تقليد جديد هذا العام استحدثه المثقف الفاعل د. فوزي فهمي رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي حيث كانت المحاضرة الممختصرة التي ألقاها ريتشارد شيكنر تحت عنوان رسالة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وهو المهرجان الذي يمثل رؤية مصر للمسرح التجريبي المعاصر، ويشكل العلامة الأساسية لمشروعها التجريبي المسرحي الحالي والمستمر للعام الحادي والعشرين علي التوالي. واللافت للانتباه أن تصبح فكرة المحاضرة عن جدوي المهرجان والهدف منه، وذلك في المسرح الكبير بحضوره الحاشد في دار الأوبرا المصرية، وبلغة عربية وأخري إنجليزية وعلي الهواء مباشرة لعدد من المحطات التليفزيونية المحلية والعربية والعالمية، في احتفاء واضح بالنقد المسرحي وترسيخ لفكرة المعرفة النظرية حيث يقف وراء المهرجان كما جاء في المحاضرة القيمة مجموعة من الأفكار تحدد خصائص التجريب وجوهره ووظيفته في محاولة سهلة وعميقة لاستخلاص للنظرية التجريبية المسرحية المعاصرة من منظور عالمية الفن المسرحي. حيث يمكن اعتبار جوهر التجريب هو دفع الحدود مسافة أبعد، وتوسيع الآفاق ومساءلة الثوابت القائمة وتحديها، وخلق مجتمعات من الفنانين والجماهير، قد تكون مؤقتة لكنها قوية، حيث يمكن للناس العبور مراراً وتكراراً، جيئة وذهاباً بين الفعلي والمتخيل إلي ما لا نهاية. فإذا كان العلم التجريبي يعتمد أساساً علي طرح الفرضيات واختبارها ثم مراجعتها، فالتجريب الفني يتأسس علي التجسيد، وتوظيف الرمز والاستعارة واللعب علي كل أوتار الخيال البشري. أما خصائص المسرح التجريبي المعاصر فهي التي تقع ما بين الطليعية التاريخية في أوروبا خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، وتمثلت هذه الحركة الطليعية الأولي في المذهب الواقعي الذي سرعان ما استدعي نقائضه مفجراً اتجاهات معارضة، فظهرت الرمزية والمستقبلية والتكعيبية والتعبيرية والدادية والسريالية وغيرها. ثم الطليعية الحديثة والمعاصرة والتي تمثل تيارات المتطلعين للمستقبل الذين يمزجون الأداء الحي بوسائط الاتصال والانترنت، وتيار الطليعية القائمة علي التداخل بين الثقافات والتي تسعي لإنتاج أعمال فنية تتسم بالوحدة والاتساق علي الرغم من التناقضات العميقة بين الثقافات، وتيار الطليعية الباحث عن التقاليد والذي يسعي لإعادة إنتاج واكتشاف الأنشطة القديمة ويعتمد علي النماذج الفطرية المسرحية حيث منابع الفن البريئة الأولية. أما الهدف من المشروع التجريبي المسرحي المعاصر فهو السعي نحو خير الإنسانية وسعادتها في محاولة لاستثمار الخيال البشري في حل توترات زمننا المعاصر زمن الأزمات والصراعات العنيفة والحاجات الإنسانية التي لا تجد من يلبيها. هكذا حاول الأستاذ الأكاديمي ريتشارد شيكنر أن يوظف معرفته الدرامية للإجابة عن سؤال يطرح نفسه كل عام وبصيغة اتهام في معظم الأحيان ألا وهو: ما جدوي مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي؟