يعد الطعام بالنسبة لعشاقه بمثابة اللذة الكبري في الحياة لما له من تأثير السحر علي الحالة النفسية والمزاجية العامة،فقد أثبت العديد من الأبحاث العلمية أن تناول أغذية بعينها له القدرة علي معالجة الاكتئاب والضغط النفسي والمزاج السييء، وقد فطن القدماء من قبل لهذه الحقائق فأطلقوا الحكم والأمثال عن حب الطعام كقولهم "الطريق إلي قلب المرء معدته" كما عبر آخرون عن أن حب الطعام لا يضاهيه حب آخر حيث يقول الأديب الشهير برنارد شو "ليس ثمة حب أكثر إخلاصا من حب الطعام". هذا هو الشعور الذي يحاول ناقد الطعام الأشهر الذواقة "فرانك بروني" والمختص بتقييم مذاق الأطعمة المختلفة في أكبر مطاعم نيويورك تقديمه في كتابه الجديد "مولود مستدير" والذي يحكي فيه عن طفولته ونشأته كعاشق للأكل في أسرة تقدس الطعام كما يمزج حديثه الشيق عن حياته الشخصية برؤيته الفريدة عن الطعام كقيمة كبري،فالطعام من وجهة نظره ليس مجرد وسيلة لسد الجوع أو إخماد غريزة وإنما هو ثقافة ولغة عالمية. بداية يتحدث بروني عن حبه المبكر للطعام الذي بدأ معه في طفولته فقد كان بروني واعيا لزيادة وزنه حيث كان جسده مستديرا كالبالون المنتفخ لكن مقاومته للطعام كانت تنهار بمجرد رؤيته "للسجق المقلي الحار" الذي تعده جدته فقد كان مشهد الطبق الشهي الذي تعده الجدة يبعث السرور في النفس بمجرد رؤيته بينما كان التهام الطبق نفسه عملية ملحمية أخري تتضافر فيها كل مشاعر السعادة في الحياة. ويلخص الكاتب فكرته بأن الطعام هو مرادف للحب حيث يقول ببساطة "إذا كنت تحب الأطباق التي تعدها جدتك فإن ذلك يعني أنك تحب الجدة نفسها" علي الرغم من أنه لم يحدد ما إذا كان حب الطعام نفسه هو سبب حب الجدة أم العكس إلا أنه يؤكد أن مفهوم الحب بحد ذاته يرتبط بفكرة الطعام. عشق بروني للطعام منذ الصغر جعله يهتم بجميع المطابخ العالمية وبكل المواضيع المتعلقة بالطعام، فقد كان شغوفا بالقراءة يبحث بنهم عن الكتب التي تتحدث عن أصناف وألوان الطعام والابتكار فيه لإحساسه العميق بقيمته .