استقبل الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، الثلاثاء، وفد من المنظمات الدولية التي تعمل في مجال إدارة الموارد المائية، برئاسة إلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، وسيلفان ميرلن، القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بمصر، وبحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وسفارات الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا وهولندا وفنلندا. وأكد وزير الموارد المائية والري حرص مصر على استكمال مفاوضات سد النهضة، مع التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، مشددًا على السعى للتوصل لإتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية. وشدد وزير الري على أن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يُعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حاليًا، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، وما ينتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة. وأوضح «عبدالعاطي» أن حجم المياه الخضراء (مياه الأمطار) في إثيوبيا، والذي يصل إلى أكثر من 935 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وأن 94٪ من أراضي إثيوبيا خضراء، في حين تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى 4٪ فقط. وأشار وزير الري إلى أن إثيوبيا تمتلك أكثر من 100 مليون رأس من الماشية تستهلك 84 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين، بالإضافة لاستهلاكها للمياه الزرقاء والمخزن منها 55 مليار في بحيرة تانا و10 مليار في سد تكيزى و3 مليار في سد تانا بالس و5 مليار في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف 74 مليار في سد النهضة. ولفت «عبدالعاطي» إلى أنه يتم زراعة 3 مليون فدان زراعة مروية و90 مليون فدان يتم زراعتها على مياه الأمطار، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي 40 مليار متر مكعب سنويًا، وتقع على أعماق من (20-50) متر فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة، في حين تعتبر المياه الجوفية في صحارى مصر مياه غير متجددة. وأشار «عبدالعاطى» لمشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يستهدف تحويل نهر النيل لشريان ملاحي يربط بين دول حوض النيل والذي يعد بمثابة مشروع إقليمي حيوي يجمع دول الحوض بإعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى. واستعرض وزير الري خلال اللقاء استراتيجية وخطة ادارة المياه حتي 2050 لمواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وما ينتج عنها من زيادة في حدة العواصف البحرية، وارتفاع منسوب سطح البحر، وارتفاع في درجة الحرارة، وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة، وتأثيراتها السلبية على قطاع المياه والسواحل المصرية الامر الذي دفع وزارة الموارد المائية والري لتنفيذ العديد من المشروعات الهامة في مجال الحماية من اخطار السيول وحماية الشواطئ المصرية، بهدف حماية الافراد والمنشآت والمشروعات الاستثمارية بمختلف محافظات الجمهورية. واستعرض «عبدالعاطي» الموقف المائى المصري مستعرضًا حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، مشيرًا أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة في مجال الموارد المائية والرى، الأمر الذي يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة، مشيرًا إلى أن موارد مصر المائية المتجددة من المياه محدودة معظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل ويصل حجم العجز بين المتاح والاحتياج الفعلي 90% من الموارد المتجدده، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج. وأضاف وزير الري أن الزيادة السكانية تمثل تحدي رئيسي للموارد المائية وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية. وأوضح وزير الري أن التحديات التي يواجهها قطاع المياه تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال العديد من المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى مشيرا إلى قيام مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، وتعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه. وأشار «عبدالعاطي» إلى أنه على صعيد المشروعات القومية التي تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، فتقوم وزارة الموارد المائية والري حاليًا بتنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، بخلاف المردود الاقتصادى والاجتماعي والحضاري والبيئي الملموس، موضحًا أنه تم إطلاق مشروع تأهيل المساقي لاستكمال عملية تأهيل شبكة المجارى المائية بشكل متكامل، وإطلاق المشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث، وتشجيع المزارعين على هذا التحول، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة لمشروعات الحماية من اخطار السيول حيث تم تنفيذ أكثر من 1000 منشأ للحماية خلال السنوات الماضية، وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة، بالإضافة لإنشاء أكثر من 100 محطة خلط وسيط، وتنفيذ العديد من مشروعات تأهيل المنشآت المائية مثل قناطر اسيوط وقناطر ديروط وتدعيم قناطر زفتى وتحديث هويس اسنا وهويس سد دمياط، كما تواصل أجهزة الوزارة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة. وعلى صعيد التطوير التشريعى، أعدت الوزارة مشروع قانون الموارد المائية والري الجديد والذي تم الموافقة عليه بشكل نهائي في مجلس النواب، وجاري إعداد لائحته التنفيذية حاليًا، وذلك بهدف تحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كل الاستخدامات والمنتفعين، وحماية الموارد المائية وشبكة المجاري المائية من كل أشكال التعديات. وكان وفد من الدول والمنظمات الدولية قد قام بزيارة لمحافظة كفر الشيخ للاطلاع على تجربة وزارة الموارد المائية والري الرائدة للتأقلم مع التغيرات المناخية من خلال تنفيذ مشروعات في مجال حماية الشواطئ وتأهيل الترع والري الحديث، حيث تم زيارة أعمال تأهيل ترعة سيدي يوسف بطول 18 كم، وأنظمة الري الحديث المنفذة في زمام 1700 فدان على الترعة، وأعمال حماية الشواطئ المنفذة أمام قرية مسطروه بطول 7 كم، وشرق المدينة الصناعية بمطوبس بطول 5 كم. وأشاد ممثلو الدول والمنظمات الدولية بالمشروعات التي تقوم وزارة الموارد المائية والري بتنفيذها في مجال التأقلم مع التغيرات المناخية، مثل مشروعات حماية الشواطئ، ومشروعات الحماية من اخطار السيول، ومشروعات تأهيل الترع والمساقى والرى الحديث والتى تعمل على زيادة كفاءة المنظومة المائية في التعامل مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية.