لأنه موضوع شائك ومخيف وعليه أكثر من علامة استفهام فأن من يتطرق إليه يجب أن يكون متسلحاً بسلاحي العلم والشجاعة ولأن موضوع النقاب يتعلق بقضية حرية المرأة والرجل علي حد سواء وهي حرية مكفولة للمجتمع الذي نعيش فيه علي ألا تكون تلك الحرية ضارة بالاخرين لأنه حين تبدأ حرية الآخر تقف حريتي تنتظر الإذن والدخول والسماح بالاقتحام إن جاز التعبير ولصمت الجهات المسئولة في دولتنا بداية من علماء الأزهر الشريف نهاية بالدعاة الجدد وأئمة الجوامع ومقدمي البرامج الفضائية الدينية كل هؤلاء مع الأمن وتعاظم دور المساجد والزوايا وحتي النوادي الاجتماعية التي فتحت أبوابها بكل يسر وبسهولة لهؤلاء وهاتي المدعيات للعلم والدين والتدين ولكأن ديننا الإسلامي بحاجة إلي ما يسمي رجال الدين وهو مسمي خاطئ بكل المعاني لأنه في الإسلام لا وساطة بين العبد وربه فليس لدينا اعتراف الاخوة الأقباط في الكنيسة وليس لدينا المناولة وليس لدينا التعميد وكلها طقوس دينية كنسية تتعلق بالكهنوت المسيحي ولها كل الاحترام لأن لكل دين خصوصيته المعهودة والمعروفة لكن القضية في الإسلام أن الفرد أو العبد علي صلة مباشرة مع الله ومن ثم يصلي ويصوم ويتوب ويحج ويعتمر ويزكي بلا رقيب أو حسيب سوي ضميره الذاتي وإيمانه وعقيدته أما فيما يتعلق بالفتاوي والمعاملات الإسلامية فهي متغيرة بتغير الزمان والمكان لما يلائم كل عصر وكل أمة ما عدا الثوابت والأركان. ولأننا سكتنا وخفنا وارتعدنا وصلنا إلي حد التطاول علي رجل يمثل هيبة الأزهر الشريف وله مكانة دينية وعلمية علي الجميع مسلمين ومسيحيين احترامها كما نحترم ونجل رمز الكنيسة القبطية في مصر قداسة البابا شنودة لأنه رجل دين وعلم وثقافة واسعة وهو مبدأ احترام الرموز الفكرية والدينية في بلادنا لأن هذا جزء من ثقافتنا وموروثنا وجزء من الشخصية المصرية العادية والبسيطة ولكن حين يتطاول الصغار علي الرموز بحجة التدين المزعوم والحرية الزائفة فأن ناقوس الخطر يدق ولا يقف بل يستمر في الرنين حتي نفيق من الغيبوبة ونلحق بالبقية الباقية من السلام المجتمعي والتقدم والحرية الحقيقية. أن قرار شيخ الأزهر بمنع ارتداء النقاب داخل قاعات الدرس والامتحانات يجب أن يستكمل بمنع ارتدائه داخل كل الجامعة لأن من حق الطلبة والطالبات والأساتذة أن يتواصلوا في أجواء صحية وأمنية ولأن حرية المرأة في ارتداء الزي الذي تراه مناسبا لها ولمجتمعها هي حرية في البيت والشارع وليس حرية في العمل والمجتمع المتصل بالآخرين لأنه قد تقود امرأة أو رجل سيارة وهي أو هو مرتد النقاب ويرتكب مخالفة أو حادثة ولا يعرف المجتمع أو رجل القانون من هذا أو هذه وهذا حق مجتمعي وشرعي ودستوري ولكن المصيبة هي أنه بسكوت كل أجهزة الدولة بل وتشجيعها علي تلك الحرية الزائفة وصل الأمر إلي تهديد صريح للأمن الاجتماعي والأمن السياسي والاقتصادي فبدلاً من إصلاح المقررات الدراسية بالأزهر وتنقيتها من شوائب السنين الماضية ومن نفحات التعصب والإرهاب والوهابية القديمة والجديدة ودخول مظاهر الشيعة المتشددة نجد أن قضية النقاب تشغل الرأي العام والخاص والإعلام ومجلس إدارة الأزهر بكل ما به من علماء فقه ولغة وشريعة وهندسة وأدب ومختلف العلوم والمعارف ينشغل بالرد والدفاع عن رأيه وعن قضية من المفترض أنها قد حسمت في العالم المتحضر الذي وصل إلي العلم والتكنولوجيا ويكفي أننا مازلنا مستهلكين للتقدم ولسنا بصانعيه وهو ما أظهرته أزمة أنفلونزا الخنازير والتي عجز علماؤنا عن تصنيع مصل واق أو دواء شاف لها. وكان من الأحري والأجدر بهؤلاء المدافعين عن النقاب سواء نساء أو رجالا أن يعملوا لأن الله سيري عملهم ورسوله والمؤمنون يعملوا لإصلاح ذات البين في المجتمع فتقل الرشوة والفساد والضمير الذي مات وارتاح مع تلك المظاهر الزائفة فيكذب الموظف ويرتشي ويخاف الأستاذ ويرتعد المعلم ويخالف العسكري ضميره ويغش المقاول ويتغاضي المهندس والمحاسب ويفسد الطبيب ومع هذا الكل يصلي والكل يتعبد ويعتمر ويتهجد ويحج ويرتدي الحجاب والنقاب ويفتي في الدين ويزكي ويقدم موائد الرحمن ويتصدق ومع كل هذا وصلنا إلي ما وصلنا إليه من الفساد ووصلنا إلي ما وصلنا إليه في عدم القدرة علي مواجهة فيروس ضعيف صغير لكنه قد يأتي علي الأخضر واليابس بعدما آثار كل هذا الذعر والرعب في نفوس الصغار والكبار والدولة بأكملها. فهل حرية المرأة والمواطن في ذلك الرداء الأسود الغيمي أم أن الحرية في أن أملك قوت يومي وعقلا قادرا علي الابتكار والإبداع في مواجهة قوي الطبيعة وقبل كل شيء من أخيه الإنسان و من النفس الأمارة بالسوء.