بدعوة مشتركة من الأزهر الشريف والجامعة العربية والسفارة الإسبانية دُعيت الأسبوع الماضى لحضور مائدة مستديرة بالأوبرا المصرية عن موضوع «حول الأخلاق والدين من منظور أخلاقيات المدنية فى القرن الواحد والعشرين» وكان المدعوان الصديق الكبير والعزيز الدكتور محمود عزب مستشار الامام الأكبر لشئون الحوار والسيدة الدكتورة أديلا كورتينا استاذة علم الأخلاق والفلسفة بالجامعات الاسبانية والأوروبية فى حضور سياسيين ومفكرين ورجال دين أمتعونا، الاثنان والدكتور محمود عزب بحماسه المعهود بَين القيم الاخلاقية الموجودة داخل الحضارة الاسلامية وبين أهمية التركيز على القيم والمبادئ الاخلاقية التى يتشارك فيها الأديان والحضارات فى مجتمع تعددي. وأريد هنا أن ألقى الضوء على ما قالته الدكتورة أديلا كورتينا إن الفترة الانتقالية التى عاشتها إسبانيا بعد فرانكو ديكتاتور إسبانيا الذى مات عام 1975 تشبه الفترة التى تعيشها مصر حالياً.. إذ إن بعد الحرب الأهلية الاسبانية 1936 1939 فرض فرانكو وجهة نظر إخلاقية أحادية وأصبح هناك إعلام رسمى كانت مهمته تشكيل الفكر الجماعى نحو أحادية النظرة وفرض نوع الثقافة والدين والتعليم بحيث يكون أسلوبه تلقينياً، إضافة إلى تقييد حرية المرأة فى السفر كما كان هناك رقابة قوية على حرية التعبير وبعد فرانكو بدأ المجتمع يتحول ويتحرر ويجد إجابات عن الأسئلة المطروحة عليه وقد أخذت هذه الفترة عشر سنوات تقريباً حتى استقر المجتمع على أن التحول هو تنازل (الجماعات الكنيسة الأحزاب) عن بعض الأفكار للوصول إلى التوافق الذى ساعدنا أولاً فى تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية ورفع الظلم والاضطهاد وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية، وثانياً مع تنوع المجتمع والتعددية الاخلاقية يكون الحوار المنفتح والمستمر هو الوسيلة الفعالة للبحث عن القيم المشتركة وتوجيه المجتمع على أساسها. ما أشبه الحالة الإسبانية بحالتنا فى مصر مع اختلاف البيئة والثقافة ولكن علينا أن نتعلم ونطلع على خبرات الآخرين التى تؤكد أن كل قيمة أخلاقية أحادية النظرة أو التوجه تفشل وتسقط ولو بعد حين، بينما قبول الآخر والانفتاح عليه والحوار معه هو السبيل لأساس مجتمع ناضج ومتقدم.