وسط مجموعة من الآراء المتباينة حول المجموعة القصصية الجديدة "كود ساويرس"، أقامت مكتبة "نفرو" حفل توقيع وندوة لمناقشة للمجموعة، حضرها مؤلف المجموعة محروس أحمد، وحضرها الناقد الشاب مدحت صفوت والشاعر السعدني السلاموني والناقدة فاتن حسين، وأدار الندوة الروائي إبراهيم عبد المجيد. بدأ الكاتب إبراهيم عبد المجيد الندوة بإلقاء الضوء علي أهمية مؤازرة وتشجيع شباب المبدعين، مشيرا إلي تقصيره في أداء هذا الدور خلال العشر سنوات السابقين، حيث اعتزل الحياة الثقافية مكتفيا بإنتاجه الإبداعي، ويري عبد المجيد أن الكتاب الآن ينقسمون إلي فريقين أولهما فريق الكتاب الحقيقيين ممن يكتبون إبداعا يخلد نفسه بقوته وتفرده، والفريق الثاني أسماهم بفريق "التيك أواي" تماشيا مع روح عصرهم. واستعرض جذور وتاريخ القصة القصيرة في مصر، منذ أن بدأها يحيي حقي وطورها يوسف إدريس وصولا لما آلت إليه حتي الآن علي أيدي الحداثة والحداثيين وروح العصر الحديث. ثم تناول الناقد مدحت صفوت المجموعة التي تتكون من واحد وعشرين قصة، حرص الكاتب علي الفصل بين كل منها بنص، لدرجة أن المجموعة ممتلئة بالنصوص أكثر من القصص القصيرة، لدرجة تجعلها أقرب إلي "الخواطر"، وأرفق الكاتب المجموعة برؤية ذاتية تجاه رقم تليفونه المحمول، حيث جعل من رقم تليفونه عنوانا لكل تقسيم في المجموعة، بدءا من العنوان الرئيسي الذي يوضح فيه أنه ليس 010 وانما هو 012، أي تبع شركة "موبينيل" التابعة لعائلة ساويرس تلك العائلة الرأسمالية بمصر، ولهذا أسماها "كود ساويرس"، وشرح في داخل كل قصة أهمية السبعة أرقام التي تلي الكود الرئيسي "012" بالنسبة له ومدي تأثيرها في حياته، وقد مجد الكاتب في بداية المجموعة رقم "الصفر" الذي يبدأ به الرقم ويتوسطه، مما يذكرني بجماعة من أتباع فيثاغورس عاشوا في العصر البطلمي، وأطلق عليهم "عبدة الصفر". ويري صفوت أن شخصيات مجموعة "كود ساويرس" تعاني من فراغ جسدي وأزمات مختلفة، ونجد الروابط واضحة ما بين أرقام التليفون وشخوص المجموعة، وسيطرت علي المجموعة لغة شعرية، كما جاء الزمن مبعثرا، وتنطلق أشخاصها من مساحات فلسفية وجودية لها علاقة بنوعية السارد في كل قصة. أما الناقدة فاتن حسين، فتري أنه لا صلة بين الأرقام وقصص المجموعة، وأن الكاتب بالغ في الاحتفاء بموهبته، ووقع في شرك الكتابة غير الهادفة، نجده مثلا اختار أن يكون عنوان المجموعة "كود ساويرس" وليس "شفرة ساويس" رغم عروبته، وقد شعرت أثناء قراءتي للمجموعة أنني أمام كاتب ميتافيزيقي متقوقع علي ذاته، ربما هو نوع من الاحتفاء بالذات، فهو عاشق لذاته كالصفر الذي شبه نفسه به في بداية المجموعة، والمجموعة عبارة عن مونولوج داخلي لم يستفد منها القارئ بشيء، ومن الملاحظ أن الكاتب هنا يحتفي طوال العمل بذكورته وفحولته وحرصه علي وجود الأنثي وهو ما يبدو واضحا في قصة "في مقهي الفانتازيا" التي ركز فيها علي مشاهد الجنس الصريح. ومرة أخري جاءت آراء الشاعر السعدني السلاموني مختلفة عما قالته سابقته الناقدة فاتن حسين حيث أكد أننا أمام بذرة كاتب مهم، يعتمد في كتابته علي اللغة القوية المغايرة، التي تقترب من اللغة الشاعرة، وأكد أن المجموعة تحتوي علي بناء درامي متماسك، استفاد فيه استفادة واضحة من الرصيد السينمائي، وطالب النقاد أن يترفقوا بأصحاب الأعمال الأولي من المبدعين الشباب، ولا يقسون عليهم.