ألقي الشاعر عاطف عبد العزيز مجموعة من قصائد أحدث دواوينه "سيرة الحرب" الصادر عن دار "هيفن"، في الندوة التي عقدها المنتدي الأدبي بحزب التجمع لمناقشة الديوان بمشاركة كل من الدكتور أيمن تعيلب والشاعر محمد الحلواني والدكتور صلاح فاروق، وأدارها الناقد أسامة عرابي. أشار الدكتور أيمن تعيلب إلي أن القصيدة النثرية لا تنتقد اللغة وإنما تنتقد معانيها، ومن ثم فهي تفرغ الثقافة من مكوناتها الوهمية، وتملؤها بمعان أخري من تلك التي تقع في حيز "اللامفكر فيه"، وقد وطأ عاطف تلك المنطقة حين مدح اليأس والموت وافتتح دلالة حسية عامة في الحياة وتأسف لأن الناس تكره الموت الذي يراه هو في تصوره الرومانسي ليس موتا عضويا، وإنما إعدام للوهم والغياب وإمكان للحضور، وقد مدح عاطف أيضا كلا من الهباء والغبار والأشياء الصغيرة في قصيدته. وتساءل تعيلب: متي نخرج من ملكوت الثقافة التي توقع القصيدة في وصف الجسد بوصفه مكانا للفعل والحركة والحياة، حتي الفلاسفة المعاصرين تصوروا الجسد بوصفه مكانا للحياة بتفاصيلها وأصبح فكر الاختلاف هو أن تمس القصيدة جسد اللغة فتطلق رموزا وخيالات أخري جديدة، وهذا ما فعله عاطف حيث خرج عن نطاق اللغة وأكد أننا من الممكن أن نكون أكثر حياة وحيوية إذا أردنا حقائق الحياة لا حقائق الجسد، خاصة أن كل ما قيل عن الجسد في الثقافة العربية يخدم السلطة أولا ومن هنا يأتي دور الشعراء في تقديم آفاق جديدة للحياة عبر الأدب القادر علي تحريك الجو العام. تحدث الدكتور صلاح فاروق عن اهتمام عاطف الخاص بأن تكون لتجربته الشعرية عنوانا رئيسيا يبحث عن إحدي تجارب الحياة، وأن تكون لغته الشعرية خالية من أقنعة الزيف البلاغي، ومن بين دواوينه يتضح ما يمكن تسميته "التجليات الصافية للحياة" خاصة أنه يطور هذا المسعي من ديوان لآخر حتي وصل من بحث كنه المجد إلي حقيقة الموت فكشف لنفسه زيف ما كان يعتقد أنه حقيقة، كما كشف أننا فقدنا الأحساس بالتجلي الأسمي للحياة، فخصص هذا الديوان "سيرة الحب" للكشف عن هذا الوجه الأصيل للحياة، عبر مجموعة من الإشارات المدهشة. وأضاف فاروق: برغم ما يثار عن قصيدة النثر من أنها تناوئ القصيدة التقليدية باحتفائها بالقراءة الصامتة، فإنني أزعم أن قصيدة عاطف لا تظهر تجلياتها إلا بالقراءة الجهرية والإنشاد، وإن كان البعض يدعي أن قصيدة النثر انفصلت عن تاريخنا القديم، فقد اعتمد عاطف علي تاريخنا العربي القديم من حيث مناقشة مفهوم المجد مكررا ومؤكدا أن مجدنا المعاصر أتي من مجد أجدادنا، بل ويعود بنا في بعض المقاطع إلي التراث. الشاعر محمد الحلواني علق علي الديوان بقوله: لقد فضح الشاعر الكثير من سيرة الحب، فمثل أوجاعها ودلالتها وكأنها كدرات بصرية ومقاطع سردية حكائية تقدم جردا أو سجلا لعزيز قوم أزله الحب فضلا عن تعبيره عن الخوف من الحب والنوم والهجر، وهو في كل هذا لا يستسلم للخوف من الحب والهجر، ففي شعره مشاعر صاغها بوعي فني ودرامي يتميز بالرؤية البصرية لمشاهد ديوانه، كما أنه لا يتعب قرائه فيفشي أسراره الجمالية لهم.