ما علاقة إفلاس ملياردير لبناني بالتهاب مؤقت ضرب جنوب لبنان؟ تري بعض التحليلات أن الصواريخ التي انطلقت من جنوب لبنان قبل أيام، وأدت إلي رد إسرائيلي.. كان هناك تحذير منه.. لها علاقة بمجموعة من الأسباب: الأول رغبة حزب الله في التغطية علي الأوضاع الإيرانية عموًما.. وتوجيه رسالة إلي الولاياتالمتحدة من جانب إيران ردًا علي الجواب الأمريكي علي المقترحات الإيرانية بخصوص البرنامج النووي الإيراني.. ما يعني أن إيران تقول إنها قد تعود إلي استخدام منصة الجنوب اللبناني في ملفها المعقد. المبرر الثاني هو أن هناك احتياجًا لدي حزب الله بأن يغطي علي فضيحة إفلاس ملياردير لبناني شيعي كبير جدًا.. اسمه صلاح عز الدين.. وقد ادعي عليه المدعي العام المالي اللبناني بتهمة (الإفلاس الاحتيالي).. في قرار صدر يوم السبت الماضي.. والتهمة تعني أنه أفلس لأنه محتال. وفي كل يوم، وبسبب الأزمة الاقتصادية يفلس الكثير من المليونيرات والشركات حول العالم، لكن إفلاس صلاح عز الدين له وقع مختلف.. لأنه كموظف معروف للأموال كان إحدي واجهات الاستثمار المتحركة لحزب الله.. والكثير من المعلومات تقول هذا.. وقد لاحقت الحزب وقيادته.. حتي أن حسن نصر الله الأمين العام للحزب اضطر لأن يخرج ويصرح بأنه لا علاقة له بأموال الحزب.. وإن كان قد خسر كثير من الشخصيات والكوادر فيه ملايين الدولارات.. لأنها كانت تستثمر أموالها لديه. الصواريخ أحاط بدخانها نوع من الستار علي تلك القصة.. وأخذت الأنظار بعيدًا عن الفضيحة لبعض الوقت.. ولكنها سوف تبقي قائمة.. لأن التحقيقات جارية والملاحقة القضائية تطارد عددًا من المتهمين الهاربين بخلاف من سقطوا.. ولأن سمعة الملياردير المفلس قد بنيت علي أساس علاقته مع الحزب وكوادره وقياداته منذ بدأ مجرد منظم رحلات للحج.. وأصبح بعدها منظم رحلات دينية (خمس نجوم). صحيفة "الأخبار" اللبنانية الوثيقة الصلة بحزب الله، وقبل أن يوجه الاتهام المباشر قانونًا إلي صلاح عز الدين، كانت قد دعت إلي التريث في توجيه الاتهام إليه.. ووصفته علي ألسنة الناس بأنه رجل الخير والأخلاق.. وأن غضب المستثمرين لا ينفي مشاعر التضامن معه. لكن هذه العبارات بدورها، كما الصواريخ التي انطلقت علي إسرائيل من جنوب لبنان، لم تخف المشكلة الكبيرة.. وكما قال أحد أعضاء حزب الله لوكالة الأنباء الفرنسية فإن الثقة الكبيرة التي كان يحظي بها الحاج صلاح كما كانوا يسمونه مردها أنه كان قريب الصلة بقيادات الحزب ويحظي بدعمهم المستمر. الخسائر التي أفلس بها صلاح عز الدين تصل إلي ما يزيد علي مليار دولار.. منها علي الأقل 680 مليون دولار تخص الحزب وقياداته.. والفضيحة بدأت بشيك بدون رصيد.. والاتهام شمل نائبه رئيس المجلس البلدي في إحدي مناطق جنوب لبنان واسمه علي فاعور.. وكان الحاج صلاح يعطي الناس فائدة قد تزيد علي 25٪ علي ما يقدمون له من أموال.. حتي اسماه بعض اللبنانيين (فقاسة فلوسه). وسواء كان موظف أموال محتالاً، أو مضاربًا مخادعًا، وسواء سمي (مادوف لبنان) مقارنة له بالملياردير الأمريكي الذي حكم عليه بعشرات السنوات سجنًا لاحتياله علي مشاهير المجتمع الأمريكي، فإن حجم الأموال التي اختفت والخديعة التي ضربت الكثير ممن أولوا الحزب ثقتهم.. تطرح تساؤلات جوهرية حول الغطاء الذي أعطاه الحزب لهذا المحتال. والأهم أنه كان يمكن أن تتسبب لعبة الصواريخ في اشتعال حرب أو حتي لعبة نيران من نوع خطر يضرب مصالح وأرواح ومنشآت الألوف من اللبنانيين في جنوب لبنان للتغطية علي القضية.. وهو نوع من العبث اعتاده حزب الله.. لكي يغطي علي كوارث متنوعة وتسبب من قبل في حرب أدت إلي تشريد مليون شخص ومقتل 1200 لبناني في حرب عام 2006 . وبالطبع لا يوجد هنا أي نوع من الأبواب التي يمكن أن تسمح لأحد في قيادات الحزب وعلي رأسهم حسن نصر الله لكي يدعي أن هذه القضية المنظورة أمام القضاء اللبناني قد دبرت من أجل ضرب المقاومة اللبنانية.. كما أنه لا يمكنه أن يدعي مثلاً أن تلك الأموال التي كانت تخدع الناس لكي يجلبوا مزيدًا من مدخراتهم للحاج حسن لكي يمارس العبث بها في بورصات العالم كانت توجه لشعب فلسطين ودعمًا له. لقد حقق حزب الله مجموعة من الفضائح المتوالية في عام 2009، الأولي كانت فضيحة تحريضه المصريين علي مصر، والثانية كانت تورطه في قضية إرهابية علي أرض مصر، والثالثة كانت سقوطه المروع في الانتخابات اللبنانية، وها هي الفضيحة المالية التي لا نعتقد أنها سوف تكون ختامًا لمسلسل الفضائح الذي يكشف كم وقدر الجرائم التي ترتكب تحت ستار المقاومة.