة قايتباي وقصر الثقافة بالأنفوشي وتستمتع بهواء السيالة ورأس التين مع غداء عمل من أسماك المياس والبربون مع السبيط والجمبري والكابوريا والأرز الصيادية الأحمر والطرشي البلدي ثم تحبس بواحد شاي في البيت القديم الكبير في حي الجمرك أو في فيللا شهر زاد العجمي حيث تقع في الشارع الذي يحمل اسم وزير الثقافة الأسبق عبدالحميد رضوان حينها تشعر أن الدنيا كلها ملكك وأن العالم كله يؤيدك ويقدرك ويعتز بك مثل الحصان العربي الأصيل الذي لا يقدر بثمن والذي لن يمتلكه أحد خارج الإطار الفني العربي الأفريقي المسلم عزيزي فاروق حسني لقد خسرتك اليونسكو ولكنك كسبت نفسك وتاريخك في مصر.