اليوم تم تنفيذ حكم الإعدام في المجاهد الليبي عمر المختار، ولم يكن مثل هذا الفعل الإجرامي مستغربا من الاستعمار الإيطالي البشع، فهم يرونه متمردا، ويعيشون في وهم بلا أساس، قوامه أن ليبيا جزء من الامبراطورية المندثرة، واستعادتها حق مقدس لا جدال فيه، وليس استعماراً جديرا بحشد الجهود للمقاومة والتحرير. استطاع المخرج والمنتج العالمي مصطفي العقاد، الذي اغتالته يد الإرهاب الأسود قبل سنوات، أن يخلد ذكري عمر المختار من خلال فيلمه الشهير، ولا شك أن الأغلب الأعم ممن يعرفون الزعيم الليبي الكبير قد استقوا علمهم ومعرفتهم من الفيلم، وهو ما يطرح قضية خطيرة جديرة بالاهتمام: متي تحتفل السينما المصرية وتحتفي بذكري زعمائنا؟! لا شيء في تاريخ هذه السينما إلا فيلم محدود القيمة، أقرب إلي الموضوعات الإنشائية، عن الزعيم مصطفي كامل، ومحاولات أخري بعيدة عن الإتقان والتفوق تتناول مقاطع من حياة عبدالناصر والسادات، فماذا عن أحمد عرابي ومحمد فريد وسعد زغلول ومصطفي النحاس؟، بل وماذا أيضا عن مصطفي كامل وعبدالناصر والسادات كما ينبغي ويليق؟!. المطلوب هو إنتاج أفلام متميزة عن هؤلاء الزعماء، تنعش ذاكرة الأمة، وتؤصل فكرة الانتماء الوطني، فليس خافيا أن الكثيرين لا يعرفون عن التاريخ إلا قشور القشور، أحمد عرابي وسعد زغلول اسمان نطالعهما في محطات المترو، ومصطفي النحاس شارع في مدينة نصر، أما محمد فريد فشارع وميدان في وسط المدينة!. يعرف شبابنا وشيوخنا عن عمر المختار أكثر مما يعرفون عن زعمائهم وصانعي تاريخهم الحديث والمعاصر، والفضل للفيلم العالمي الذي قدمه العقاد، وتألق فيه أنتوني كوين، كل الاحترام والتقدير للمجاهد الليبي الجليل، لكن الأمل قائم في الانتباه إلي رموزنا قبل أن يتحولوا إلي أشباح، آلاف يهتزون ويرقصون مع أشباه المطربين والمطربات ممن تزدحم بهم الساحة الفنية المضطربة، فمتي تهتز قلوبهم وعقولهم وأرواحهم مع ذلك العطر الجميل الذي يمكن أن ينبعث من أعمال فنية جادة محترمة عن سعد والنحاس وعبدالناصر والسادات؟