أنفلونزا الخنازير وباء عالمي خطير بدأ ظهوره في المكسيك وانتشر بعد ذلك في 177 دولة في العالم، وأعراضه تشمل ارتفاعاً في درجة حرارة وسعالا وضعف العضلات والاجهاد مع اسهال وقيء وظهرت هذه الأنفلونزا نتيجة اصابة الخنازير بفيروس الانفلونزا العادية التي التقطتها من البشر أو الطيور مما جعل هذا الفيروس ينتشر بين الخنازير وينتج سلالات جديدة من فيروس الأنفلونزا التي تصيب الانسان. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية منذ أيام أن فيروس الأنفلونزا قد تسبب في حدوث 2873 حالة وفاة علي مستوي بلدان العالم، وأثارت تلك الوفيات المخاوف والذعر في جميع دول العالم التي تسارع في اتخاذ إجراءات من شأنها تقليل معدل الوفيات والمضاعفات الناتجة من الاصابة بهذا المرض القاتل، وذكرت منظمة الصحة العالمية أن القارة الافريقية لا تزال حتي الآن الاقل تأثرا بالفيروس. أوضح البيان الاعلامي الصادر يوم السبت 12 من سبتمبر الجاري عن غرفة عمليات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري أن إجمالي عدد الحالات التي تم اكتشاف اصابتا بمرض أنفلونزا الخنازير في مصر بلغ 870 حالة حتي صباح يوم السبت بحسب نتائج الفحص المعملي وبيانات وزارة الصحة. وفي اطار الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمقاومة ومنع انتشار هذا المرض في مصر اصدر مجلس المحافظين قرارا بتأجيل الدراسة في الجامعات والمدارس لمدة أسبوع، لتبدأ في 3 أكتوبر المقبل بدلا من 26 سبتمبر الجاري لتقوم وزارتا التعليم والصحة في اعداد الجامعات والمدارس لمواجهة أنفلونزا الخنازير. وعلي الرغم مما يردده البعض أن قرار تأجيل الدراسة يعد بالقرار الحكيم لأنه يحافظ علي صحة الطلاب ويعطي فرصة للمسئولين عن التعليم والصحة لتطبيق الإجراءات المناسبة التي تقي الطلاب والمعلمين من المرض إلا إنني أري أن قرار تأجيل الدراسة جاء نتيجة تخوفات الحكومة من انتشار الوباء بين طلاب المدارس بسبب تأخر الوزارات المعنية في اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة قبل بدء الدراسة، ولهذا القرار العديد من السلبيات لعل أهمها أن عدداً ليس بالقليل من أولياء الأمور أصبحوا في حالة هلع من أنفلونزا الخنازير وعزموا علي الامتناع عن ارسال أولادهم الي الجامعات والمدارس، كما أن التأجيل سيربك الخطة الزمنية للعام الدراسي، بما يقلل من جودة التعليم ويعد مؤشرا علي فشل وزارتا التعليم والصحة في وضع خطة لحماية الطلاب ويعتبر مناورة لإلغاء العام الدراسي إذا اشتد المرض وخاصة أن مجلس المحافظين سيجتمع مرة أخري قبل 3 أكتوبر لبحث مسألة بدء الدراسة أو تأجيلها مرة ثانية. وكان من الأخري بالحكومة العمل منذ فترة بوضع خطة لتأمين الطلاب صحيا دون الاخلال بانتظام الدراسة، ومن وجهة نظري فإن التأجيل ليس حلا، لأن من الممكن أن يستمر المرض طويلا، وهذا يفرض علي مسئولي «التعليم والصحة» البحث عن حل آخر يضمن بدء الدراسة في موعد محدد مع تهيئة الطلاب للتعايش مع المرض وتدريبهم علي طرق الوقاية وخاصة أن وزير الصحة قد أعلن أن حدوث الاصابات في المدارس أمر حتمي متوقعا زيادة انتشار الفيروس في الشتاء وذكر الوزير أنه سوف يستمر الخوف من المرض قرابة عامين، فهل ستعلق الدراسة وتغلق الجامعات والمدارس عامين؟ أم إن الحكومة تريد ضمان تواجدها عامين آخرين؟! ولما كانت إدارة الأزمات علي قمة أولويات قطاع البيئة وخدمة المجتمع في كل جامعة، لذلك أعتقد أنه قد آن الأوان ليبرهن هذا القطاع علي أن استحداثه في الجامعات لم يأت من فراغ..! وكان من المفروض علي هذا القطاع أن يكون شغله الشاغل هو مقاومة هذا الوباء ولذلك فإنه من الواجب أن يكون هذا القطاع قد أعد ومنذ فترة خطة لإدارة أزمة هذا الوباء ليس فقط علي مستوي الجامعة بل عليه أن يساهم أيضا في خدمة المجتمع الذي يحتضن الجامعة وإلا ما هي الجدوي من وجود هذا القطاع..؟ وعلي هذا القطاع إنشاء غرفة عمليات مخصصة لتلك الازمة تكون علي اتصال مباشر برئيس الجامعة ومحافظ الإقليم ووزارة الصحة. والمفروض أن تقوم الإدارة الطبية في كل جامعة بعمل جدول حقيقي وليس ورقيا يضمن تواجد الاطباء العاملين بالادارة الطبية وكذلك الاطباء الثوالث ومن تندبهم تلك الإدارة من أطباء للعمل بنظام النوبتجيات في الكليات، وأعتقد أنه من المفروض أن يتناسب عدد الاطباء المتواجدين في كل كلية مع عدد الطلاب المقيدين بها، ويجب علي قطاع التعليم والطلاب متابعة هذا الجدول، وأعتقد أن أهم الخطوات التي تحقق عاما جامعيا آمناً يجب أن تتضمن ما يلي: التشديد علي أعضاء هيئة التدريس والطلاب والعاملين بارتداء الاقنعة الواقية طوال مدة تواجدهم داخل الحرم الجامعي. خلق بيئة تعليمية مناسبة صحيا وهذا يعني توفير التهوية اللائقة بقاعات التدريس، الاهتمام بنظافة وسباكة دورات المياه وتوفير أكواب مستهلكة للشرب ومراقبة كافيتريا الطلاب ونظافة الحرم الجامعي ووسائل التخلص من القمامة. تحديد عدد الطلاب في المحاضرات بما لايتجاوز 300 طالب ويجب ألا يزيد عدد الطلاب في التدريبات العملية علي 5075 طالباً بالمعمل أو القاعة الواحدة حسب السعة الفعلية للمعمل أو القاعة. تخصيص طبيب يعمل بنظام النوبتجيات في كل مبني من مباك المدن الجامعية يكلف بالمرور اليومي علي الطلاب القاطنين بالمبني وعمل مسح طبي لاكتشاف الحالات المشتبه فيها ولا يكتفي بمجرد تواجده داخل العيادة الطبية، كما يجب توفير أماكن لعزل الحالات المشتبه فيها حتي يتم نقلها للمستشفيات والمراكز المتخصصة. مراجعة عملية الازدحام في وسائل المواصلات التي تنقل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والتشديد علي ارتداء الاقنعة في جميع وسائل المواصلات. الضرب وبشدة علي مراكز الدروس الخصوصية التي تكتظ بالطلاب لأنها تعد بؤرة خطيرة لانتشار المرض، وأعتقد أن تلك فرصة للقضاء علي المراكز. إعادة النظر في أماكن التجمعات البشرية مثل ملاعب الكرة والمسارح ودور السينما والقاعات ودور المناسبات. تكثيف الاشراف علي دور الحضانة في الجامعات والمدارس وأينما كانت. قيام كلية الطب في كل جامعة، بالاشتراك مع وزارة الصحة بعمل دورات تدريبية للطلاب لمعرفة طرق الوقاية من هذا الوباء. قيام الحكومة بتحقيق الانضباط للشارع المصري لأن العديد من الشوارع صارت أسواقا وعشوائيات للتجار والبائعين مما يسهل انتشار الوباء. اتباع بروتوكول الوقاية الصحية الذي توصي به هيئة الصحة العالمية ويتضمن تجنب لمس الفم والأنف، غسل الايدي جيدا بالماء والصابون أو تكرار تنظيفها بمحلول كحولي «خصوصا بعد لمس الفم أو الأنف أو مسطحات يحتمل تلوثها بالفيروس» تجنب مخالطة الحالات المشتبه فيها عن كثب، الحد وقدر الامكان من الفترة التي تقضي في الأماكن المزدحمة، وتحسين تدفق الهواء في المساكن بفتح النوافذ، اتباع الممارسات الصحية بما في ذلك قضاء فترة نوم كافية وتناول أطعمة مغذية والحفاظ علي النشاط البدني، التأني في استيراد اللقاح والتأكد من سلامته وفاعليته.