اطلعت علي مساجلات وتحقيقات بين مثبت ونافٍ حول اختراق الإخوان والجماعات المتطرفة بعض الجمعيات الأهلية ومنها جمعية أنصار السنة المحمدية في الماضي، ولقد تعجبت من منهج بعض الصحفيين الذين يسعون وراء أخبار بدون تدقيق وبدون تثبت، وكأن اختراق الجمعيات الأهلية هو غاية المراد، مع أن الأمر أكبر من ذلك، فالاختراق لا يقتصر علي جمعيات أهلية دينية أو خيرية وإنما الاختراق تتسع رقعته ليشمل مؤسسات كثيرة في المجتمع المصري والزعم بأن بعض المؤسسات في مأمن من ذلك زعم غير دقيق، فإن الاختراق لأي مؤسسة أمره ميسور، ولا أعتقد أن مؤسساتنا في دقتها ستكون أكثر دقة من المؤسسات الأمريكية، حيث اخترق بعضها ونجم عن هذا الاختراق أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولعلنا نذكر شخصية عبود الزمر ودوره الخطير في تنظيم جماعة الجهاد وكذلك خالد الإسلامبولي ومجموعته، ولعلنا كذلك، وكذلك لا ننسي شخصية الأستاذ الجامعي الأزهري عمر عبدالرحمن وتزعمه توجيه الجماعات المتطرفة وكذلك أسماء شهيرة تواجدت في مرافق حساسة كالجامعات والقضاء والنقابات بل وفي وسائل الإعلام والصحف القومية وإذا كان هذا الأمر غير واضح فلا نملك إلا الدعاء أن يتغمدنا الله برحمته، فإذا كنا ننشد فعلاً تأمين مؤسسات الدولة من اختراق الجماعات المتطرفة فعلينا أن نقوم بدراسة المعطيات الفكرية لهذه الفرق ثم نقوم بالرد العلمي المثبت والمسند وتقديمه للناس بإقناع ويسر وبأسلوب يتناسب مع الجميع، إنني أتعجب من وجود فرقة الإخوان المسلمين وحتي الآن لم يصدر من المؤسسات الإسلامية أي نقد علمي أو أي فتاوي واضحة ومقنعة بضلال فكر الإخوان اللهم إلا التقرير الفريد والذي ختفي لفضيلة الشيخ عبداللطيف السبكي رحمه الله حول كتاب معالم في الطريق لسيد قطب بل الأعجب أن المجهودات الفردية التي قامت بهذا الفرض الكفائي لم تجد أي دعم من النظام لمحاربة فكر هذه الفرقة الخارجية، فمثلاً أقام الإخوان مظاهرات واضطرابات في جامعتي الأزهر وعين شمس وغيرهما من الجامعات فقمت بزيارة نائب رئيس إحدي الجامعات وأهديت له كتابي الملخص والذي يدور حول فكر الإخوان المدون في كتبهم والذي يتعارض مع صحيح الدين وقلت له أنا أهدي حقوق الطبع للجامعة لتقوم بتوزيع الكتاب علي الطلاب المستجدين علي الأقل ليكونوا علي بينة من أمرهم وإذا عُمم كان أولي لنوقف مداد التأييد العاطفي لهذه الفرقة والتي تعتمد علي إثارة عواطف الشباب بدون خلفية علمية صحيحة، وما فعلته مع هذه الجامعة فعلته مع وزير التعليم العالي حيث استقبلني مدير مكتبه وعرضت عليه ما عرضته علي هذه الجامعة فاستحسن الرجل صنيعي ووعدني بعرض الأمر علي الوزير وقد كان، وصدق الرجل في وعده واتصل بي وأخبرني أنه قد عرض الأمر علي وزير التعليم العالي الدكتور هلال الذي استحسن الفكرة، إلا أنه أمهلني بعض الوقت ومرت هذه المهلة بل مرت الشهور وأكثر من سنتين تقريبا ولم تهتم وزارة التعليم العالي بما ذكرت، بل من الأمور العجيبة التي حدثت معي كذلك أن مذيعًا مشهورًا له برنامج إخباري شهير تحمس لفكرتي لتناول فكر الإخوان المسلمين من خلال كتبهم ومدونات مشايخهم وذلك بعمل مناظرة بيني وبين المرشد العام منذ خمس سنوات تقريبا أو أكثر واستمرت لقاءاتي مع المذيع بحماس منه وإقبال مني حتي جاء وقت التنفيذ فتغيرت صورة ومقابلة هذا المذيع لي واعتذر عن تنفيذ فكرة المناظرة وتعلل بأسباب لا داعي لذكرها، ولا أعتقد أنه يستطيع أن ينكر ما كتبت، وأذكر أنني التقيت برئيس تحرير إحدي المجلات التي تصدر من مؤسسة صحفية كبري وكان ذلك منذ سنوات وعرضت عليه نفس الفكرة فاستحسنها وكلف صحفيا بعمل تحقيق حول الفكرة المذكورة فإذا باللقاء يتمخض عن لا شيء وعندما أصبح رئيس التحرير هذا رئيسا لتحرير المطبوعة الأساسية في المؤسسة الصحفية حاولت مقابلته ولكن لم أستطع.. كما أن أحد رجال النظام السابقين عرض علي نفس رئيس التحرير مجموعة مقالات تفند مزاعم القرضاوي التي بها يجدد فكر الخوارج وكانت المفاجأة هي رفض رئيس تحرير نشر مقالاتي، وفي الوقت نفسه أفسح النشر لمقالات تمتدح القرضاوي مفتي فرقة الإخوان مدحًا كمدح الأنبياء ويزكي كذلك كتابه الأخير فقه الجهاد والذي احتوي علي منهج الخوارج في التعامل مع ولاة الأمر، ثم نأتي إلي مفارقة أخري وليست بأخيرة أن أصدر وكيل وزارة الأوقاف بالبحيرة قرارًا بإرسال خطيب من قبله في مسجد تحت الإنشاء أقوم فيه والفضل لله بعمل شهد له المعنيون باستتباب الهدوء ومحاربة التطرف من خلال هذا المسجد، فما الذي دفع وكيل الوزارة لهذا الفعل رغم أنه يعلم يقينًا أن كثيرًا من المساجد والتي تشرف عليها الأوقاف يتحكم فيها شباب الإخوان وشباب المدرسة السلفية المزعومة بالإسكندرية، إلا أن الله سلم فتدارك أهل العقل من المسئولين فأوقف هذا القرار، ولكن يبقي التساؤل قائمًا لماذا لا يفسح لهذا المنهج الذي أدعو إليه والذي يتركز محور دعوته حول ترسيخ معني التوحيد، وحرمة منازعة ولاة الأمر واعتبارها من أكبر الكبائر؟! والتعجب الأكبر أن أصحاب المناهج المنحرفة يملكون مساحات كبيرة للتحرك سواء كانت خفية أو بغطاء رسمي، فخلاصة القول إذن أن الاختراق يتم شئنا أم أبينا ما دمنا لا نملك غطاءً فكريا مضادًا لمواجهة هذا الطوفان مع أننا نملك والحمد لله أسبابه ويبقي المعني في بطن الشاعر فهل من مجيب؟ ليس من مجيب. أما اختراق جمعية أنصار السنة المحمدية في المركز العام أو في فروعها وكذلك اختراق الجمعية الشرعية والطرق الصوفية فسيكون له مقالات أخري.