لأن الجمال مُعدى، فقد قرر الشاب العشرينى لؤى محمد بعد رؤيته لمرادفات الجمال خلال سفره للمغرب وزواجه واستقراره هناك، أن ينقل هذه العدوى إلى بلده مصر، وذلك بعد رؤيته حرص أهالى المغرب على تحويل منازلهم إلى لوحة فنية جميلة من خلال نشر الرسومات على جدرانها الخارجية وشرفاتها بألوان مفعمة بالبهجة والتفاؤل وحب الحياة فى خطوة لنشر قيم الذوق والجمال، فما كان منه سوى أن يطبق هذه الفكرة خلال زيارته الأولى للقاهرة. بعد أن تزوج لؤى من مغربية سافر إلى المغرب وقرر الاستقرار معها هناك، وقد لفت انتباهه وإعجابه العديد من العادات التى يحرص عليها المغاربة، ولعل أبرزها أن الأهالى يقومون بتزيين جدران منازلهم وواجهتها الخارجية بالرسومات البديعة، أما الشرفات فيتم تزيينها بالنباتات والزهور ذات الرائحة الذكية والعطرة فى محاولة لنشر البهجة بين السكان وتعزيز ثقافة الجمال فى نفوس الصغار والكبار. كل الأهالى فى أحياء المغرب ملتزمون بهذه القاعدة ولا يخرجون عنها على الإطلاق، بل أن هناك بعض الضوابط التى يجب الالتزام بها ولعل أبرزها أن يكون هناك تناسق وانسجام وتوافق فى الألوان، بحيث يكون لكل ولاية لون خاص بها يميزها عن أى ولاية أخري، ويقتصر ذلك على شرفات المنازل المواجهة للشارع حتى يكون هناك تناغم جميل فى الألوان يجذب كل من ينظر إليها. عرض لؤى الفكرة على شقيقه الذى يعمل فى مجال الطلاء والدهانات فتحمس بشكل كبير لهذه الفكرة وبدأ يتخذ خطوات جادة لتطبيقها حيث استغرق تنفيذها حوالى أسبوع بأكمله بمعاونة أصدقائه الرسامين من سكان حى حدائق القبة، حيث تحولت واجهات المنازل وشرفات المبانى إلى لوحة جمالية مكتملة الألوان والرسومات التى أبدعها رسامو الحى. نظراً لقدوم شهر رمضان فما كان من الرسامين سوى رسم العديد من الرسومات التراثية التى تعطى إيحاء بطعم رمضان أيام زمان وتنوعت هذه الرسومات ما بين شخصيات رمضانية ارتبطت فى أذهان المصريين مثل بكار وفطوطة وبوجى وطمطم وعم شكشك وبسنت ودياسطي، إضافة إلى رسمة للشهيد الذى لا يزال حاضراً فى قلوبنا ولا يمكن نسيانه «أحمد منسى» ليكون قدوة أمام الأطفال والشباب بشكل مستمر لترسيخ قيمة التضحية وحب الوطن، كما كان هناك حرص على رسم محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة. تكاليف تزيين جدران المنازل كان يتم بالمجهود الذاتى للأهالى الذين كانت لديهم رغبة حقيقية فى غرس قيم التعاون وحب الخير والجمال بين الشباب والأطفال لتصبح عادة لديهم وكذلك خلق منظر جمالى يسر كل من ينظر إليه، وكانت النتيجة بالفعل عظيمة مبهرة، حيث تعاون الجميع بكل ترحاب دون تردد لكن أكثر تحد يواجهه لؤى هو أن يحافظ السكان على نظافة المنطقة لأن شبابها تعبوا وبذلوا مجهودا كبيرا فى تجميلها.