في شارع الإمام الشافعي، قد تمرّ أمام هذا الضريح دون أن يلفت انتباهك. فتلك المنطقة العامرة بالأضرحة الفخمة، الضخمة، التاريخية، تجعل روحك مشبعة ومجذوبة كالدراويش بما رأيت. لكن إذا ما توقفت برهة أمام هذا الضريح المتواضع الزاهد، تأخذك الدهشة. إنه ضريح العارف بالله وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس بن جمجمة بن سفيان بن الحارث بن عمر عبيد الكوفي. أستاذ الإمام الشافعي ومقرئه، ولد غرة يناير عام 746 ميلاديًا، بدولة العراق، ومات عام 805 بذات التقويم. حين مررتُ بالضريح استرعى انتباهي صوت القرآن الكريم المنبعث من راديو موجود داخل ضريح مغلق بالأقفال. اقتربت من النافذة، فوجدته خاليا من البشر. لكنه عامر بكلمات الله. في حين جدرانه تصدح ببعض أشعار الإمام الشافعي التي خالدت ذكر “وكيع”. فإذا مررت من هناك، توقف واقرأ له الفاتحة؛ بعد أن تقرأ أبيات الإمام الشافعي عنه وقال فيها: شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي/ فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي/ وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ/ ونورُ الله لا يهدى لعاصي. لم يلق ضريح “وكيع” اهتماما ولا شهرة تلاميذه وعاصروه. لذلك كانت هذه الصورة.