أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عامًا وأعيش بإحدى محافظات الدلتا، تمت خطبتى لجارنا منذ عام ونصف العام ولم يسعفنا الوقت خلال تلك الفترة أن نجلس كثيرا مع بعضنا البعض كأى خطيب وخطيبته للتقارب والتعارف بسبب ظروف سفره السريع بعد الخطبة ببضعة أيام فقط. وهو شاب حاصل على مؤهل عال معروف عنه التدين وحسن الخلق، أما أنا فحاصلة على مؤهل متوسط ووالدى يعمل موظفا بإحدى الشركات. خلال تلك الفترة القصيرة التى جلست فيها مع خطيبى تميزت لقاءاتنا بالروتينية المملة والجدية المبالغ فيها، فلم يستطع كلانا التعرف والتقرب إلى الآخر جيدًا، وبرغم أننى أعترف بأن أدوات التواصل اختلفت كثيرا بزماننا الحالى عن الأجيال السابقة إلا أننى وخطيبى نشترك فى أشياء كثيرة لم تعد موجودة الآن أبرزها الخجل وعدم الانفتاح على الناس بسهولة - وخطيبى له فضائل أيضًا لا يمكن إغفالها أو نكرانها - فهو كريم معى ولا يقصر فى واجباته المادية المعروفة خلال خطبتنا من هدايا وما شابه، ووالدته تزورنا باستمرار وأشعر بحبها واحترامها لى، وتقول بأنها هى من اختارتنى لأكون زوجة لابنها. ولكن ما يزيد الأمر سوءا ويضايقنى بشدة هو تأخر عودة خطيبى لمدة 6 أشهر إضافية لظروف عمله ثم يعود ويتم عقد قراننا والزفاف - هذا بجانب تقوقعه المبالغ فيه أثناء سفره، على الرغم من انه هو من ينبغى عليه التقرب أكثر والتواصل معى لكسر حاجز الملل الذى تفرضه الغربة علينا، فالعاطفة بيننا تكاد تكون معدومة، حتى كلمات الحب والتودد المعروفة بين الخطاب لا أجده يحاول ترديدها على مسامعى لإجبارى على الارتباط به أكثر وأكثر، وأخشى أن تكون هذه هى شخصيته فى الحقيقة كرجل ضعيف الشخصية لا يستطيع أن يتخذ قرارا مصيريا فى حياته أو أن تكون والدته مثلاً هى المتحكمة فى زمام الأمور. أسئلة كثيرة تحيرنى أستاذ أحمد - هل من الأفضل أن أفسخ خطوبتى معه بالتراضى أم بماذا تنصحنى لاكتشاف شخصيته بشكل أكبر وكيف أستطيع تطويره ومساعدته إن كنت ترى فيه خيرا لى وزوج مثالى. إمضاء س. ق عزيزتى س. ق تحية طيبة وبعد … لا شئ يدعو للقلق والحيرة على الإطلاق فى شخصية خطيبك، بل على العكس تماما هو لديه العديد من الصفات التى تدفعك للتمسك به كزوج وإنسان صالح يعتمد عليه، يأتى على رأسها تحمل مسئولية اغترابه والتزامه فى عمله ومع كل من يعرفه وتركه لبصمة جيدة فى قلوب الناس كما أشرتِ، وهى صفات تميز الرجل بالشهامة والنخوة - بالإضافة لعدم تقصيره فى واجباته نحوك من إرسال هدايا وزيارات والدته المتكررة لكم - كلها دوافع إيجابية تحفظ لك قدرك أمام عائلتك وتبرهن للجميع أنك تمثلين أهمية كبيرة كإنسانة مسئولة سوف تثبت جدارتها واستحقاقها لكل هذا الإهتمام. والحمدلله ليس هناك مشكلة بعينها نستطيع رؤيتها تلوح فى الأفق بينك وبين خطيبك، فقط هى مسافة مكانية تفصلكما بعض الوقت بحكم إغترابه بعيدا عن أرض الوطن لتأمين مستقبلكما. أما بالنسبة لشكواك من قلة تفاعله وضعف تواصله فهناك مثل شعبى ربما يحمل فى معناه جوابا يبدد حيرتك وتخوفك - وهو يقول «الغُربة كُربة» بمعنى أن الاغتراب بعيدا عن حضن الوطن هو كرب وأزمة فى حد ذاتها - لها تأثيراتها وانعكاساتها السلبية على نفسية صاحبها، بالإضافة لبعض المسئوليات الأخرى التى تثقل كاهل المغترب بأعباء ضاغطة كهموم الأهل أو توفير نفقات الزواج أو مشاكل الأبناء. ومع انه من المنطقى أن يقوم أى رجل مسئول بالعمل على قضاء حوائجه والوفاء بالتزاماته تجاه المسئولين منه بغض النظر عن طبيعة ظروفه أو عوائقة، الا ان أى علاقة شرعية بين الرجل والمرأة تعتبر علاقة روحية فى الأساس تكون قائمة على الرحمة والمودة وتقدير كل منهما للآخر - وعليه فبات لزاما عليك أن تكونى صبورة إلى أبعد حد ولا تظهرى امتعاضك من تأجيل أجازة خطيبك لأنه ليس المسئول عن ذلك بل هو القدر الذى لو عرفنا خباياه لشكرنا الله على تدابيره وحكمته. ولا غضاضة أيضا فى محاولة التقرب من جهتك أنت ومعرفة مؤرقات خطيبك وأسباب تقوقعه - هل هى أسباب خارجه عن إرادته بسبب بعض مشاكل العمل أم أنه يميل بطبعه للعزلة الإجتماعية، وحتى السبب الأخير إن وجد فهو فى حد ذاته لا يعد عيبًا يدل على ضعف شخصية صاحبه أو عدم قدرته على اتخاذ قرار حاسم فى حياته، بل هو ميزة عند بعض الناس تتيح لهم فرصة التفكير بعمق وتدبر. فقط احرصى ان تكونى قريبة منه بعقلك وعواطفك وعطاءك - عطاء البنت المصرية الأصيلة الداعمة لرجلها، وحتمًا ستجدى أمامك صورة أخرى قد تكونت لزوج المستقبل بعد ان تشعريه بأنك القلب النابض له فى غربته والقائم على دعمه ودفعه للأمام بحب وإيمان . دمت سعيدة وموفقة دائمًا س. ق