قضية تعدد الزوجات من القضايا التى تثار من وقت لآخر، لدرجة ظهرت معها مطالبات بتقنين هذا التعدد، بل المطالبة بفرض عقوبات على من يقوم به فى حالة عدم إخبار الزوجة بالزواج الثانى، الأمر الذى اعتبره البعض مثار جدل ولابد من توضيح حكم التعدد وهل هو مطلق أم مقيد؟ فى البداية حصلت «روزاليوسف» على فتوى من مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية تؤكد أن الإسلام لم يجعل علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية للزواج، ناصحًا الزوج بأن يكون واضحًا وألا يخفى زواجه بل يعلنه أمام الجميع؛ لأنه لا يفعل منكرًا، ولأن إخفاءه لزواجه قد يضر بالزوجة الثانية، وقد توجد عداوة بين أولاده. من جانبه يوضح د. شوقى علام مفتى الجمهورية أن هناك لغطًا فى مسألة تعدد الزوجات، إلا أن الأصل عدم التعدد، حيث إن التعدد جاء لعلاج مشكلة اجتماعية؛ ولذلك ينبغى أن يكون التعدد تحت وطأة مبرر قوى معتبر. فيما يرى د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب أن التعدد ليس بلازم، و أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم عندما كون أسرة مع خديجة عليها السلام لم يعدد عندما كان هناك أبناء، فسنة النبى كانت ذلك. أضاف أن هناك فرقًا بين الشىء المباح والأفضل والأحسن.. ولكن التعدد جائز مستشهدًا بقول الله تعالى: « فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ».. ولفت إلى أن الجميع اتفق على أن المقصود من الآية هم أربع نساء فقط وليس تسعة، وأن غليان الثقفى أسلم على عشرة من النسوة فأمره الرسول الكريم بأن يختار أربعة فقط. وأوضح أن لقرآن الكريم والأحاديث والعلماء على مر العصور تقول بجواز التعدد. ولكن لا يوجد آية تلزم على ذلك، وعليه فالتعدد جائز فى نفسه ولكن ليس واجبًا أو لازمًا.، ولكن مباحًا. فيما يوضح الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام أباح التعدد عند وجود مبرر لذلك كمرض الزوجة أو رغبة فى كثرة الأبناء، أم إذا انعدم المبرر، فإن التعدد قد يكون نوعًا من ظلم المرأة إذا تم الزواج عليها بأخرى دون مبرر لذلك. واستطرد أبو طالب : «الآية واضحة وصريحة، وهى تشير بجواز تعدد الزوجات، ولكن عند اللزوم فقط، وهى ظروف تختلف من حالة لأخرى». شرط جائز فيما ترى دكتورة آمنة نصير، أن اشتراط إخبار الزوجة بالزواج الثانى لا يتناقض مطلقا مع الشريعة وتعدد الزوجات الذى جاء فى الإسلام، وتابعت: «وفق الشرع على الزوج أن يعلم زوجته بالزوجة الثانية فإذا طاقت ذلك فهى حرة، وإذا رفضت، هنا مربط الفرس، يجب أن تسرح بمعروف ولا يتم التنيكل بها أو تعليقها من جانب الزوج». وأضافت «نصير» فى تصريحاتها ل «روزاليوسف» أن القرآن الكريم أوضح عملية تعدد الزوجات وقال حال فرض الزوجة أن يتزوج عليها زوجها زوجة أخرى «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، وتابعت: «من يرفض تطليق زوجته الرافضة له ويرغمها على الاستمرار معه آثم لأنه لم يطبق حق فى هذه الزوجة». الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :إن الأصل عند الشافعية والحنابلة عدم التعدد فى الزوجات مشيرا إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الصحابة لم يعدد فى الزوجات مؤكدًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعدد الزوجات عندما كان متزوجًا من السيدة خديجة رضى الله عنها مشيرا إلى أن الرسول لم يعدد الزوجات إلا وعمره 53 عاما ولم يكن المقصود به الشهوة الجنسية مطلقا. وتابع: إن تعدد الزوجات ليس سنة ولا واجبًا وإنما هو أمر مباح فقط إذا وجدت المقتضيات والداعى لذالك وليس هو الأصل. واستطرد: بعض الذين يعانون من "السُعار" الجنسى يستخدمون مبدأ إباحة تعدد الزوجات فى إشباع رغباتهم، وينسبون ذلك إلى الشريعة.. كما أن بعض الأشخاص يروجون كذبًا إلى أن المبدأ فى الزواج هو تعدد الزوجات، رغم أن الفقهاء قالوا: إن الأصل أن الإنسان يستحب أن يقتصر على واحدة، إلا أنه يوجد دواعٍ ومقتضيات. ومع هذا يرى د. كريمة أن من استعمل حقه المشروع فى الزواج بأخرى لا يعاقب عليه، فلا عقوبة على استعمال حق، وأن هناك وسائل حكيمة بترغيب الناس وإقناعهم ومراعاة الأبعاد الاجتماعية فى قضية الزواج بأخرى.