استكمالاً لحديثى بالأمس عن مصر بعد ثورة 25 يناير، وأهمية إعادة النظر فى التقسيمات الإدارية للدولة (محافظات) حيث جرى العرف أن يتولى منصب المحافظ كبار موظفى الدولة كمكافأة نهاية خدمة عن وظيفة سابقة، واستتبباب نظرية «أهل الثقة قبل أهل الخبرة» فى الإدارة بتلك المناصب الكبيرة، وهى سنة غير حميدة واجب التخلص منها، وقد عفى عليها الزمن!!. ولعل العرض الذى أتقدم به اليوم، وسبق لى الكتابة عنه كثير من المرات بأن نفكر فى (إعادة تقسيم مصر) إلى أقاليم اقتصادية وليس تقسيماً عرضياً أو طولياً طبقاً لما ورد فيما قبل من بعض السادة المهتمين بالشأن العام! فالرأى الذى أذهب إليه ونوقش فى كثير من المنتديات هو التقسيم الذى يعتمد على الثروات والبشر فى كل إقليم، وأن يصبح لكل إقليم اقتصادى إدارته المسئولة عنه أمام الحكومة المركزية، وأن يكون مدير الإقليم غير معنى بالسياسة أو الأمن، بل هو معنى بإدارة أصول هذا الإقليم مع مجلس أمناء، هم مديرو المديريات التابعة للإدارة المركزية، بعد تحريرهم من التبعية الوظيفية المركزية، وأن يكون لكل إقليم خواصه ومزاياه طبقاً لنوعية الثروات والخدمات التى تقام على أرضه وفى زمامه، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، إذا أخذنا جنوب مصر، «إقليمأسوان» حيث يشمل جزءًا من البحر الأحمر، وتوشكى، وشرق العوينات وجزءًا من الوادى الجديد، وجزءًا من قنا، وبواسطة شرايين الاتصال الطبيعية (طرق حرة سريعة، مطارات، موانئ، سكك حديدية) هذا الإقليم بمكوناته الجغرافية متضمناً (بحراً وبحيرات وجيولوجيا وخدمات، وعناصر ثقافية) وجزءًا من نهر النيل وصحراوات، يمكن خلق بناء اقتصادى محترم، كما سيكون هناك اكتشافات معدنية بتركيز أكثر، وزراعة نقية غير ملوثة مع العناصر الثقافية الفريدة عالمياً، وظواهر طبيعية وكذلك من إبداع المصريين المحدثين، والقدامى، (كتعامد الشمس على وجه رمسيس فى معبد أبى سنبل فى وقت محدد ثابت من العام) هذا مثال إقليمى متميز، جاذب لكل البشر فى العالم لزيارته ومشاهدته وحضور طقوسه سنوياً (مرتين)!! لا شك بأن هذا المثل وغيره يدعنا نحلم بأن فى الواقع يمكن تحقيق الحلم، بأن إقليم مثل «أسوان» يكون «نواة» لجزء من الوطن ككل ليتحول إلى مؤسسة اقتصادية عظمى، كما أن «أيكولوجياً» يتشكل هذا الإقليم من ثلاثة ملايين نسمة فى حوزته الجغرافية، ألا يمكن أن يكون نظام التعليم فيه مختلفا عن نظام التعليم فى «القاهرة» مثلاً ؟، حيث احتياجات سوق العمل فى الإقليم تختلف تماماً عن سوق عمل «القاهرة» ومحتوياتها الأيكولوجية والجغرافية والجيولوجية والخدمية والاجتماعية وغيرهم! ألا يمكن أن يكون هناك تكامل بين الأقاليم الاقتصادية من ناحية «الوفرة والفقر» وقد يترتب على ذلك وضع نظم «ضرائبية» مختلفة، ونظم دعم مختلفة ونظم تحفيز للاستثمار مختلفة ،هذه دعوة مفتوحة لمجالسنا النيابية القادمة بإرادة شعبية حرة، «ولحكومة إنقاذ وطنى»، إن كانت ستستمر فى الحكم، ولعلمائنا وشبابنا أعضاء هيئات التدريس ومراكز البحوث لكى يفكروا فى هذا الاتجاه، ولعل تلك الأفكار والتى يتم الحوار حولها فى غرف مغلقة تحتاج إلى حوار مجتمعى وطنى مفتوح بين كل الآراء وكل أصحاب وجهات النظر، حتى ولو كانت متباينة، إلا أن إثراء الفكر بأكثر من رأى نحن فى أشد الاحتياج إليه، لدعم العمل الوطنى فى سبيل إيجاد سبل أكثر واقعية وأكثر تقدماً فى إدارة أصول الدولة، وتقدم النافع والمتميز من أبناء هذا الوطن إلى الصفوف الأمامية، غير مقتدين بالعهد السابق الذى قدم فى صفوف الوطن المتخلفين عقلياً والفاسدين، والمرتعدين من اتخاذ حتى قرار فى صميم تخصصاتهم والواقع أننا بعد 25 يناير قادرون على القيام بالمستحيل، وما نحلم به اليوم ليس بمستحيل التحقيق!