لا شك أن اهتمام الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمشروعات تحلية المياه يرجع لإدراك القيادة السياسية لوضع مصر المائى وجزء من استراتيجية الدولة للتعامل مع أزمة المياه، فمشروعات معالجة وتحلية المياه تعتبر من أهم المشروعات التى تشهدها مصر فى الفترة الأخيرة وتستهدف الاستغلال الأمثل لكل إمكانيات وقدرات مصر وعدم هدر هذه الموارد، وتعظيم الاستفادة منها إلى أقصى درجة ممكنة. المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة الكاتب الصحفى كرم جبر، نظم أمس جلسة حوارية مفتوحة حول إدارة الموارد المائية والرى بمصر فى ظل التحديات المائية، فى حضور الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى والموارد المائية، وعدد من كبار الكتاب الصحفيين والإعلاميين، وذلك بالقناطر الخيرية. وفى البداية، أكد «عبدالعاطى»، أن هذا اللقاء يتزامن مع ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والذى كان مفتاح النصر فيه «مدفع المياه»، وهو نفسه مفتاح التنمية فى الوقت الحالى، مشددًا على أن مصر جاهزة للتعامل مع جميع السيناريوهات حول سد النهضة، وأن المصريين بكل أطيافهم على قلب رجل واحد، موضحًا أن هناك تنسيقًا كاملاً بين جميع أجهزة الدولة للتعامل حول قضية سد النهضة بلا تسرع فى اتخاذ أى قرار، بل يتم دراسة جميع القرارات التى تخص الأمر بتأنٍ حتى يتم تحديد الوقت لتنفيذ أى سيناريو، لافتًا إلى أنه من الطبيعى أن يكون هناك قلق لدى لمواطنين حول السد، ولكن لا يجب أن يكون قلقًا مرضيًا، واصفًا الوضع فيما يتعلق باستئناف المفاوضات بأنه فى «شبه حالة تجمد حاليًا»، مشيرًا إلى أن هناك اتصالات على مستويات مختلفة ومن دول مختلفة لكنها لا ترق لمستوى طموحات بلاده، مشددًا على أن القاهرة تطالب بآلية واضحة ومدة زمنية محددة مع وجود مراقبين دوليين لهم دور للتوصل لاتفاق عادل وجاد حول قواعد ملء وتشغيل وسد النهضة. وحول التأثيرات الإيجابية للمشروعات الكبرى التى تقوم مصر، لاستغلال كل نقطة مياه وإعادة استخدامها، قال عبدالعاطى: «إنه عند انتهاء إنشاء تلك المشروعات ستكون مصر من أكبر دول العالم فى استخدام وإعادة استخدام المياه»، موضحًا أن قطاع المياه فى مصر تحديات عديدة على رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، حيث إن موارد مصر المائية المتجددة من المياه محدودة معظمها يأتى من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحارى بإجمالى 60 مليار متر مكعب سنويًا، وفى المقابل يصل حجم الاحتياجات المائية إلى 114 مليار متر مكعب سنويًا، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج، مثمنًا دور الإعلام فى توعية المواطنين، بقضايا ترشيد استخدام المياه. وعن قضية إزالة الاشغالات، أكد الوزير أن الدولة تتعامل مع تراكمات منذ 50 عامًا، مضيفًا أن الدولة منهجها المواجهة فى التعامل مع جميع المشكلات، موضحًا أن التحديات التى تواجه المياه فى مصر، تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من جميع أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، وتعتمد على 4 محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه. من جانبه، قال كرم جبر خلال اللقاء الذى عقد بحضور كوكبة من الزملاء الإعلاميين والصحفيين، لمناقشة تطورات قضية سد النهضة وجهود الدولة للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم يحفظ حقوقها التاريخية فى نهر النيل: «إن مصر هبة النيل وستظل دائمًا إن شاء الله»، مؤكدًا أن مصر لن تعطش أبدًا ولن يستطيع أحد منع جريان مياه النيل التى تتدفق إلى أرض مصر المحروسة منذ آلاف السنين، مشددًا على ثقة المصريين التامة فى قدرة الرئيس السيسى، على إدارة ملف المياه ووضع جميع الحلول الممكنة للحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، متابعًا: «علينا جميعًا أن نصطف وراء الدولة المصرية للحفاظ على حقنا فى المياه فى معركتها العادلة»، مشددًا على ضرورة الحصول على الأخبار والمعلومات والتحليلات من مصادرها الرسمية، وعدم اللجوء إلى المصادر المرسلة التى تنشر معلومات غير صحيحة، قائلاً: «إن من حق الرأى العام أن يطمئن ولكن دون قلق أو توتر، فمسألة المياه حياة أو موت، ومصر أعلنت مرارًا وتكرارًا أنها لن تفرط فى نقطة مياه واحدة من حقوقها المائية فى نهر النيل»، موضحًا أن الدولة اتخذت الإجراءات الكفيلة لترشيد استهلاك المياه وتنويع مصادر الإنتاج، بما يجنب حدوث أزمات سواء فى الوقت الحالى أو فى المستقبل، مع الوضع فى الاعتبار أن مصر رغم هذه الإجراءات لن تفرط فى أى جزء من حصتها المائية، كما قامت الدولة بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال إنشاء محطات تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى».