يواجه العالم تحديًا كبيرًا وهو كيفية التخلص من سرطان الثدى الذى يصيب السيدات والنساء بلا رحمة، لذلك أصبح شهر 10 من كل عام يُسمى بأكتوبر الوردي، وخلاله تنطلق حملات توعية فى جميع أنحاء العالم بشتى أساليب التوعية لمساندة حواء وتوعيتها ضد الإصابة بهذا المرض. وخصصت الولاياتالمتحدةالأمريكية، أكتوبر لزيادة التوعية بالمرض كمشروع مشترك بين مجموعة من الهيئات الطبية والمنظمات والوكالات الحكومية، الأمر الذى دعا للاهتمام بالمرض وتخصيص شهر للتوعية به. ولم يكن الأمر مقتصرا على فئة صغيرة مصابة بل تمت إصابة عدد كبير بسبب قلة الوعى فلم تستطعن النساء اكتشاف الإصابة فى المراحل الأولى، وازداد الامر سوءا. ويحمل هذا الشهر إشارة وردية، نظرا لمنظمة جوهان نايك التى تستخدم اللون الأزرق منه فى إطار حملتها التى خصصتها للرجال المصابين والوردى للنساء. بشوشة دائماً فى عز وجعها، قوتها جعلتها تهزم المرض دون أن يهزمها، تعتبر السرطان منحة وهدية من الله يجب اقتناصها، فهو الذى غير حياتها رأسا على عقب فتحولت من ربة منزل ترعى أبناءها فقط إلى سيدة مجتمع تدعم المرضى نفسياً وتبرم الاتفاقات وتأتى بأفضل العروض من أجلهم لدعمهم نفسياً، إنها البطلة «عزة محمد» التى أصيبت بسرطان الثدى منذ 2017 وبدأت رحلة الاستئصال ثم العلاج بالكيماوي، تروى قصة محاربتها للمرض وكيف هزمته معلنة الانتصار. لم تعرف عزة إصابتها بسرطان الثدى لعدم وجود أى ورم أو ألم فكان فى مرحلته المبكرة جداً، مجرد نقط صغيرة بحجم رأس الدبوس منتشرة فى الثدى من الداخل لكن تسرب بداخلها إحساس نفسى بأن هناك شيئاً غير طبيعى فقررت الذهاب لبهية لعمل ميمو جرام الذى أظهر الإصابة ونظراً لعدم وجود ورم لأخذ عينة وتحليلها أجرت جراحة فى الثدى لأخذ العينة من الداخل وجاءت نتيجتها إيجابية، فاستقبلت الخبر بصدر رحب وصبر لا مثيل له داعية الله أن يرضيها، ثم قامت باستئصال الثدى بالكامل وعمل إعادة بناء. كانت تخشى عزة أن يعلم زوجها وأبناؤها بمرضها لأنها كانت تكره الضعف والبكاء فى ظل تصدير المجتمع لفكرة أن هذا المرض نهايته المحتومة هى الموت، وكانت تريد أن تظل صامدة وقوية إذ ترى أن الدعم النفسى أفضل شيء يمكن تقديمه لمريض الكانسر، ولذلك عندما ذهبت مع أسرتها للمستشفى لإجراء عملية الاستئصال كان صوت ضحكاتهم عالية حتى ان التمريض طلب منهم بخفض الصوت. رغم الآلام الشديدة جراء العملية لكن عزة كانت حريصة أن ترسم البسمة على وجهها من أجل أسرتها كما كانت تعلق حزام على وسطها حتى لا تلفت انتباه أحد من الجيران بأنها أجرت عملية لأن نظرة الناس لمريض السرطان وأنه مصاب بمرض بشع تسبب إحباط لبطل السرطان لأنه يتحمل من الألم ما لا يطيقه بشر. الدعم النفسى لمريض السرطان هو بداية الطريق للتعافى والشفاء، هذا ما أدركته عزة من مرضها حيث تعتبره هدية من الله لها لأنه كان سبباً فى تغيير فى حياتها بأكملها، فبعد أن كانت ربة منزل عادية اتجهت للدعم النفسى فى مستشفى بهية حيث وجد الأطباء بداخلها هذه الموهبة وألحقتها المستشفى بكورس للدعم النفسى ثم قررت تصقل موهبتها بالدراسة وأخذت كورسات من نفسها وبدأت تتعامل مع المرضى فى حجرة الكيماوى لبث روح الأمل بداخلهم حتى أن رئيسة التمريض قالت لها أن ما تفعليه فى خمس دقائق للبطلات لا نستطيع فعله فى شهر. رفضت عزة تلقى العلاج الكيماوى خوفا على أبنائها، فهى لديها ثلاثة أبناء ولد 31 سنة، وبنت 24 سنة وولد فى الإعدادية، فخشيت على أن يروها وهى شاحبة ومنهكة خاصة ابنها الصغير فلم تكن تتحمل نظرة الألم فى أعينهم، وبعد أن قررت أخيراً بالموافقة طلبت منها الطبيبة التى تعالجها أن تقص شعرها حتى لا يسبب لها مشاكل خلال رحلة العلاج، وعندما قصته فوجئت بأن أبنائها يدعموها نفسيا وهو ما كنت تريده، إذ قامت ابنتها بقص شعرها وقالت لها «الشعر مالوش قيمة أهم حاجة صحتك» وتبدلت الأدوار بين الأم وابنتها فأصبحت الابنة أما لعزة تطعمها وتفعل لها كل شيء، حتى أن ابنها الصغير عندما علم بمرضها بعد عملية الاستئصال قال لها أنه سيساعدها ويقف بجوارها ويدعمها. أجرت عزة علاجاً طبيعياً لذراعها الذى أصيب بالتصلب بعد العملية لأنها استئصلت مع الثدى 28 غدة ليمفاوية تحت الإبط بالذراع الأيمن، وهذا أفادها كثيرا فى الدعم النفسي، حتى أنها عندما كانت تتلقى العلاج الكيماوى لم تكن بشرتها باهتة بل كانت جميلة ونضرة وذلك لأنها كانت تدهن وجهها وجسمها وبشرتها يوميا زيت زيتون، كما كانت تتناول فص ثوم على الريق وملعقة زيت زيتون وملعقة عسل أبيض مذابة فى نصف كوب ماء وثلاث تمرات، وكانت تنصح المريضات داخل حجرة الكيماوى بذلك وكانت البشرة التى بها شحوب وسواد تزدهر وتنضر. واستكمالا لمسيرة الدعم النفسى تطوعت عزة فى العلاقات العامة بجمعية سحر الحياة لرعاية مرضى السرطان وأسرهم وتجلب العروض للجمعية وتبرم الاتفاقات وتحولت إلى سيدة مجتمع، وخلال فترة العزل المنزلى جراء فيروس كورونا تعلمت عزة الهاند ميد بالخرز وأصبح لها مشروع خاص بها وأنشأت صفحة على الفيس بوك للترويج لمنتجاتها، حيث صممت فوانيس رمضان بأشكال مختلفة ومنوعة وميداليات ولكنها توقفت فترة بسبب الإجهاد الذى أصاب يدها اليمنى. تتمنى عزة أن تغير فكر المجتمع تجاه مرض السرطان، فهو مثله مثل أى مرض أخر والشفاء والتعافى منه يكون بالدعم النفسى والطبطبة هى لأن الإحباط يزيد المرض، حيث أن تؤكد عزة أن سبب تعافيها هو دعم زوجها وأبنائها لها ودعمها كذلك لنفسها، فكانت تقف أمام المرآة كل يوم خلال فترة الكيماوى تقوى وتدعم ذاتها حتى تعافت.