زينة الشوارع أهم ما يميز الأحياء المصرية بمختلف طبقاتها فى شهر رمضان، فمن الأحياء الراقية، إلى حوارى العشوائيات، لا تكاد تخلو منطقة من مظاهر الاحتفال بقدوم الشهر الكريم، حيث يحرص الجميع الأطفال والشباب والشيوخ، على التسابق على عمل الزينة وتعليقها. ما إن يهل شهر شعبان، يحرص الجميع، كل على طريقته الخاصة، فى الاحتفال، بقدوم شهر رمضان، فمنهم من يزين الشوارع بقصصات ورقية، أو أوراق ملونة، ومنهم من يعلق فانوسا بمنتصف الشارع، وهناك آخرون اختاروا طريق الفن من أجل استقبال الشهر، من خلال الاستعانة بالفرشة والألوان، ليعيدوا شخصيات كانت دائمًا تربط المصريين بالشهر الكريم، خاصة شخصية بكار، فبمجرد أن ينتهى أذان المغرب ومع انطلاق الإفطار، كانت تنطلق إلى مسامعنا أغنية الفنان محمد منير «يا أبو كف رقيق وصغير» معلنة بدء حلقة جديدة من المسلسل الشهير. خلال السنوات الماضية افتقر الكثيرون لبكار وفوازير شريهان، وفطوطة، وبوجى وطمطم، ما دفع الشاب أحمد محمود الشهير ب «برازيلى»، صاحب ال22 عاما، الطالب بكلية التربية النوعية، إلى إعادة إحياء الشخصيات الرمضانية الشهيرة على جدران دار السلام. فلم يكن فقط الرسم على الورق هو ما يهواه برازيلى،حيث كان يفضل أن يرى غيره رسوماته وتخرج من مجرد خطوط بالأبيض والأسود على الورق إلى ألوان يراها العالم كله، لذا فكر بالرسم على الجدران، والذى بدأه بمشروع فى كليته وكان أول أعماله فى ميدان العباسية وشاركه أكثر من 100 فرد. لاقت أعماله هو وزملاؤه إعجاب الكثيرين، لذا قرر هو وزميل له أن يبدأ رمضان هذا العام برسوم على جدران أحد الشوارع، ففى مكان عرف عن أهله انشغالهم بالسعى وراء طلب الزرق دون الاهتمام بالفن، وانتشار العديد من الجرائم والفقر، لذا قرر أن يجعل اسم المنطقة على مسمى، بمبادرة بدأها هو وصديقه لتحقيق دار السلام إلى معناها الحرفى، فقد رسم بكار ومعزته رشيدة، ورسم فانوسا عليه بوجى وطمطم ونيللى وشيريهان وفطوطة: «كنا عايزين نعمل حاجة ليها علاقة برمضان، الشخصيات دى كانت الأنسب للموضوع، عشان محدش متفرجش عليهم ومفيش حد متعلقش بيهم»، ورسم على جدار المنطقة رسمة توحى بجلسة رجال على أحد المقاهى يلعبون الدومينة. لم يستغرق أحمد وصديقه عبدالله أكثر من يوم واحد لتنفيذ المهمة على جدران دار السلام، مستخدمين الفرشاة وألوانا للطلاء: « ده أول رمضان أرسم فيه وإن شاء الله مش هيكون الأخير». رسومات أحمد دائمًا ما كانت مرتبطة بالشخصيات المصرية، سواء كانت أهل الصعيد أو النوبة وبيوتها وعناصر الفن الشعبي: «من أكثر الرسومات المفضلة لى رسمة بالمنيا.. فهى من أكثر الأماكن التى أحببتها، كنا هناك 9 أفراد.. بس الناس فعلا كانت تستاهل إنها تفرح وفرحناهم بالشغل»، مؤكدًا أنه لا يسعى وراء الكسب المادى وهدفه التزيين والتجميل قائلا: «الهدف من اللى بنعمله أن أعيننا بتحب تشوف الجمال ونفسنا نشوف مصر كلها متلونة وشكلها حلو».