المصل في الفصل هو القرار الحكيم الذي أصدره حكيم وزارة الصحة الوزير ابن الوزير الراحل أستاذ الزراعة ووزيرها الأسبق الدكتور الجبلي ، فعلا لابد من وصول المصل إلي مستحقيه في كل فصل من فصول المدارس في مصر حفاظا علي صحة وحياة سبعة عشر مليونا من الدارسين الذين هم في عمر الزهور وعمر التعرض لموجة أنفلونزا الخنازير ؟! ، هذا القرار الحكيم جاء بالفعل بعد اجتماع القيادة السياسية بكل من له دور في الوقوف أمام المشكلة من السادة الوزراء حتي لا يجتهد كل منهم علي حدة وربما تضاربت من احدهم مع الآخر وعليه فلقد تقرر ملاحقة ذلك البلاء قبل وقوعه طبقا لما عرضه السادة الوزراء كل في مجاله مع وزيري التعليم والتعليم العالي وكل من وزير البيئة وغيرهم ، وأصبح كل منهم علي انفراد وعلي تنسيق مع الآخرين يعرف ماهي الخطة الموضوعة لمجابهة تلك المشكلة ، بل وأصبح للسادة المحافظين دورهم في اتخاذ القرار وتطبيقه تماما كما حدث في عام 73 وفي شهر أكتوبر وفي مواجهة العدو المزمن إسرائيل والتي كان للقادة العسكريين وقتها الفضل في رسم الخطة وفي تنفيذها والمشاركة فيها بما لم يدع مجالا للخطأ أو النكسة في مواجهة ذلك الوباء. الحقيقة أن مرض أنفلونزا الخنازير هو مرض الساعة في هذا العالم هذا القرن ويختلف عما سبق من نفس النوع خاصة أن العام الماضي وما قبله كان موسما خاصا بأنفلونزا الطيور ومنذ بضعة أعوام كانت هناك الأنفلونزا الآسيوية التي تصيب البشر ، ويبدو أن هناك حربا خفية بين الإنسان وبين الميكروب في كل تنوعاته التي يطل بها علينا ويجري العالم في سباق كي يدافع عن نفسه من خلال التطعيم وابتكار الأمصال حتي يمكن مقاومة المرض وحصر انتشاره بين الناس ، وينتج عن تلك المواجهة خسارة مادية وبشرية في كل مكان بل ولقد تأثرت صناعة الدواجن في مصر العام الماضي وما زالت تعاني ، ولقد اتضح من خلال حملات التوعية التركيز علي محاصرة أسباب المرض قبل انتشاره وزيادة عدد ضحاياه بين المواطنين . في الحقيقة حالة الذعر التي صاحبت ظهور مرض أنفلونزا الخنازير لا تعفينا من الاعتراف بالتقصير في حق أنفسنا فيما يجب أن يكون عليه الحال ، حال النظافة الشخصية وحال النظافة العامة وهما بعيدتان تماما عن أدني المعدلات المقبولة ولا داعي لتغطية الحقائق فعلي سبيل المثال كم من جموع المواطنين يحرص عل غسيل أسنانه بالفرشاة مع المعجون مرة واحدة علي الأقل يوميا بل هناك من لم يستخدمها من المهد الي اللحد ناهيك عن ادعاء حرمة الاستخدام في رمضان وفي غير رمضان واستعاضتها بالسواك اتباعا للسنة ؟! ، وعلي سبيل المثال أيضا ما هو عدد من يحرص علي الاستحمام مرة واحدة علي الأقل يوميا ؟! ، بل من يواظب علي غسل يديه قبل الأكل وبعده ولا تقل إن الوضوء خمس مرات يوميا يعفيك من هذا حرصا علي النظافة والصحة العامة ، كما أنه كم من الجمهور العام يستخدم المناديل الورقية وغير الورقية بصفة عامة ، ولو رجعنا للمناطق الشعبية بما فيها من مواطنين يتمخطون ويبصقون علي أرض الشارع رغم كل التحذيرات بمنع مصادر العدوي من الأمراض ولا حياة لمن تنادي !! ، كما أن التخلص من الفضلات الشخصية والمنزلية يتم في كثير من الأحيان بكل استهتار وبلا مبالاة في عرض الطريق بل أحيانا علي مرأي من الناس بلا حياء وبالقطع ليست هناك ضمانات لانتشار العدوي بين الناس من تلك الممارسات البعيدة عن الذوق والنظافة واللياقة ، حتي القمامة التي تملأ الطرقات والتي هي مرتع للهوام من الحشرات والقوارض والقطط والكلاب الضالة كلها مصدر دائم ومتجدد للأمراض المتوطنة والمزمنة قبل وبعد الاحتياط من أنفلونزا الخنازير التي أثارت كل هذا الذعر بين الناس في كل أنحاء العالم ، والحقيقة أن جميع أنواع الأمراض ناتجة عن تدهور مستوي المعيشة وانحدار البيئة بكل عناصرها الي أدني المستويات ، البيئة المائية والأرضية والهوائية حيث تحتل السحابة السوداء سماء القاهرة الكبري ومثلها في كل مكان بعد حرق القمامة في الشوارع ومع طفح المجاري - إن وجدت - واختلاطها بمياه الشرب كما حدث في القليوبية ، هذا بجانب ضوضاء الشوارع ليلا ونهارا بمكبرات الصوت في الأفراح والمآتم الشعبية وفي الزوايا الشعبية ومع كل بائع يسرح ومعه عربة وحمار وليمون أو خردة أو أي شيء ومن المفيد الرجوع للأصول وللقانون والعرف والمعايير الصحية التي تحافظ علي صحة الإنسان بدلا من قصور الاعتمادات اللازمة لعلاج كل المواطنين من جميع ألوان البلايا المصابين بها نتيجة أسلوب المعيشة والشكوي من الفشل ، الفشل الكبدي والكلوي بل والفشل العقلي أيضا ؟! ، وطبقا لتقارير سابقة للأمم المتحدة تحتل القاهرة المرتبة الثالثة في القذارة بعد كراتشي في باكستان وكلكتا في الهند. هل يدري كل مواطن أن النظافة هي سر النجاح في صناعة السياحة التي نرغب في تشجيعها وزيادة مواردها وأن كثيرًا من السياح يقومون بتصوير أكوام القمامة والمناظر الغريبة واعتبارها من العجائب التي لا يوجد مثلها في بلادهم وبعضهم ينظر لها ولأهلها بكل اشمئزاز وبكل القرف ولولا رغبته في العودة لبلاده سالما لقام بجلد المتسبب علنا في ميدان عام كما تقرر للصحفية السودانية التي ارتدت السروال علنا !! ، بينما في السودان وفي الجنوب والغرب لا يرتدون شيئا قط ؟! ، لقد سافر كثير منا الي أوروبا وأمريكا والي دول الخليج ودول النمور في آسيا ولم نجدهم يحتفظون بالقمامة في الشوارع وعلي أسطح البيوت وفي المناور ، ولم نشاهد من يتجرد من إنسانيته ويبصق أو يتمخط في الشارع اويصدر عنه اي فعل ضد النظافة ولو ربطنا هذه الملحوظات بعدد السياح وحجم الإنفاق والعائد لفهمنا أن النظافة ما هي إلا نوع من أنواع الاستثمار لذلك فهناك ضرورة لأن يكون المصل في الفصل .