سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صالون «روزاليوسف» السياسى يكشف: خبايا وأسرار استراتيجية «صناعة الكذب عند الإخوان» السوشيال ميديا أصبح ميدان المعركة الوحيد للجماعة بعد أن لاحقتها الهزائم الساحقة فى الإعلام التقليدى
خبايا وأسرار وأدوات استراتيجية صناعة الكذب عند الإخوان.. نكشف عنها الستار بكل تفاصيلها فى صالون «روزاليوسف» السياسى على لسان محللين سياسيين وإعلاميين، كأحد أخطر الملفات التى بات «التنظيم» يعتمد عليها ويعمل على تطويرها ليس فقط للتدليس على الحقائق وبث الشائعات والمؤامرات، وإنما للترويج أيضا من حين لآخر لمزاعمه الخاصة بمصالحات ليس لها أى وجود على أرض الواقع.. فبات التنظيم وجماعته الإرهابية يطل علينا من حين لآخر بأكذوبة جديدة سواء عبر إعلامهم التقليدى أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.. وحول هذه الاستراتيجية المشبوهة تدورعلامات استفهام كثيرة وضعتها «روزاليوسف» أمام المشاركين.. وهم: ماهر فرغلى إخوانى منشق، باحث فى الإسلام السياسى، والكاتب الصحفى المنشق عن الجماعة «سامح فايز».. و الخبير الإعلامى الدكتور ياسر عبدالعزيز، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان.. وإلى التفاصيل.. روزاليوسف: صناعة الكذب عند الإخوان كانت دائما جزءا من فكر الجماعة.. ولعل التسريبات المزيفة الأخيرة للإخوانى عبد الله الشريف أبرز مثال على كيفية رفع الجماعة لشعار استراتيجية الكذب من خلال بعض الأدوات الحديثة.. فكيف يمكن أن نفهم من خلال وقائع الكذب الإخوانى الأخيرة استراتيجية هذه الصناعة الخبيثة عند الإخوان، وذلك من خلال معايشتكم - «ماهر فرغلى – سامح فايز» - فى فترة ما لهذه الأفكار عن قرب داخل الجماعة باستغلال هذا الأمر لترويج شائعات وأفكار مغلوطة الهدف منها الإضرار بالأمن القومى؟ ما مفهوم استراتيجية الكذب لدى تيار الإسلام السياسي، و تحديدا عند جماعة الإخوان المسلمين؟ ماهر فرغلى: كان لى تجربة فعلا داخل جماعة الإخوان المسلمين طويلة جدا وتعتبر فى مجموعة الوسط والتى تمارس موضوع الكذب فى الإسلام السياسى، ولعل تجربتى كعضو نقابة الصحفيين هى أكبر تجربة بين أبناء جيلى، ولأننى أمضيت عمرا طويلا منذ أن كنت 19 عاما، وحتى عام 95 منها 13 سنة متواصلة داخل السجن، فكان لى حضور فى كل فترات المد والجزر للإسلام السياسى وجماعاته بالصعيد فى أحلك الفترات، وكنت مسئولا عن الإعلام داخل الجماعة وكان ذلك فى فترات الصدام بين الجماعة والدولة ووجود 10 قضايا متنوعة مختلفة كنت أحد أطراف هذه القضايا منها قضية 490 أمن دولة عليا «إعادة تشكيل تنظيم الجهاد» وكنت واحدا من 54 متهما ومنهم «أيمن الظواهرى»، وكل القيادات الحالية فى القاعدة كانوا زملائى حينها، لكن أنا نجحت فى شىء، وهو أننى أخذت رد فعل للمراجعة مع النفس فى 95 من خلال أننى أسلمت نفسى للعقل.. وبالمناسبة لم يكن السجن ما أربكنى، فلست من النوع الذى يرهقنى السجن فكنت متعايشا ومتأقلما مع الجدران ووثقت التجربة فى كتاب «الخروج من بوابة الجحيم» وحقق مبيعات ضخمة فى عام 2012 عندما وصل الإخوان للحكم تم منعه من التداول، فكيف تدخل فى تجربة ثم تتحول وفى النهاية لابد وأن يكون لدينا قدرة على الفرز وتقييم حياتك، وكان مسارى هو الصحافة قبل الانتماء للجماعة، ولهذا بدأت أستعيد طريقى بالاستقالة من التربية والتعليم وهى مغامرة كبيرة حينها، وأخذت ابنتى وزوجتى إلى القاهرة، وأنسى شخصية «مهران» وهو اسمى الحقيقى فى الصعيد عندما كنت أحد أفراد التنظيم، ونسفت شخصيتي القديمة وأصبحت «ماهر فرغلى» وأنا حاليا شخصية جديدة تماما، وهو موضوع رواية «مالم تعرفه أمل» وهو يروى ما بداخل التنظيم من أسرار لم ترو من قبل، والكتاب كله عن أدق أسرار الجماعات الإسلامية، وأمل هى زوجتى بالمناسبة. الدكتور ياسر عبد العزيز مازحا: إذن فاحذر أن تكون قد قلت كل شىء! يستكمل ماهر فرغلى: فات الأوان فهى تعرف كل شىء، وقد كانت لى رواية سابقة اسمها «الشيخ عبادة» وهى عن قصة قرية الشيخ عبادة التى دخلتها جماعات الإسلام السياسى باستراتيجيات التضليل ودمرت كل شيء بالقرية، وقد وقعت عقدا لتحويلها مسلسل قريبا وهى فيها عمق كبير يبرز استراتيجيات تلك الجماعات، وعند الحديث عن استراتيجية الكذب تحديدا عند جماعة هى معلوم عنها الكذب، مؤمن حاليا أن لدينا أكذوبة كبيرة هى تنظيم الإخوان الحلزون، وكيف تعمل وكذبة الانشقاقات، والطريقة الإخوانية الجيدة فى العمل داخل وخارج مصر، لأنه موضوع هو الأضخم، فهل هناك انشقاق حقيقى داخل الجماعة، وهل هناك تسوية لمصالحات قادمة مع النظام؟ من بداية أى تربية داخل الجماعات يتم تدريبك على كيفية طابور توصيل المعلومة، فتجد دائما أى كلام فى أول الطابور فى الأيام الرياضية بالجامعات يعطيك معلومة لبثها كسر فى أذن من يقف أمامك فتجد أن المعلومة التى وصلت إلى أذن آخر واحد فى الطابور مختلفة تماما عن أول واحد، وهذه هى طبيعة شغلهم وهى أن الترويج بيغير وجه الحقيقة، ودائما فى التربية والتكوين، موضوع أنك فى حالة حرب دائما، وهو نظام جاهلى لا يحكم بالشريعة ويجب العزة الشرعية عنه، ويدعو ظاهريا لبناء مجتمع ينهض على أساس الدين الإسلامى ليكون هو الطليعة المؤمنة التى تحقق الإسلام داخل المجتمع، وتختلف المفاهيم من الأستاذية عند الإخوان إلى الخلافة عند جماعات الإسلام السياسى الآخر، وهذه الحالة التى يضعك بها بأنك فى حالة حرب دائمة تعتمد على فكرة استراتيجية الكذب من أجل الوصول لأهدافه السياسية، فالكذب أساس تكوين التنظيم، والذى يبدأ بالتدريب داخل صفوف الجماعة على كيفية توصيل المعلومة وتحويلها إلى أكذوبة وترويجها بما يخدم النظام، وهى دائما بذرة فى التربية والتكوين لديهم بالزرع فى نفوسهم أنهم دائما فى حالة حرب، سواء مع المجتمع أو مع الأسرة والعائلة أو المدرسين فى الأبنية التعليمية، وفى حالة الحرب الضرورة تجيز لك الكذب، ويتعاملون مع الأكاذيب والشائعات بثبات نفسى وفعلى وبكل طمأنينة، فاذا نظرت لتقاسيم وجه «عبدالله الشريف» وهو يكذب سوف تجد تلك الخلطة من استسهال الكذب بين قسمات وجهه فذلك يرجع إلى التربية والتكوين على استراتيجية الكذب. «شرعنة الكذب» روزاليوسف: إذن هو يكذب فى إطار فكرة وجود المبرر الشرعى للكذب؟ هناك ما يسمى بفكر الواقع، أوفكر الحركة، وهو أنه يجوز لك فعل أى أمر غير جائز شرعا فى أوقات معينة حسب الوضع القائم، فنجد مثلا أنهم مؤمنون بإطلاق اللحية ولكن يجوز حلق اللحية إذا كنت تنتمى للجناح العسكرى بالجماعة، فكيف ستحمل السلاح باللحية، وهناك قاعدة بينهم «كن مهندسا بالنهار قاتلا بالليل» وهم يستدلون بمقولة الإمام البخارى فى رواية الصبى والساحر»إذا ذهبت إلى الساحر قل حبسنى أهلى، وإذا ذهبت إلى أهلك قل حبسنى الساحر»، وهو ما يجيز ساعة الضرورة شرعنة الكذب واختلاقه، وشرعنة الكذب تتضمن تكوينهم أجنحة عسكرية. غرف التصدي بعد عام 2013 قامت جماعة الإخوان المسلمين بصناعة غرف على منصات التواصل الاجتماعى تسمى «التصدى» للتصدى إعلاميا لكل ما يؤيد الدولة، وجعل القاهرة إدارة مركزية إضافة إلى قطاعين جنوب وشمال ويتفرع منها مكاتب إدارية وغرف داخل المحافظات والمدن، وهو ما يطلق عليها إعلاميا كتائب الكترونية، ومن شروط غرف التصدى عدم معرفة الغرفة بعمل الغرف الأخرى، إلى جانب تلقى التعليمات من الإدارة المركزية. «روزاليوسف»: هل «غرف التصدى» هى مفهوم بديل ل«الكتائب الالكترونية» والتى تستخدمها الإخوان فى تسويق الشائعات وبث الفتن ومحاربة إنجازات الدولة المصرية؟ يجيب فرغلى: بالفعل.. وكل غرفة مسئول عنها رئيس وهو لا يعرف باقى رؤساء الغرف وعددها 9 غرف داخل التنظيم الدولى للإخوان، و تقوم إدارة غرف التصدى إلى تقسيم العالم إلى 9 قطاعات بحسب عدد الغرف وكل غرفة مسؤولة عن قطاع من التسعة، وكل قطاع له رئيس خاص به، ويعتبر مصر ودولة ليبيا وغزة قطاعا واحدا فى هذه المنظومة، وتهدف تلك الغرف إلى إطلاق الشائعات والكذب، وبالمناسبة فإن الجهاديين لديهم منظومة مشابهة لتقسيم العالم ولكن عند الجهاديين ولاية مصر تشمل الدلتا مع ليبيا حتى بنغازى، وسيناء مع غزة قطاع أو ولاية أخرى فتجد أن أمير بيت المقدس داخل الجماعة فى رفح بسيناء، واللجنة الإعلامية مقرها سيناء. أما بالنسبة لأهداف غرف التصدى ففى إطار اجتماع إعادة تقييم الإعلام والخطة الإعلامية والذى عقد من عامين فى لندن وبعد اعتراف هذا الاجتماع بأن الخطة الإعلامية لديهم فشلت فجاءت 3 أهداف لغرف التصدى كأحد الحلول العاجلة وهى التسويق لموضوعات المصالحة حقوق الإنسان (اضطهاد الجماعة) انشقاقات الجماعة»، وهو تسويق أن الجماعة تمر بمرحلة ضعف وانشقاق لتمرير خطتهم واستعطاف الشعوب لتسويق المصالحة. روزاليوسف: وما الهدف من وراء تسويق فكرة وجود انشقاقات حادة بالجماعة وأنها فى حالة ضعف؟ ماهر فرغلى : هذه التفاصيل للإقناع، والسبب هو التسويق من ناحية لجناح على حساب جناح، ومن ناحية أخرى تمرير فكرة أن الجماعة انتهت واللعب على الصعيد العالمى بأنه يجب إخراج أعضائها من السجون، والتسويق أيضا لعودة هذا التنظيم الضعيف من خلال المصالحة مع رموزه وكل ذلك فى إطار منظومة واستراتيجية الكذب. اللجان الإعلامية وهناك مهمة للجان الإعلامية فى استراتيجية الكذب عند الجماعة حاليا، وهى دعوة منظومة الإعلاميين لديها مثل محمد ناصر، ومعتز مطر ويوسف حسين، وغيره للعمل على إشغال الإعلاميين وإعلام الدولة المصرية بالاشتباك معهم إعلاميا لإشغالهم عن القضايا والمخططات التى يتم بثها والتى تدور عبر وسائل التواصل الاجتماعى من خلال اللجان الإعلامية التى تديرها شركات متخصصة فى صناعة وفبركة الحقائق، وفى هذه المنظومة فإن الإعلاميين الإخوان أصبحوا ورقة محروقة يدفعون بهم لحرق أنفسهم للتغطية على دور الإعلام الآخر الذى يقوم عليه إعلام السوشيال ميديا الجديد، ومن خلال شركة «فضاءات ميديا»، ويتفرع منها مجموعة من الشركات لكل واحدة تخصصها فهذه مختصة بالوثائقيات، وأخرى بالبرامج القصيرة، وثالثة مختصة بغرف التصدى على السوشيال ميديا، وهذه الشركات هى الخطة الإعلامية التى تعمل فى الخفاء بخلاف الخطة الإعلامية العلنية والتى نراها جميعا متمثلة فى القنوات الفضائية الإخوانية. روزاليوسف: وما المحاور الكاملة لخطة الإخوان الجديدة بخلاف إشغال الإعلاميين الوطنيين فى اشتباكات جانبية.. وما أهداف ومدى تأثير هذه الخطة؟ علينا أن نعرف مبدئيا أن هذا المخطط مستوحى من استراتيجية الفكر التى تقوم على الكذب عند الجماعة، وحصلت على صور وأوراق نادرة للتنظيم عن طريق أحد الأعضاء من التنظيم الدولى وهى خاصة بمصطفى مشهور حوالى 400 صورة تعود للخمسينات لأعضاء التنظيم فى السجن الحربى لم تنشر من قبل، تظهر الصور مصطفى مشهور وهو شاب صغير وزملاؤه بالزنازين وهم يقومون بفروض الصلوات ويمارسون الرياضة، فأين التعذيب الذى تروى عنه؟، وزينب الغزالى مثلا عندما تتحدث فى كتابها فيأتى مصطفى مشهور، ونجد أنه يقول فى أحد حواراته الصحفية أنه شارك فى كتابة هذا الكتاب فهذا الكذب والتزييف والخداع كله يصب عندهم فى إطار ما يسمى مصلحة الدعوة وهى التى تجيز الكذب وتغيير الواجهات الإخوانية. وتقوم الخطة الجديدة على عدة محاور خلال الفترة الحالية وهى تغيير أسماء الإخوان الجديدة إلى أسماء مفتعلة فى كل أنحاء العالم.. ثانيا إعلان انفصال كل المنظمات عن الإخوان المسلمين، ثم عمل انقسامات داخل الأحزاب الموالية لهم، ثالثا إنشاء أحزاب جديدة بواجهات ووجوه مختلفة، تشمل التنظيم الميدانى وهو تنظيم شبكة لا مركزية لا تحمل مسمى الإخوان المسلمين، وهى تعتمد على العمل الاجتماعى، وحتى فى مصر لن يطرح ثانية اسم الإخوان المسلمين، بل مجموعات عمل لجمعيات ومنظمات من خلال منظمات مجتمع مدنى لاختراق كافة المؤسسات، وهناك اختراق للفن واختراق للرياضة واختراق لكافة المجالات بأسماء لا تحمل شعار الإخوان المسلمين فهناك دعاة ورياضيون وفنانون..كمحمد دياب وحمزة نمرة ومحمد أبوتريكة، وحتى معز مسعود إخوانى، وتقوم الاستراتيجية على إنكار الانتماء للإخوان بكل الوسائل. وكل ذلك يأتى فى إطار منظومة الكذب الإخوانى الحلزونى الجديد، وبالنسبة ل«عبد الله الشريف «فهو جبهة سلفية تكفيرى، ويظهر حاليا فى إطار التحالف بين الجبهة السلفية مع الإخوان المسلمين، وهو ليس إخوانيا فى قلب التنظيم وسيتم التضحية به فى أقرب تسوية وهذه هى سياسة التنظيم المتبعة. الدكتور ياسر عبد العزيز متسائلا : تحدثت عن التسويق لصورة الضعف عند الجماعة، وإشغال المنظومة الإعلامية الرسمية للدولة بالدخول فى معارك جانبية تافهة وهو كلام مهم جدا ويعتبر قنابل الدخان، فهل من الممكن أن تحدد لنا فى نقاط مختصرة أركان الاستراتيجية الإعلامية الحقيقة لديهم؟ أركان الإستراتيجية إن أركان الإستراتيجية الجديدة للإخوان فى التنظيم الدولى تحمل مسمى «نجمة البحر الخماسية» وهى استنباط توصلت إليه من خلال المتابعة الدقيقة لقنوات اتصالاتهم ولم يتم التحدث عنه من قبل.. وتنقسم إلى خمسة أضلاع وهى: أولا المستقلون والمنظمات والكيانات المستقلة بمعنى أن هناك عناصر إخوان يتم انسحابهم من الجماعة أو تنشق أو منظمات وكيانات ليتم استخدامهم والاعتماد عليهم فى المرحلة المقبلة بشكل سرى، وهناك مثل على ذلك اتحاد علماء المسلمين ككيان مثلا، وعلينا التفرقة بين التنظيم الدولى للإخوان المسلمين والفرع المصرى بالتنظيم الدولى وهو جماعة الإخوان المسلمين، وهو خلط يحدث دائما بين باحثين وإعلاميين بمصر، فالتنظيم الدولى مازال يعمل بانتظام مثل الساعة بضخ استثمارات ودعوة واستخبارات وكل شيء وحوارات مع الدول، ونحن نتحدث هنا عن جماعة الإخوان المسلمين وخطتها للنهوض وليس التنظيم الدولى، ويأتى ثانى أضلاع خطة نجمة البحر الخماسية عند جماعة الإخوان بعد ضلع المنشقين والكيانات المستقلة مستهدفة منتديات الوسطية والحوار، والتى يتم استخدامها كوسيط لتمرير وبث أفكارهم المسمومة. «روزاليوسف»: هل المقصود بالاستعانة بمنتديات الوسطية والحوار هو الانفصال عن فكرة التطرف والعنف أم ماذا؟ لا.. هو مجرد وصيف مخادع وهو وسيط تعمل من خلاله الجماعة.. ثم يأتى الضلع الثالث وهو المدخل الفكرى والأيديولوجى فهو سيعمل على نشر فكر الإخوان المسلمين عبر أرضية تمثل شبكة من الناس المتعاونين معه دون أن تشعر، فيقوم بمد جماعة من الجماعات بالأموال، دعم داعية جديدة بالأموال وخلافه، فدعاة السوشيال ميديا الجدد ينشرون الأفكار فى قاعدة كبيرة من المجتمع، ثم يأتى الضلع الرابع والمتمثل فى التنظيم الصارم وهو الشكل المتعارف عليه للتنظيم الإخوانى الذى يعمل فى العلن بشكل ظاهري، ثم الضلع الخامس لخطة نجمة البحر الخماسية والمتمثل فى التنظيم الاقتصادى السرى فى الاعتماد على بعض أنواع التجارة كتجارة اللحوم الحلال، وهى تعتبر جزءا من الشبكة الإخوانية، وتعمل على إدخال حوالى 200 مليون جنيه سنويا. وخطة الإخوان الإعلامية تعتمد بالأساس على فقه التلون والكذب وفكر الإخوان الحلزونى الجدد وهو أخطر ما يمكن خلال الفترة المقبلة. «روزاليوسف» تسأل «سامح فايز» بحكم أنك مولود بكرداسة ونشأت ومازلت تعيش بها وانضممت للجماعة فترة طويلة.. متى أول مرة طلب منك الكذب بشكل تنظيمى وبأمر وبتكليف، وما هى الكذبه الأولى التى اكتشفتها فى مرحلة النشء وما ارتباط هذا الكذب بمفهوم « التقية « عند الإخوان؟ يجيب سامح فايز.. أول كذبة تم تكليفى بها كانت تخص مؤسس الجماعة « حسن البنا نفسه» بإنكارى له وعدم شراء كتبه فى العلن كنوع من التخفى والتمويه، وكان ذلك بعد أن قمت بالبيعة أمام «مصطفى مشهور» وأنا مازلت بالصف الخامس الابتدائى، وطوال سنوات انتمائى للجماعة التى امتدت من عام 97 وحتى 2005 لم أدرك هذا الكذب أو أنه كذب حتى خروجى من الجماعة وفى عام 2011 تحديدا فعندها اتضحت لى الصورة كاملة، وأحب أن أوضح أن الأستاذ ماهر فرغلى تحدث عن تفاصيل جديدة لم يتحدث عنها أحد من قبل فيما يتعلق بالإخوان الجدد وهذا الكلام من المهم توثيقه بشكل جيد لأن هناك مازال أناس يعيشون فى زمن أن الإخوان إرهابيين لأنهم قتلوا النقراشى والخازندار، وفى أنهم مازالوا داخل كتب حسن البنا وسيد قطب، ولكن أصبح هناك أسماء جديدة أضحى هناك عماد الدين خليل، وجاسم سلطان، وأحمد خيرى العمرى وأعمل على هذه الخطة التى تحدث عنها الأستاذ ماهر فرغلى من حوالي3 أشهر وموضوع توظيف الكذب من خلال المستقلين والوسطيين الذى تحدث عنه. روزاليوسف ل«سامح فايز»: نعلم أن لديك تجربة فيما يخص اختراق الإخوان لصناعة النشر والثقافة ولكن فى البداية نريد التعرف على تفاصيل معايشتك للتفاصيل الخاصة بمنظومة الكذب ضمن قواعد صفوف جماعة الإخوان المسلمين لسنوات طويلة؟ بالعودة لقصة انتمائى للإخوان والتى كانت سنة 1997 ببلدتى إحدى قرى كرداسة خلال فترة تولى مصطفى مشهور مكتب الإرشاد، وتم انضمامى للجماعة من الصف الخامس الابتدائى أثناء حضورى إحدى المسابقات الدينية بمسجد القرية كفر غطاطى فى شهر رمضان المبارك عن طريق أستاذى بالمدرسة وعمل على تربيتى وتعليمى داخل التنظيم، وبالنسبة لعائلتى فإننى كانت أنتمى لعائلة شديدة الفقر حيث كنا 7 إخوة نعيش فى غرفة واحدة وكان والدى موظفا فى هيئة النقل العام، وكان يرى ابنه يذهب إلى المسجد ويرافق جماعة الدين، فكان الأمر بالنسبة له فعلا حسنا، وكان جميع الأسرة يعملون فى المهن الحرفية بينما أنا المهتم الوحيد بالعملية التعليمية والقراءة والاطلاع، وانتبه لى معلمى «عبدالصبور» وبدأت قصتى مع الجماعة من هنا. وكانت مرحلة انضمامى للتنظيم من أصعب الفترات التى مرت على الجماعة حيث كثرت فى هذه الفترات الاعتقالات لأفرادها ما جعلها فى حاجة إلى تبنى أجيال جديدة وضم عدد كبير من الأعضاء الجدد وكان ذلك يتم دون مراعاة الضوابط والمعايير القاسية جدا التى اعتادت أن تتبعها الجماعة لضم أعضاء جدد لصفوفهم، وذكرت كل تفاصيل ذلك فى كتابى «جنة الإخوان» والذى تصدر الطبعة الثالثة منه خلال أيام. وبالنسبة للكذب عند الجماعة فقد كان لى موعد مع أول درس من فنون الكذب عندما وصلت إلى الصف الأول الإعدادى، وأتذكر جيدا ذلك اليوم أثناء خروجى من المسجد عندما وجدت كتبا تباع للأطفال من بينها كتاب «الشهيد حسن البنا» فقمت بشراء الكتاب وثمنه جنيه حينها، وكان لدى شغف للتعرف على مؤسس الجماعة التى أنتمى إليها، لكننى صدمت من موقف معلمى فى لقاء الأسرة الذى يتم أسبوعيا، والذى قام بتوبيخى وأمرنى بإعادة الكتاب إلى مكانه فورا، وعدم القراءة عن هذا الرجل، بعدها لم أكن منتبها، وكل معرفتى بالجماعة وما يخصها جاء بعد خروجى من الجماعة بعدها بسنوات، وحيث كنت أنا ممن يعتبرون « الوقود أوالخرفان» بالجماعة ودورنا فقط هو أن ساعة الحشد يتم الاستعانة بنا للدعم سواء للقيادات الذين يتم توظيفهم مثل الأستاذ ماهر فرغلى حينها وغيره، أو لتمرير أفكارهم فى المسيرات، وعلمت فيما أن الغرض من قيام أستاذى بتوبيخى لشراء الكتاب والمتعلق بمسألة «التقية» وأنه يجب أن نختبئ ولا نعلن عن أفكارنا لأن شرائى للكتاب فيه ضرر لشخصى كأحد المنتمين للجماعة وللجماعة نفسها ويتنافى مع قاعدة التخفى وعدم الإفصاح عن الأفكار. «روزاليوسف»: ولماذا لم يتم تصعيدك تنظيميا والوثوق بك رغم بقائك بالتنظيم طيلة هذه السنوات؟ التصعيد فى جماعة الإخوان المسلمين يبدأ من منتمى إلى أسرة مفتوحة ثم منتسب ثم عامل ثم مجاهد وكنت أنا فى أقل أسرة، وكانت أهم القواعد لتأمين الاجتماعات هى أن نحرص على أن ندخل فرادى ونخرج فرادى، والانصياع تماما لفكرة السمع والطاعة والصمت وعدم السؤال، إلا أننى كنت دائم الاستفسار والسؤال، ففكرة السؤال فى حد ذاته مرفوضة تماما، وعلى المنتمى للجماعة أن يأخذ كل ما يقال على أنه مسلم به، وأذكر أن أحد زملائى بالتنظيم تم فصله لأنه فى جلسة ذكر تحدث عن دراية ودراسة بأن هذا الذكر لم يرد بهذا النص عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقيل له هكذا وردنا عن الإمام حسن البنا، ثم تحول لمجلس تأديب وتم فصله. وبالنسبة لى لم تتوفر فى الشروط المطلوبة، بحب الحياة وبضحك وكثير السؤال، لهذا على مدار 10 سنوات كاملة لم يتم تصعيدى بالجماعة رغم تصعيد كافة زملائى، ومعظمهم هاربون فى الخارج، أما بالنسبة لى، فقد تم استبعادى عن جماعة الإخوان عام 2005 لأنى شخص غير مرغوب فيه وسط التنظيم، على الرغم من محاولتى لاقتناص مكانة بينهم وطلبت من أستاذى الوقوف معي، وكان رده الوحيد «كنا سعداء بوجودك معانا»، كانوا يشعرون بأننى لم تتوافر فى الشروط الملائمة لهم ولهذا لم أكن شخصا مرغوبا فيه داخل الجماعة. ياسر عبد العزيز مقاطعا: وطبعا كنت تحقد على زملائك الذين تم تصعيدهم وأصبحوا قيادات وأنت لا. سامح فايز يوضح: طبعا.. وكنت أدور فى فلك الجماعة منذ انفصالى عنها فى 2005 محاولا الرجوع إليها، وأتذكر أنه فى انتخابات 2010 أثناء الحشد وجدت آلاف من أصدقائى الإخوان أمام عربات الأمن المركزى بكرداسة وكانت من أخطر الدورات الانتخابية، ونظرت بحسرة يا ليتنى معهم، حتى 2011 أيام «فوضى يناير» وإدراكى للكذب لدى جماعة الإخوان كان بعد أحداث يوم 28 يناير عند نزول الإخوان بعد صلاة الجمعة إلى ميدان التحرير وقضاء دقائق قليلة كنزول استكشافى ثم انصرف الجمع، فى الوقت الذى كان ميدان التحرير يكتظ بالمواطنين، حينذاك دار فى خيالى كثير من الأسئلة أين الإخوان المجاهدين فى سبيل الله؟ أين الناس الذين ظللت أعواما من الحزن والقهر لعدم قربى لصفوفهم؟، إلى أن جاء فجر يوم الإثنين وبدأ يتوافد جموع الإخوان عند مسجد عمر مكرم وكانت المفاجأة أن من ضمن حراس الجماعة أثناء صلاتهم أحد المدرسين بالمدرسة، وكان بطلا فى لعبة كمال الأجسام، وكنا نمارس داخل صفوف الجماعة الرياضات القتالية مثل الصلاة والصوم، وكنت ألعب «الكونغ فو»، وقتها انقلب فكرى من سعيى وراء الإخوان إلى البحث عن فرصة للعمل فى مجال الصحافة، ومن هنا تغيرت حياتى وانكشفت حقيقة هذا التنظيم أمامى. وأثناء العمل الصحفى وحيث تخصصت فى مجال الصحافة الثقافية وأثناء البحث حول تاريخ الإخوان وجدت أن الإخوان فى فترة الأربعينيات كيف كان الإخوان يقومون بتوظيف الكذب والتضليل فأصدروا مثلا مجلة الكشكول الجديد لمحاربة وسب الوفديين كحزب ليبرالي، لعدم قدرتهم على السب من خلال صحفهم الدينية، فقام اثنان من الإخوان بالانشقاق الوهمى وأسسا مجلة الكشكول الجديد تنتمى سريا لجماعة الإخوان وتمول من خلالهم ومهمتها سب حزب الوفد.. من هنا بدأت أتتبع آلية الكذب عند الجماعة حتى ظهرت بشكل واضح خلال العام الماضي، وهنا بدأت أتفهم الفكر الحقيقى للجماعة ولكن لم أقتنع تماما بأن الجماعة بالفعل هى جماعة إرهابية إلا منذ عام 2016، وهو الأمر الذى لم يكن واضحا أمامى لسنوات، وطبعا وضحت الصورة كالشمس بعد ملحمة «البرث» وقتل الشهيد «المنسي» بعدها كتبت مقالة عن توظيف جماعات الإسلام السياسى للأدب فى تمرير الأفكار. روزاليوسف.. وماهى آلية توظيف جماعات الإسلام السياسى لفنون «الأدب» فى خطتهم لتمرير أفكارهم..وهل هم ناجحون فى الوصول إلى العقول واختراقها عبر هذا التوظيف؟ يقول «فايز»: إنه بعد عام 2013 بسقوط الجماعة والتنظيمات التابعة لها بدأت دائرة البحث والاطلاع لدى تتوسع أكثر، وحينها بدأت أتتبع خطة دور النشر والدعاة الجدد فنجد أن الدعاة بدأ الشباب يستهين بهم فبات محمد حسين يعقوب وهو الداعية المقدس لديهم يتم السخرية منه وتوجيه الشتائم له و«عمرو خالد» أيضا وهنا بدأت الجماعة تتحول إلى فن الرواية كأداة فبات دعاة الدين يحولون كتبهم الدينية إلى روايات وكان أبرزهم أحمد خيرى العمرى وهو داعية إخوانى عراقي، وكانت رواياته الثلاثة «شفرة بلال وألواح الرسل وكريسماس فى مكة» تتحدث عن موضوعات دينية ولكن لاحظت كيف أن هذه الكتب تدس السم فى العسل، فالكتب الثلاث أبطالهم الثلاث ملحدين فى مجتمع جاهلى وليس به إسلام، وأنهم أرادوا الانفصال عن هذا العالم واللجوء إلى جماعة المسلمين من خلال بطل كل رواية وعند الوصول إلى نهاية القصة فإن الموعظة والرؤية تقدم من خلال أفكار مرجعيتها إخوانية، فذهبت إلى كتبه السابقة فوجدت مثلا كتابه «البوصلة القرآنية» والذى كتبه فى 2003 هو كتاب نسخة حديثة من «سيد قطب «، من الألف للياء بشكل حداثى يمكن تمريره للشباب بشكل طريف، وكتبه بها تشكيك فى كتب التراث وتفسير القرآن الكريم ولم يدون فيها مصدرا واحدا فى أسفل الكتاب وكان يستند فى رؤيته الجديدة لمأثورات وفتاوى ل «يوسف القرضاوي»، وغيره من هؤلاء المحسوبين على الفكر الإخوانى، كعماد الدين خليل، وكان يقول فى إحدى مقالاته أنه يجب أن يتم تحول تنظيمات الإسلام السياسى إلى تيار فكرى وهو ما يحدث الآن. عندما كتبت عن أحمد خيرى العمرى كانت هناك موجة من الهجوم على شخصى بأننى مأجور تارة، وأخرى بأن لى خلافات شخصية معه، خاصة أن أحمد خيرى العمرى نفسه يحاول التنصل من الإخوان دائما والحديث من حين لآخر عن مصر، وله كتابات يهاجم فيها الإخوان صحيح، وحتى حدث ما غير دفة الحوار عندما بدأت قنوات الإخوان المختلفة فى الدفاع عنه وتهاجمنى بشكل صريح، ووصفى بأننى صحفى مأجور، وفى هذه الفترة اكتشفت أن أحمد خالد العمرى له مقالات من 2008 وحتى 2014، تبرز كيفية أنه خلايا نائمة من خلال موقعه الالكترونى والذى تم غلقه فى 2014 بعد سقوط الإخوان، وحذف كافة مقالاته السابقة، وعن طريق صديق مبرمج تمكنت من إعادة كل المقالات المحذوفة، ووجدت فيها أحد الحوارات له، ومكتوب فيه نصا «أنه يجب أن يتم تحويل تنظيمات الإسلام السياسى إلى تيار فكرى، وهذا ما يحدث حاليا، وتحدث عنه الأستاذ ماهر فرغلى، وأن تيار الإسلام السياسى سيكون أكبر من فكرة التنظيم ودلل على ذلك من خلال « يوسف القرضاوى» الذى بدأ منتميا إلى جماعة الإخوان المسلمين لكن الحركة الإسلامية استفادت منه أكثر عندما تحلل من فكرة التنظيم وأنه ينبغى فى معركتنا أن نمارس الكمون والاختباء، وهى ذات الفكرة التى طرحها نصا فى فصول كتابه «البوصلة القرآنية» يسمى «فقه التمكين» بأنه يجب ممارسة الكمون والاختباء فى مرحلة الضعف» والاختباء والعودة إلى غار حراء فى مواجهة الكفار، وعندما كشفت عن تلك الحقائق، كل من كان يهاجمنى التزم الصمت، وتحول من كان يقول أنه ليس إخوان، إلى القول بأنه إخوان ولكن عادى يمارس حرية الرأى، وحاليا لم يعد هناك تنظيم فبدأ الأمر من مصر فى التحول إلى تيار فكرى. «الوعى الروحي» - روزاليوسف تسأل « ياسر عبد العزيز « ونحن فى تلك المعركة التى تديرها ضغطة على السوشيال ميديا كيف تواجه الدولة والمجتمع الاستراتيجية الإخوانية الجديدة، وهل الوعى وحده يكفى لتحصين المواطنين من العبث فى عقولهم؟ ياسر عبدالعزيز يجيب: لدينا مشكلة أساسية فى مصر هى مسئولة عن إنتاج كافة المشاكل لاحقا، ألا وهى الخلط بين مفهوم التدين والوعى الروحي، طالما المجتمع المصرى لم يفرق بين تلك المفاهيم السابقة، سوف يظل يعانى المجتمع من الآثار الفكرية والثقافية ثم الحركية لما يسمى بجماعات الإسناد الدينى وهى الجماعة التى تمارس السياسة أو العنف استنادا على مرجعيات دينية، لأن فى مجتمعنا نصنف الأشخاص إلى متدين وغير متدين وأن المتدين وضعه أفضل من غير المتدين هو ما يؤثر فى مركزك القانونى والمعنوى بالمجتمع ، فأنت من الممكن أن ترفض كزوج لأنك لست متدينا، وفى وظيفة أيضا وأسرتك ترفضك وهكذا. ومعنى التدين الروحى هو أن يكون الخطاب العمومى السائد يتحدث عن التدين باعتباره مسألة شخصية، وعلى الدولة والمنظومة التشريعية أن تتعامل بمبدأ الإيمان بفكرة الوعى الروحى أولا، وثانيا يأتى الخطاب العام سواء سياسى ثقافى اجتماعى غير دينى ولا يلتزم تأويلا دينيا محدودا. إن الدين دافع للخير والعمل وأنه ليس وسيلة للوصول إلى الحكم عبر الانتخابات وليس وسيلة لإحداث الثورة أو حمل السلاح وأن الدين جوهرى وأساسى وأنه يحكم السياق الاجتماعى والاقتصادى فى التعاملات وما شابه وإذا كان هذا هو السائد فلن نجد من يخرج علينا بفكر « أنا جهادي» أو «أنا إخوان مسلمين».. ولن نجد جماعة أو دولة تنظر لنفسها على أنها أولى بالخلافة، ولهذا فإن الدولة تحتاج إلى أن تؤمن فضاء روحياً يجعل لكل راغب فى الاعتقاد الدينى فرصة حقيقية وحماية بأنه يعتقد الاعتقاد الذى يناسبه وأن تؤمن أيضاً الممارسات الاجتماعية والقانونية التى لا يترتب عليها مراكز قانونية أو معنوية للأطراف أو الأشخاص بناءً على اعتقاداتهم الدينية. روزاليوسف: - ولكن الشخصية المصرية معروف عنها دائما التزام التدين الوسطى؟ ويعقب « عبد العزيز» قائلا: إن مفهوم الوسطية نسبى فالتدين الوسطى هو رؤية شخصية.. فبالنسبة للشخص المتدين المنفتح سيجد أن المتدين الوسطى هو شخص متشدد، ولهذا علينا الخروج من هذه الإشكالية إلى الفضاء الروحى، لأن التدين فضاء خاص ودور الدولة ليس ضبط هذا الفضاء أو تحجيمه أو وضعه فى قالب معين يناسبها لكن دور الدولة أنها تحمى حقك فى اختيار فضائك الخاص، ، فإذا نظرنا إلى الدين الذى يكسب كل يوم أرضا جديدة حاليا، فسنجد أن الإحصائيات تشير إلى أن ال «لا دين « هو هذا الدين الجديد الذى يكتسح العالم حاليا. وحدة العقيدة أمر لم يحدث أبدا ولن يحدث وإن حدث سيحدث بالنار مثلما فعل صلاح الدين فى مصر ومثلما فعل «إسماعيل الصفوى» فى إيران، أو مثلما فعل الإخوان المسلمين فى تركيا وهذا أمر لا يجوز لأن العالم لا يناسبه ذلك لكن الفكرة هى أن الدولة تقتنع وتفهم أن الدين قرار شخصي، وأن التدين ضمير وتترك للناس اختيار نمط التدين الملائم لها. وأن تعيد الدولة تأسيس المجال العام سواء كان قانونيا أو دستوريا أو ممارسات أو قيادة مؤسسات على أساس الوعى الروحى لأن الفضاء الدينى فضاء خاص وأن نضمن ونحمى حق كل معتقد فى أن يمارس اعتقاده دون أن يجور على حقوق الآخرين وأن نحمى المقدسات من أى نوع من أنواع المساس أو التجريح، فالوعى الروحى لا يسمح بالرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام ولا الرسوم المسيئة للسيد المسيح على عكس فرنسا التى تسمح بذلك والوعى الروحى لا يسمح بإهانة مقدس دينى حتى لو كانت البقرة التى يعبدها قطاع معين من المواطنين، ولو هناك قطاع من المواطنين مسيحى تحترم المسيحية، وإن كان عندك قطاع من المواطنين بيقول أنا مسلم تحترم الإسلام، ولا تسمح بإهانته لأنه مقدس عند جماعة معينة فأنت تؤمن لهم هذا الأمر. ويعقب ماهر فرغلى قائلا.. إن التدين أنواع فهناك تدين تقليدى وتدين جماعات الإسلام السياسى، ولدينا أيضا الإسلام الصوفى والسلفى والإخوانى وغيره، والمشكلة تكمن هنا أن هزيمة التدين أو تدين المؤسسة الرسمية واختراق التسلف كل ذلك بينعكس على التدين الشعبى وله انعكاس على امتداد الإسلام السياسى، وعلينا أن ننتبه إلى أن تدين الإخوان يخترق المؤسسة الرسمية. روزاليوسف.. وما هى أسس المواجهة الميدانية للإستراتيجية الإعلامية للجماعات ذات الإسناد الدينى؟ ياسر عبد العزيز: أول شىء هى المرتكزات التى أمتلكها، و الناس تتصور أن الإطار الإعلامى للتنظيمات ذات الإسناد الدينى إطار مشابه لبقية التنظيمات لكن هم لديهم ثلاثة أطر إعلامية ، والإطار الأول اسمه الإعلام التقليدى وتنظيم الإخوان نشأ سنة 1928 وسنة 1933 كان عنده مجلة اسمها الإخوان المسلمين، وبعدها مجلة النزيل وبعدها مجلة الدعم، و «حسن البنا» كان يكتب فيها مقالات تتعلق بالمسائل التشريعية الشرعية والتفسير وما شابه بعدها أطلقوا مجموعة أخرى من المجلات والجرائد، و دور نشر، ثم فى عام 2011 مصر 25 وجريدة الحرية والعدالة ثم بعدها ظهرت قناة الحوار فى لندن وظهرت القنوات التى نسميها الآن القنوات المعادية، لكن نستطيع أن نقول أنهم غير ناجحين فى الإعلام التقليدى لأنهم لم يأسسوا العقل العام للجماعة على الأسس التى تناسب السوية الإعلامية التى هى الحرية، الموهبة والإبداع، ولهذا نجد هزيمتهم هزيمة ساحقة فى الإعلام التقليدي. و الإطار الثانى هو السوشيال ميديا وهو إطار يربح فيه الفكر الشعبوى والفكر المستند لتأويلات دينية فهو فكر شعبوى وكلمة شعبوية ليس لها علاقة بالشعبية، وإنما شعبوية يعنى الارتكاز الإثارى وإلحاد الخطاب الذى يخاطب الغرائز والمشاعر ولا يخاطب العقل والمنطق وفكرة لا تجادل ولا تناقش فالفكر الشعبوى بينجح فى السوشيال ميديا جدا، والدليل ترامب نفسه قال أنا لم أكن أنجح لولا تويتر وحزب البديل وهو حزب عنصرى يمينى متطرف فى ألمانيا بيقر بأنه لولا فيسبوك لما كان هناك حزب البديل. واستخدام الجماعة السوشيال ميديا يمنحها فرصا كثيرة أهمها أن كل شيء فى السوشيال ميديا قابل للتزوير ففى هذا الوسط كل شىء قابل للاختلاق والتزوير لذلك هم يستطيعون أن يخلقوا حالة كاملة من خلال السوشيال ميديا وفى هذا الميدان الفكر الشعبوى ينتصر ويتقدم والسبب هو الخوارزمية ومن خلال الخطف الذهنى . والإطار الثالث هو إعلام المنابر.. ولقد نجحت الدولة فى أنها تعاملت بحكمة مع قطاع المنابر الإعلامية عبر اختيار الأئمة، وتدريب الأئمة وتوحيد الخطبة وقرار توحيد الخطبة هو قرار صائب جدا لأن هذه المنابر كانت الأداة الإعلامية الأكثر تأثيراً التى يعتمد عليها التنظيمات ذات الإسناد الدينى فى استقطاب الأتباع وبالتالى ضبط المنابر خطوة مهمة. روزاليوسف.. وكيف توظف الجماعة الإرهابية هذه الأطر الثلاثة فى دعم استراتيجيتها لصناعة الكذب؟ تعمل الجماعة على استغلال هذه الأطر الثلاثة من خلال قضايا معينة خاصة بالناس ومن خلال التركيز على المشكلات الحياتية وخلق مقارنات بينك وبين دول أخرى ليظهر لك تعاسة موقفك.. والعمل على خلق إطار قضايا غير موازى للمجتمع والدولة المصرية ولكى يظهر المجتمع والدولة فى مصر بأنهم فى مأزق أو فى مشكلة، واستخدام أساليب الشيطنة مقابل التلميع بإعطاء صفات وأدوار دائماً لأسماء أو عمليات معينة بغرض الحط من شأنها أو إعلاء شأنها ويظل يردد ذلك من خلال منظومته بما يتناسب مع أجندته. - إذا كانت فكرة التصدى للإعلام التقليدى المعادى غير مجدية باعتباره غير مؤثر.. فماذا عن أوجه التعامل مع تأثيرهم فى السوشيال ميديا؟ بالنسبة للسوشيال ميديا فهناك دور على شركات التكنولوجيا العملاقة، والتى تلعب دوراً فى منتهى الانتهازية بأنها توظف هذه الوسائط.. فنموذج أعمال السوشيال ميديا هو أن التفاعل أكثر يربح أكثر ونموذج الأعمال هذا لا يخدم أى قيمة من قيم الضبط فهو يخدم قيمة واحدة وهى قيمة الانتشار، فلابد من الضغط على تلك الشركات من أجل إيجاد منظومة، و فى بعض الدول يتم الغلق تماما مثل الصين ، وهناك دول تفرض عليهم ضرائب، و هناك دول تدخل فى معارك مع تلك الشركات مثل أستراليا. وعلينا أن نعترف بأن السوشيال ميديا بات يدير نتاج المعارك فهناك معركة حدثت بالفعل بالعراق اعتمدت نتائجها على السوشيال ميديا ففى 2014 معركة الموصل وقعت المدينة بأكملها أمام قوة داعشية لم تتجاوز 1500 شخص رغم الدعم الجوى والتسليح، وعندما سألوا عن السبب جاءت الإجابة بأن القصف تم ب«التغريدات». و فى هذه المعركة تم رصد 40 ألف تويتة فى وقت واحد تخترق صفوف المقاتلين لهزيمتهم نفسيا من خلال صناعة الكذب فتارة بإشاعة ضرب المطار وسقوط الطائرات، وأخرى بنداء أنقذوا أبناءكم، ولهذا علينا أن ننتبه إلى خطورة هذه القضية بأن تفقد منظومتك الإعلامية القدرة على التأثير وتفقدها الثقة عبر تسيد نمط أداة واحد بداعى خدمة المصلحة الوطنية. 2991 2992 2993 2994 2995 2996 2997 2998 2999 3000 3001 3002 3003 3004 3005