واستكمالاً لحديث الأمس عن مصر كوربريشن وتحدثنا عن تقسيمات إدارية للدولة وصلت إلي 28 محافظة يتولي إدارتها كبار موظفي الدولة كمكافأة نهاية خدمة سابقة وهذه السنة قد ورثناها منذ قيام ثورة يوليو واستتباب نظرية أهل الثقة قبل أهل الخبرة في الإدارة، إلا أن هذه الحقبات الزمنية ونظرياتها قد عفي عليها الزمن!! ولعل تعرض أمانة سياسات الحزب الوطني لهذه الفرعية من المشاكل التي تواجه الوطن في الإدارة المحلية، فقد اهتمت مجموعة عمل مكلفة من السيد أمين السياسات في اللجنة الاقتصادية بالحزب وفي أهم دراسة ميدانية وحوارية ومواجهات بين مجموعة العمل المنبثقة من أمانة السياسات وبين مديري الأقاليم وممثلي شعوبها بكل طوائفهم واتجاهاتهم أعتقد بأن أهم ما تحصلنا عليه من هذا المؤتمر وهذه المواجهة علي مدي ثلاثة أيام سبقها عدة شهور إعداد ودراسات هو ضرورة إعادة تقسيم مصر إلي أقاليم اقتصادية وليس تقسيما عرضيا كما هو شائع حينما ترد جملة إعادة التقسيم فالإقليم الاقتصادي يمكن أن يتضمن علي سبيل المثال وليس الحصر والتأكيد في جنوب مصر جزء من أسوان وجزء من البحر الأحمر وجزء من توشكي وشرق العوينات وجزء من الوادي الجديد وجزء من قنا ولا حتمية للاتصال بين أجزاء الإقليم جغرافيا ولكن بواسطة شرايين الاتصال الطبيعية طرق حرة سريعة، مطارات، موانئ، قطارات، وهذا الإقليم، وبهذه المكونات الجغرافية، سوف يتضمن بحر، وبحيرات، وجيولوجيا تحت الأرض وخدمات وثقافة فوق الأرض وجزء من نهر النيل وصحراوات وبهذه يمكن خلق بناء محترم كما يمكن استكشاف ثروات معدنية بتركيز أكثر وزراعة نقية غير ملوثة وعناصر ثقافية تاريخية فريدة عالميا وظواهر طبيعية وكذلك من إبداع المصريين المحدثين والقدامي كتعامد الشمس في وقت محدد علي وجه رمسيس في معبد أبوسنبل التي يحج إلي هذه البدعة الإنسانية من كل أنحاء العالم معجبون هذا المثال الإقليمي لا شك يدعنا نحلم بأنه واقع هذا الحلم يمكن أن يكون نواة لجزء من الوطن يتحول إلي مؤسسة اقتصادية عظمي كما أن أيكولوجيا يتشكل هذا الإقليم بوجود أكثر من 3 ملايين مصري في حوزته الجغرافية ألا يمكن بإدارة اقتصادية لمثل هذا الإقليم بما يمتلك من عناصر اقتصادية أن ينتج سنويا مالا يقل عن عشرين مليار دولار!! هذه دعوة مفتوحة لعلمائنا وأساتذتنا في الإدارة والاقتصاد وعلي نفس المنوال يمكن استكمال تقسيم مصر علي أن تطبق تلك الأقاليم سياسة مصر المركزية ولكن بإدارة لا مركزية لتحقيق تنمية شاملة في كل أرجاء الوطن وهنا يمكننا أن نجعل مصر مؤسسة اقتصادية كبري أعظم من أية دولة أشرت إليها في بداية المقال. ولعل تلك الأفكار والتي يتم الحوار حولها في غرف مغلقة تحتاج إلي حوار ونقاش وطني مفتوح بين كل الآراء وكل أصحاب وجهات النظر حتي ولو كانت متباينة إلا أن إثراء الفكرة بأكثر من رأي نحن في أشد الاحتياج إليه لدعم العمل الوطني في سبيل إيجاد سبل أكثر واقعية وأكثر تقدما في إدارة أصول الدولة وتقديم النافع والمتميز من أبناء هذا الوطن إلي الصفوف الأمامية. متي نستطيع أن نحول هذا الحلم إلي حقيقة؟ الواقع أننا في احتياج لإرادة سياسية!!