«الخروج الآمن» من أكثر مصطلحات الثورة المصرية شيوعا، وكان في بداية الأمر مقترناً بفكرة خروج الرئيس من السلطة دون مساءلة قانونية. ثم أصبح يطلق علي المجلس العسكري بعدما طالت الفترة الانتقالية لتسليم السلطة وحدوث تجاوزات خلالها كقتل المتظاهرين في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، هذا بالإضافة للمحاكمات العسكرية للمدنيين وكل تلك الوقائع مازالت محل التحقيق من قبل النيابة العامة والقضاء. ولهذا كثر الحديث مؤخرا وبالأخص بوسائل الإعلام عن وجود صفقات ما بين المجلس العسكري والإخوان في حال تسلمهم السلطة لعدم محاسبة المجلس العسكري أو مساءلته قضائيا بعد تسليم السلطة للمدنيين. افتراض مسبق في البداية يتحدث نبيل زكي عضو حزب التجمع عن مصطلح الخروج الآمن قائلا: إن هذا المصطلح اقترح من قبل النخبة السياسية والإعلامية بعد حدوث الثورة وذلك للحديث عن ترك الرئيس المخلوع للسلطة دون محاسبة، كذلك اطلق علي الرئيس اليمني مؤخرا حتي يستطيع تسليم السلطة مع حصوله علي حصانة شخصية قبل مغادرته السلطة تضمن عدم تعرضه للمساءلة أو السجن. ولكن تعبير الخروج الآمن الذي اطلق مؤخرا علي المجلس العسكري هو غير موفق لأن هذا يفترض مسبقا أن المجلس ارتكب جرائم وأخطاء تستدعي محاسبته ومساءلته قانونيا. أخطاء الفترة الانتقالية ويكمل قائلا: في تقديري أن المجلس العسكري وقع في أخطاء بالفعل ولكن هذا يرجع إلي أنه يلعب دوراً أساسيا لم يقم به مسبقا.. وتحمل المسئولية في وقت عصيب ليحمي البلاد والثورة وكل ما فعله خلال الفترة الانتقالية رغم طولها يشير الي رغبة أكيدة لديه في نقل السلطة للمدنيين، كما أن كل ما قام به من دور خلال تلك الفترة يظهر أنه يخضع لنظام سياسي يحكمه دستور ديمقراطي لا يسمح للخلط بين مهمة القوات المسلحة ومسئوليات الحكم، وهذا يكفي لكي نلغي تطبيق هذا المصطلح علي الجيش. أما عن الاقوال التي تتردد حول كون المجلس العسكري فقد حمي مبارك وأبناءه وأموالهم أو قد تسبب في قتل المتظاهرين فهذه أمور بحاجة لدلائل واذا وجدت يمكن تقديمها للنيابة للتحقيق بها. رؤية مستقبلية ويطالب زكي بالالتفات الي المستقبل ووضع دستور جديد فكيف يمر عام علي الثورة ولا يوجد دستور مصر، فالإعلان الدستوري غير كاف، كما أن علينا البعد عن التخوين والصراع وإدانة الآخرين دون وجه حق فبدلا من الحديث عن الخروج الآمن لأي قيادة علينا القول إن من لديه دليل إدانة لأي قيادة حكومية أو عسكرية أو محلية فليقدمها للنيابة ليتم التحقيق فيها. صناعة إعلامية أما الكاتب الصحفي صلاح عيسي فيلفت الانتباه إلي أن هذا المصطلح صناعة إعلامية بحتة سعي الإعلام لتكوينها بناء علي مجموعة من الهواجس والمخاوف والإشاعات يجري ترويجها لإثارة الرأي العام. وحول رأي الفقهاء القانونيين في تلك القضية يوضح د.عاطف البنا الفقيه الدستوري أن مصطلح الخروج الآمن لا محل له وهو مصطلح سياسي واعلامي حديث وليس قانونياً فلا يمكن أن يثبت تورط أحد قانونيا ويعفي عنه ويسمح له بالخروج الآمن حتي ولو كان قيادة عليا. وينتقد البنا توجيه النقد للعسكري واتهامه دون دلائل خاصة أن المجلس العسكري تولي مهام إدارة البلاد في وقت عصيب ولم يفعل ما يستحق توجيه الاتهام والنقد إليه. ويضيف لا يجب توجيه التهم بناء علي إشاعات وللأسف ظهرت تلك الإشاعات لأن الفترة الانتقالية طالت والسبب الرئيسي هو صراع القوي الليبرالية والحزبية بالإضافة لانشقاق وتعدد ائتلافات الثورة ومطالبهم. لهذا عليهم أن يتحدوا خصوصا مع اقتراب الذكري الاولي للثورة والبعد عن مهاترات تسليم السلطة يوم 25 يناير.