بعدما كانت الصحافة القومية لسان حال الحزب الحاكم، ومهمتها الأساسية هي الوقوف ضد الصحف الخاصة والمستقلة والحزبية المعارضة لسياسات الحكومة. تحولت السياسة التحريرية للصحافة المصرية، عقب ثورة يناير، إلي صحافة «تعبئة»، ومحاولة فرض اتجاهات بعينها علي القارئ المصري، ووصفت بغياب السياسة التحريرية والمهنية ونشر الفوضي والشائعات وحول تلك القضية ووضع الصحافة المصرية قبل وبعد ثورة يناير، وما يجب أن تكون عليه يتحدث الخبراء، «الصحف القومية بمصر لم تكن «قومية» هكذا صرح الكاتب الصحفي «نبيل زكي»، ، مشيرًا إلي طريقة تعيين رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ورؤساء التحرير، حيث كان قرار التعيين يصل عن طريق مظروف مغلق من رئاسة الجمهورية، إلي اللجنة العامة بمجلس الشوري، بقرارات التعيين. وعن وضع الصحف الخاصة قبل الثورة، يقول: الصحف الخاصة سعت إلي القيام بدور المعارض، وبعضها كان موضوعيًا والبعض الآخر تجاوز ولم يراع ميثاق الشرف الصحفي. فوضي هدامة غرقت فيها الصحافة القومية يكمل قائلاً: أما بعد حدوث ثورة يناير، فقد وقعت الصحف القومية والخاصة في خطأ جسيم، وهو إغراق القارئ المصري في تفاصيل هامشية، كالتركيز علي «ملابس مبارك» علي سبيل المثال، وهذا دون القيام بدورها الإرشادي والتوجيهي. فبدلاً من الاهتمام بالبناء، ركزت الصحف علي فكرة الهدم فقط، ولم تراع الفرق بين تأييد الثوار وأولويات البلاد في المرحلة الانتقالية وقضايا الحكم بعد الثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية وقضايا الدستور واختصاصات الرئيس القادم، حتي لا نصنع ديكتاتورًا جديدًا. صحف الثورة استغلت اسمها وهذا ما يفسر كما يوضح «نبيل زكي» صدور العديد من الصحف والمواقع الالكترونية، التي اتخذت من الثورة اسما لها، وبعد فترة، نتيجة عزوف القارئ، تم إغلاقها وللأسف، صدر العديد من الجرائد الناطقة بلسان أحزاب دينية، وهو الخطأ الذي وقع فيه المجلس العسكري، فبعد الإعلان الدستوري، الذي حذر من وجود أحزاب دينية، تمت الموافقة علي إنشاء 8 أحزاب دينية، لكل منها الحق في إصدار مطبوعة أو أكثر ناطقة بلسانه. وحول ضرورة الرقابة، أكد نحن ضد أي شكل من أشكال الرقابة، فالشعب هو المراقب الوحيد، ولا نريد أن نعود للدولة البوليسية، لهذا نحن مع رقابة الرأي العام. وحول ما يجب أن تكون عليه الصحافة المصرية بعد مرور عام علي ثورة يناير. صرح «زكي»: في البداية لابد من إلغاء مجلس الشوري، ونحول الصحف القومية لشركات مساهمة، وطرح أسهمها للعاملين بها والسوق المصرية، بشرط وضع حد أقصي للأسهم المملوكة للفرد لضمان عدم سيطرة شخص بعينه أما المستقلة فتبقي تحت إشراف المجلس الأعلي للصحافة أما «حاتم زكريا» وكيل نقابة الصحفيين فقال: إن ما حدث من قبل الصحف القومية، بالأخص، بعد ثورة يناير، يعبر علي حالة من التخبط، خصوصًا أن الهياكل الإدارية والتحريرية بتلك المؤسسات، كانت موالية للنظام، وفجأة، تغيرت اتجاهاتها للنقيض تمامًا، فلم يصدقها القارئ، لهذا كان الإقبال علي الصحف الخاصة بشكل كبير. القومية تتحول لمجاملة العسكري ويكمل: التغيرات التي حدثت بالصحف القومية، لم تكن كاملة، لهذا ظلت السياسة التحريرية متخبطة، ولكن يطلق عليها «صحافة حرة». ثم تحولت بعد فترة لمجاملة المجلس العسكري بدلا من النظام السابق. مشاكل مالية وتخبط أما «جلال دويدار» عضو المجلس الأعلي للصحافة فيؤكد أن الصحف القومية كانت ممولة من قبل الحكومة وسياستها التحريرية كانت متأثرة بهذا. وللأسف غياب التمويل الآن أدي لحدوث مشاكل مالية لديها وتلك الصحف الآن تعبر عن ما تمر به الدولة من عدم استقرار وفوضي وتخبط، بالإضافة لمشاكلها المالية. وبعد مرور عام علي الثورة، علي تلك الصحافة أن تستعيد ثقة القارئ بها، والمجلس دوره فقط، تقديم رعاية تلك المؤسسات، ولكن علي تلك الصحف أن تتمسك بالمهنية خصوصًا في ظل غياب الدعم المادي المتوافر لدي الصحف الخاصة. الرقابة علي الصحافة الإلكترونية أما بشأن المواقع الإلكترونية الصادرة عقب الثورة، فقد حاولنا مع المجلس الأعلي للصحافة بالوصول إلي طريقة لتقنين هذه العملية، ووضعها تحت الرقابة، بالتنسيق مع وزارة الاتصالات، ولكن باءت تلك المحاولات بالفشل، لهذا فهي مسئولية اجتماعية مهنية، علي القائمين علي إدارتها مراعتها. الإعلام إفراز لثقافة المجتمع ويفسر الدكتور جمال النجار أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر أن ما يحدث أمر طبيعي، فالإعلام إفراز لثقافة المجتمع، لهذا أصبحت جميع الصحف تجامل الثورة، رضوخًا لرغبة القراء. وهذا يفسر ما أصبحت عليه الصحف القومية وكأنها صحف خاصة، ولم تراع التدريج في السياسة التحريرية، وانخرطت في الشائعات والإعلان عن أخبار وأرقام غير صحيحة، واستندت إلي الكتابة الإنشائية دون إسناد الأخبار إلي مصادر، واتسمت بالانفعالية، لهذا أقل ما توصف به الصحافة القومية بعد الثورة أنها «عشوائية» وتحولت لصحف إثارة. وأخيرًا تحولت من مجاملة النظام لمجاملة المجلس العسكري.