* سيدتي: ما شجعني علي الكتابة لك أنني أعرف أن ما سأقوله في رسالتي لن يصل إلي أي فرد من عائلتي.. ولرغبتي الشديدة في الكلام مع إنسانة وكأنني أتحدث مع شخصي وبمنتهي الصراحة.. ولأنني خجلة مما سأقوله.. ولكن هناك أشياء كثيرة تدفعني للبوح إليك. عمري 19 عاما.. طالبة في الجامعة بالفرقة الثانية.. ورغم هذا لدي شعور بالنقص.. أيضا بأنه لا يوجد من يحبني من عائلتي.. فهم دائما يجرحونني بالكلام.. تمت خطبتي منذ عامين علي طالب بالمرحلة الثالثة بالتعليم المفتوح ويعمل.. وقد قرر خطيبي أن نتزوج هذا الصيف مما جعل أمي تفكر في أن تعطيني "شوار" أختي الكبري الذي اشترته بمالها من عملها ولأسباب خارجة عن أرادتها لم تستعمله لانها فسخت خطبتها.. أربع سنوات وهي تعمل وتشتري هذا الجهاز ولذلك شعرت بالضيق في عيونها وحاولت أن أرفض فوجدت الغضب في عيون أبي وأمي وقالا لي اعملي وجهزي نفسك. واللي معاه يشتري وكل واحد علي حسب قدرته. كل هذا ولم أطلب منهم أي شئ بل لقد قلت لهم سأرضي بأي شئ وأقل شئ.و اتفقت مع أمي أيضا علي أن هناك بعض الاشياء التي اشترتها أختي زيادة عن المطلوب ولا داعي لأن أخذها منها لأنني أشعر بأنني حمل ثقيل علي أكتافهم.. مع العلم بأنني أعمل في الفترة المسائية كي أجد مصاريف دراستي ولكن ما أحصل عليه مبلغ زهيد لا يكفي أن أجهزة منه فكل أجري ستون جنيها.. ولولا أنني أحببت خطيبي ما تعجلت الزواج.. فقد أحببته وأنا في الثانوية العامة لمدة عام ونصف العام ثم قرر أن يجعل علاقتي به رسميا فأنا أحبه. وذات يوم قبلني ويوم عيد ميلاده أعطيته هدية وقبلته فضمني إلي صدره وقال: إنه يشعر وهو بحضني بأنه في حضن والدته وأن هناك حنانا طاغيا لدي وفي كل مرة يتطور الوضع حتي أصبحنا كزوجين.. لكنه عاهدني أمام الله بأنني زوجته مادمنا وصلنا لهذا الحد وأشهد الله علي ذلك وقال: إنه لن يمتنع عن الزواج بي إلا إذا مات. أنا غير راضية عن هذا الفعل لكنني لا أستطيع فعل شئ آخر خاصة بعد وعده لي بالزواج الذي حدده بالفعل في الصيف القادم أي بعد حوالي أربعة أشهر. إنني خائفة ولذلك طمعت في سعة صدرك وقررت الحديث معك فيما لا أستطيعه مع أمي وأختي.. ولو وافقت علي مقابلتي أنا أو خطيبي سنكون سعداء بذلك ونرجو منك أن تكوني عونا لنا في هذه المشكلة وتقفي بجانبي كصديقة.. وأخت كبري.. استطعت البوح لها بما ضاق به صدري.. ولك جزيل شكرنا. ** عزيزتي: أحدثك حديث الاصدقاء.. فكثيرا ما تتمرد الابنة علي أمها أو أختها.. وأنت تتحدثين عن مشكلتين.. الاولي سبب مباشر في حدوث الثانية وهي عدم ثقتك بنفسك أو الشعور بالنقص وكلاهما واحد والسبب هو شعورك بالدونية.. لأنك من طبقة بسيطة اضطرتك الظروف للعمل حتي تتعلمي ويشق عليكم تجهيزك لبيت الزوجية. ونسيت في غمرة هذا أن القانع ملك.. فلا تكوني كالذي يهتم لرزق الغد فمن الذي يكفل له قدوم الغد. إحمدي الله علي ما أنت فيه فأنت تجدين العمل الذي يساعدك علي نفقات الدراسة فهناك من يعوزه هذا العمل.. وأعلمي أن الدنيا أهنأ ما تكون عندما تهان.. والحاجة أرخص ما تكون حينما يستغني عنها.. وهذا يجعلك ترضين عن نفسك وتتقبلينها وهذا مهم جدا أن تنتهي إلي قرار بالرضا علي نفسك والثقة في تصرفاتك. أنت تتعاملين مع الاشياء بمنطق ظاهري.. فلا يوجد أم وأب يحبان إيلام أولادهم ولكن قد تكونين مصدرا للشكوي وهم لاطاقة لهم بذلك ولا سبيل لهم في إسعادك بالشكل الذي تطلبينه.. لذلك قالا لك.. إن لم يعجبك تصرفهم.. أعملي وجهزي نفسك.و أما عن الغضب في عيون أختك فهذا شعور طبيعي.. أن تحزن.. فقد فشلت خطبتها وها هو حلمها يضيع أيضا لكنها وافقت علي منحك جهازها وكانت قادرة علي الرفض ولكن يبدو أنها عاقلة.. فاهمة وأنت عجولة دائما.. وهذا يفسر مشكلتك الثانية وهي أنك أحببت في عمر السابعة عشر أو أقل وخطبت مبكرا رغم ظروفكم المادية وها أنتما تفكران في الزواج السريع وهو أمر مطلوب الآن بعدما عجزتما عن الصبر أمام رغبتكما وعلي الرغم من أنها مشاعر إنسانية ضرورية إلا أننا نستطيع التحكم فيها بمزيد من الصبر والعقل.. و لكنكما وصلتما لمرحلة تأجج العواطف التي عصفت بمشاعركما فأوقعتكما في المحظور وتجاوزتما علاقة الخطبة.. ولهذا لا تهنأين براحة رغم وعوده لك بالزواج.. وهكذا تراكمت عليك الاشياء التي تهز كيانك وتتعب قلبك ولكن باب التوبة مفتوح فأصلحي حالك وأملكي أمر عاطفتك وحكمي عقلك واعلمي أن لكل شئ قدرا.. وأن العواطف الهائجة غير المحسوبة تتعب صاحبها.. أنت الآن مؤرقة خائفة من أشياء قد تمنع هذا الزواج وهذا هو سبب عذابك.. أضيفي إليه عدم رضائك عن نفسك وهروبك من مشكلة بمشكلة أخري.. تدركين أنت كما يقول الله تعالي: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم". صدق الله العظيم. وبالنسبة لأسرتك التمسي لهم العذر فالحياة قاسية.. وبالنسبة لأختك تحدثي معها بأن تقتسم معك الاشياء مع وعد بأن تردي لها هذا بالتدريج من عملك.. فإن رضيت بذلك كان خيرا وأعلمي أن أقل القليل يفتح بيتا.. أما إن شعرت بما يضايقها فعلي عريسك المتعجل أيضا ان يتحمل عنكم قليلا وفي النهاية والداك سيتصرفان بما فيه صالحك وكذلك أختك.. أما عن زيارتي فمرحبا بك وبخطيبك.. تفضلا فهذا سيكون أفضل الحوار معكما في تفاصيل ليس مجالها صفحات الجريدة. ** همسات الصديق: ر.س كفر الدوار: تستطيع الحديث في مشكلتك مع الزميلة الفاضلة ميرفت مسعد باب "وتستمر الحياة" الذي يصدر الاحد والاربعاء بالمساء ولك كامل التقدير وأهلا بك.