أقامت دار "العين" للنشر ندوة لمناقشة كتاب المفكر الماركسي الكبير الدكتور سمير أمين "في نقد الخطاب العربي الراهن"، حضرها الدكتور جلال أمين الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبد الفضيل والمفكر الكبير السيد ياسين، إدارتها الدكتورة فاطمة البودي التي قالت إن سمير أمين مفكر موسوعي ومتفرد في أفكاره وأبحاثه حتي لو اختلفنا معه لأنه يبقي مثيرا للجدل. تحدث سمير أمين عن الهدف من الكتاب فقال: الكتاب بمثابة الدعوة إلي إعادة تأويل المفاهيم العلمية التي أدخلتها الماركسية في تحليل الظواهر الاجتماعية، وتجديد معانيها، علي ضوء التحولات التي طرأت علي واقع المجتمع الحديث، ويعد تاريخ الرأسمالية عبارة عن صراع مستمر بين منطق التراكم الرأسمالي ومنطق المصالح الاجتماعية والوطنية، حيث أفرز المجتمع الاستهلاكي الوجه البشع للرأسمالية المقيتة، بفضل عملية التراكم الرأسمالي والصراع الطبقي.. وأشار أمين إلي أن "الإسلام السياسي" ظاهرة حديثة مثلها مثل "الهندوسية السياسية" و"البوذية السياسية" و"المسيحية الأصولية الأمريكية"، وكلها تقدم إجابات لا تعتمد علي تحديد علمي لطابع التحدي، وبالتالي تروي أوهاما خطيرة حول قدرتها علي تغيير العالم. أضاف أمين أنه يتطلع إلي الإسلام المعاش الذي يختلف من مرحلة إلي مرحلة، أو من مكان لآخر، كظاهرة اجتماعية شأنها شأن الظواهر العامة الأخري، ولا يتحدث في كتابه عن ماركس، ولكنه يتناول الماركسيات التاريخية كما فهمها الماركسيون، حيث يري أن الماركسي هو من يبدأ بماركس ولا يقف عنده. وأكمل: بالرغم من إعلان مبدأ تجاوز مرحلة القوميات، فإن القوي العظمي خاصة الولاياتالمتحدة تظهر متباهية بعضلاتها في شتي الميادين العسكرية والاقتصادية، وظلت نماذج النظام الرأسمالي ترتكز علي نظرة إمبريالية للعالم، بالتوافق مع انتشار الرأسمالية التي تحمل في طياتها عدم التكافؤ والاستقطاب علي المستوي العالمي. ومن جانبه أشار الدكتور جلال أمين إلي أن سمير أمين أبرز في كتابه فساد مقولات: "نهاية التاريخ" و"حوار الحضارات" و"القومية العربية" و"تطرف الإسلام السياسي" الذي يرفع شعار "الإسلام هو الحل". وانتقد كتابات سمير أمين قائلا: مصطلح "الصراع الطبقي" يمكن اعتباره محور كتابات سمير أمين، الذي يستخدمه كمقياس لكل الظواهر التي يتعرض لدراستها، حتي أصبحت كلمة مملة، كما أنه يحاول إخضاع كل المفاهيم والتصنيفات والتأكيدات إلي الماركسية، وكأنه يدخلها في مفرمة، وما يدخل هذه المفرمة ويخرج من طرفها الآخر لابد أن يأخذ شكل هذه المفرمة. وأضاف: أري أن الإنسان مقهور كمستهلك، أكثر من كونه مقهورا كعامل في مصنع، ورفض مساواة سمير أمين بين مصطلحي "العولمة" و"الإمبريالية"، مؤكدا أن "العولمة" تضم أشياء جيدة، وليست كلها شرا، وأن الإمبريالية شكل من أشكال العولمة، لكن ليست كل عولمة إمبريالية. وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبد الفضيل أن الكتاب يحفل بالتعميمات المتسرعة، حيث أرجع الأزمة الاقتصادية الحالية إلي قصور في أدوات الإنتاج، وإذا كانت الوحدة العربية حاضرة كما يري سمير أمين فما هي نواة البلاد المؤهلة عمليا لتشكل انطلاقة للاشتراكية؟ كما يري أن التيار الديني يعاني مأزقا، لكنه لم يبين ملامح مسمات هذا المأزق كما لم يعط للإسلام السياسي دوره في الثورة الجزائرية، كما ان دور حماس في فلسطين لم يعطه حقه كما يعتبر البديل الاشتراكي هو البديل الوحيد للتحدي، ولا أعرف ما هو البديل الاشتراكي. أما المفكر السيد ياسين فأعرب عن تأييده لانتقادات الدكتور جلال أمين للكتاب، ووصفها بالملاحظات التي تستحق التأمل، كما أن توصيفه سمير أمين للتحديات الراهنة غير واضحة في ظل تحول المجتمع الصناعي إلي مجتمع المعلومات الذي انتهي إلي مجتمع المعرفة، وطالب السيد ياسين بضرورة تدخل الدولة في السياسات الاقتصادية، وعدم إطلاق العنان للقطاع الخاص.