أكوام هنا وهناك، فلا تكاد تخطو خطوة إلا وتتخبط في جبال القمامة فتسد أنفك من الروائح الكريهة وتشمئز عيناك من هول المشهد، الذي لا فرق فيه بين حي شعبي أو راق، وأكثر ما يلفت الانتباه هو حركة جامعي القمامة ذهابًا وإيابًا وانتشار الكناسين في الطرقات وعلي الكباري، وبغض النظر عن تسولهم في رمضان ورغبتهم في اقتناص زكاة الفطر وصدقة العام إلا أن هناك إيقاعاً للعمل ظاهرا ونشاطاً دائماً وحركة للودارات جمع القمامة وغسلاً للشوارع ليبقي عنصرًا خفيا في الحلقة مفقوداً فهل نلقي العبء علي أنفسنا أم الجهات المسئولة؟ خضر عبدالحي جامع قمامة بمنطقة الزيتون أكد أن كميات القمامة والمخلفات تضاعفت في رمضان بشكل هائل وجنوني وهذا معتاد عليه كل عام، لكن فوجئنا مع بداية الشهر بكميات كبيرة ملقاة من الأكياس والعلب، وما يحزننا كميات الطعام الكثيرة الملقاة والمحتوية علي بقايا لحوم حمراء وبيضاء، ولتفادي هذا الضغط قمنا بتقسيم العمل بيننا فبدلا من قيامي منفردا بجمع قمامة من عمارة سكنية، استعين بزميل لاقتسام الأدوار فمشنة الزبالة التي كانت تكفي لحمل قمامة 20 شقة في الشهور العادية اكتظت في رمضان بعدد 8 شقق فقط، مما يزيد علينا ضغط العمل والحمولات ومشقة إضافية، كذلك فنحن نلغي الإجازات تماما فهو موسم عمل شاق لنا. وعن ساعات العمل فيوضح خضر أنها تبدأ مبكرا بعد صلاة الفجر لتتوجه العربات ومنها للمناطق السكنية الخاصة لكل جامع قمامة علي أن يبدأ جمع القمامة الفعلي من أمام الشقق في السابعة والنصف ويستغرق أكثر من نصف ساعة لكل عمارة. حتي يتم تجميع مخلفات الشارع كله في منطقة محددة لتمر العربة لجمعها وتوجيهها لمقلب القمامة الذي يكاد ينفجر يوميا من الكم الهائل الملقي فيه من مختلف الأصناف والأنواع. ويعلق أحمد منصور أن عمل الزبال في رمضان شاق بدءًا من طلوع السلالم والانتظار طويلاً أمام أبواب الشقق لحين جمعها وإعطائها لنا خاصة أن بعض السيدات يرفضن تجهيزها ليلا ونضطر لانتظارهن ثم حملها للشارع وإعادة تعبئتها في السيارة، إلا أن هناك بعض المناطق الأكثر راحة لنا والتي يقوم فيها حارس العقار بجمع القمامة يوميا وتجميعها لنا أمام الباب. ويؤكد أحمد اختلافه عن فئة الكناسين والذين يحترفون التسول هاملين عملهم لاكتساب شفقة المارة خاصة قائدي السيارات علي الرغم أن راتبهم يبدأ من 400 جنيه وبمواعيد ثابتة أما نحن فلا نتسول من أحد مكتفين بأجورنا الثابتة وأكد اللواء وجيه رفاعي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة أن هناك تفاقماً لتواجد القمامة ومخلفات البناء في الشوارع نظرا لذبح الخنازير التي كانت تستهلك ما يقرب من 4 آلاف طن قمامة عضوية يومياً من اجمالي 12 ألف طن، وهذا أدي لترك المتعهدين لها في الشوارع، فضلا عن كثرة الولائم والعزائم وموائد الرحمن، وأخيراً قيام عدد كبير من سكان القاهرة بأعمال تجديدات وترميمات في شققهم السكنية، وهذا ما أدي لوجود مخلفات هدم وبناء يلقيها العربجية في الشوارع، وتفاديا لهذه الأزمة بدأنا منذ الليلة الأولي لرمضان في زيادة عدد الورديات والعمال في كل وردية بثلاثين حيا من أحياء القاهرة فضلا عن دورات تفريغ صناديق القمامة لتصل لثلاث مرات يوميا، أما الجديد تخصيص عملية إنقاذ سريعة مكونة من لودر و3 عربات قلاب كبيرة للعمل بالأحياء الأكثر خطورة في مشكلة القمامة، وتعمل بكل حي لمدة 3 أيام متتالية ثم تنتقل للحي الآخر وتشديد الإجراءات الأمنية للقبض علي أي عربة تحاول إلقاء المخلفات وتغريمها غرامات مالية تصل لمبلغ 7 آلاف جنيه للعربة الواحدة، ولأول مرة تم إقرار كنس الشوارع الرئيسية والجانبية مرتين يوميا، وغسل المناطق التي يفترش فيها موائد الرحمن، مع تواجد جامعي القمامة بشكل متواصل. وعن سبل تشغيل الزبالين أكد أنهم يمرون علي الشقق ويقومون بنقل الزبالة للمقالب العمومية والمدافن الصحية، وهناك يقومون بأعمال الفرز وأخذ كل ما يحتاجونه من مخلفات بلاستيك، كرتون، حديد، وقماش ويقومون ببيعها وإعادة تدويرها في مصانع يعرفونها وتمثل مصدر دخل لهم، وهناك فرصة لتشغيل من يرغب منهم في مصانع السماد التابعة للهيئة وتسهيل حصولهم علي المخلفات القابلة لإعادة التدوير، مع الأخذ بالاعتبار أن هناك 63 متعهدا في المنطقة الجنوبية و62 في الشرقية و76 في الشمالية و21 متعهدا في الغربية و71 متعهدا احتياطياً يتم تشغيلهم في حالة انهاء عقد أي متعهد لتقصيره وإخلاله بشروط العقد.