أصبح البحر المتوسط اليوم هدفا لرميات الشر والمكر التركى، الذى لم يوفر بلدا إلا وغاص فى أوحال التآمر عليه، ولازال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يوظف موارد بلده وأموال شعبه وإعلامه لقضية واحده، وهى زرع الفتن والدسائس وتمويل الصراعات عبر أذرع الإرهاب، وتصعيد التوتر لإعلان الحرب، وهو ما يسعى إليه من استفزازاته المستمرة لليونان. وبعد أن حشدت تركيا دباباتها على الحدود اليونانية، من أجل إثارة النزاع البحري، مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية، والتى أعلن أردوغان بنبرة عنترية أنه سيمزقها وسيشن الحرب على أثينا وسيتولى على جزر إيجه، عاد سيف العقوبات يقترب من أردوغان، بعد أن هدد الاتحاد الأوروبى بتوقيع عقوبات على تركيا إذا لم ترضخ للمحادثات مع اليونان، وهو ما بدأ بالأمس دراسته، داعياً أنقرة للتوصل إلى اتفاق مع اليونان وقبرص بشأن المطالبات البحرية، بينما يعد أيضا عقوبات ضد أنقرة إذا فشلت الوساطة. وقال مسئول بالاتحاد الأوروبى فى بروكسل، إن الاتحاد الأوروبى سيتبع نهج التوعيد والتهديد لردع تركيا عن تحرشاتها بالمنطة الاقتصادية اليونانية وكذلك القبرصية، خلال قمة لزعماء الكتلة المقرر عقدها فى الفترة من 24 إلى 25 سبتمبر الجارى. وكان شارل ميشيل رئيس الاتحاد الأوروبى قد أكد لأردوغان تضامنه ودعمه الكامل لليونان وقبرص فى أزمة خلافهما مع تركيا، داعياً إلى اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبى هذا الشهر لمناقشة الوضع فى المنطقة وعلاقات الكتلة مع تركيا بشكل أوسع. واشترطت أثينا على أنقرة لبدء المفاوضات، إيقاف تهديداتها، وضمان حماية الجزر الواقعة فى طرفها القارى، وفقاً لقانون الأممالمتحدة للبحار، الذى لم توقعه تركيا، وتتخذ من ذلك ذريعة لها للاستيلاء على تلك الجزر التى كانت تحت إمرتهم فى عهد الدولة العثمانية، إذ دعى أردوغان إلى إعادة احتلال تلك الجزر من خلال قياس الجرف القارى لليونان من البر الرئيسى، وزعم أن المنطقة المتنازع عليها جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية -على بعد بضعة كيلومترات من الساحل الجنوبىلتركيا- تقع بالتالى ضمن منطقتها. ومن أجل تعزيز حدودها البرية والاستعداد لمواجهة أى هجوم تركي، أرسلت اليونان بالأمس، قوات إضافية إلى الحدود اليونانية التركية، إذ ذكر نائب وزير الهجرة اليونانى جيورجوس كوموتساكوس أن الخلاف بين البلدين حول المناطق الاقتصادية الخالصة فى شرق البحر المتوسط قد يؤدى أيضًا إلى توترات على الحدود اليونانية التركية. ولردع الأطماع التركية، لجأت اليونان إلى فرنسا لتوقيع صفقة دفاعية لتقوية جبهتها وتعزيز قدراتها الدفاعية، وسيلتقى رئيس الوزراء اليونانى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى كورسيكا فى العاشر من سبتمبر الجارى لتوقيع اتفاقية تتعلق بشراء اليونان لطائرات رافال الفرنسية وغيرها من المعدات. كما تبحث اليونان تحرك المانيا من أجل دعمها أمام الاستفزازات التركية، منتظرين مبادرة جديدة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والخطوات التالية لردع أردوغان عن عمليات التنقيب، وهو المنتظر خلال 12 سبتمبر الجارى يوم القمة الأوروبية لحسم أمر النزاع بشرق المتوسط، مطالبة أيضا بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية فى لاهاى. وما يثير مخاوف أثينا هو قيام وزارة الطاقة التركية بمنح تراخيص لشركة البترول التركية للتنقيب فى المناطق المحددة فى اتفاقية الحدود البحرية مع ليبيا، التى قد تقرب السفن التركية من جزر رودس وكاسوس وكارباثوس وكريت. وتخشى أثينا أن تتحرك أنقرة لتسليح اللاجئين، ما يثير أزمة هجرة جديدة على رأس نزاع مستمر حول الطاقة، لذا قامت بتكثيف الدوريات البرية لوقف المد المتزايد من المهاجرين غير الشرعيين الذين يتدفقون من تركيا، ولذا تعتزم نشر مئات آخرين فى جزر بحر إيجة اليونانية لوقف المعابر البحرية غير القانونية. وصدت اليونان حملة هجرة كبيرة من تركيا فى وقت سابق من هذا العام بعد أن رفع أردوغان مؤقتًا الضوابط الحدودية فى بلاده، ما سمح للاجئين والمهاجرين بشق طريقهم بحرية إلى أوروبا. وقالت اليونان إنها أحبطت ما أسمته «غزو العدو» لمئات الآلاف من طالبى اللجوء إلى البلاد فى وقت سابق من هذا العام وأبقت دفاعاتها فى حالة تأهب بمنطقة إيفروس منذ ذلك الحين. وكانت تركيا قد أرسلت 40 دبابة تركية من الحدود السورية إلى منطقة أدرنة على الحدود اليونانية، وقافلتين منفصلتين من الدبابات وناقلات الجنود من محافظة هاتاى المتوجهة إلى أدرنة. وقد التقى وزير الدفاع التركى خلوصى أكار برئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسى «الناتو» فى أنقرة، بعد إعلانه بدء المحادثات بين أنقرةوأثينا للحد من مخاطر الحوادث فى شرق البحر المتوسط، وهو ما نفته الحكومة اليونانية فى وقت لاحق.