نتحدث هذه الأيام عن افتقاد شعب مصر للأمان، وذلك ربما لغيبة (العسكرى) من الشارع المصرى عقب سقوط جهاز الشرطة إما عمداً، أو قهراً، أو حتى «كسوفاً»، من شعب عانى بالأمر للشرطى بضرب الطيب والقبيح، الكل سواء ولكن فى حقيقة الأمر نفتقر فى بلادنا المحروسة لثقافة الأمان، الأمان فى مصانعنا، الأمان فى مزارعنا وقرانا، الأمان فى منازلنا، الأمان فى شارعنا المصرى، نفتقر لثقافة الأمان الذى يجب أن تحيط الشعوب نفسها بكل عناصره، وفى البلاد المتحضرة والتى تصبو للتقدم والازدهار، تعتنى تلك الشعوب بعناصر الأمان – فى حين أن بلدنا قد اختصها كتاب الله المقدس (القرآن الكريم) بعبارة «ادخلوها بسلام آمنين» صدق الله العظيم. الأمان هو العنصر الوحيد الذى يبحث عنه أى إنسان يرغب فى إقامة منزله ووسيلة معيشته، فالأمان هو ما نتطلع إلى أن نحيط به أنفسنا وأولادنا، حتى نطمئن لننام ولنعمل، والأمان هو ظل نطمح للتظلل به فى الحاضر والمستقبل، والأمان ليس فقط بأمن الداخلية الذى يحمى الممتلكات العامة والخاصة، ويحمى الناس من أصحاب السلوك الشاذ، فى الشارع أو فى المجتمع! ليس المقصود بثقافة الأمان، أن يعلق الشعب أمنه، وأمانه على الشرطى أو الحارس ولكن الأمان ثقافة يجب أن نتحلى بها وأن نكتسبها، مثل ثقافة التسامح وثقافة التعايش السلمى، وثقافة التعامل مع الآخر بتحضر وفهم. ثقافة الأمان هى أهم دافع للنمو وللاستثمار، فليس من المعقول أن تكون عبثية السير فى الطرق بالشكل الذى ينتج عنه هذا الكم من الحوادث اليومية، والنزيف المستمر للقتلى والجرحى، نتيجة افتقارنا لثقافة الأمان على الطريق. حتى إننا فى تشريعاتنا نضع حزام الأمان فى السيارة، بنداً يخالف عليه قائد السيارة، فمن غير المعقول، أن نشرع لأمن الإنسان لنفسه وليس لآخر بجانبه، فمن المعروف أن حزام الأمان، هو جزء مهم من مكونات كرسى قائد السيارة ورفاقه من الركاب، واستخدامه واجب للحماية، ولكن هو أيضاً يدخل ضمن منظومة ثقافة الأمان فى الدول التى اكتسبت هذه الثقافة. كم من مشروعات هربت من وضع لبنات قيامها فى مصر، بعد أن تعرضت دراسات جدواها، لعدم توافر ثقافة الأمان لدى شعب مصر، حوادث طرق، إجراءات أحادية وجماعية ضد البيئة، تلوث فى الجو نتيجة محروقات فضلات القمامة والزراعة، عبث المرور فى كل أرجاء الوطن، إجراءات الإسعافات الأولية وإطفاء الحرائق المختلفة فى بلادنا، طرق غير مطابقة للمواصفات، كبارى ارتبطت مداخلها ومخارجها بمطبات تكسر أكبر شاسيه لأكبر أو أصغر سيارة عابرة، تعليم لا ينتج مخرجًا مناسبًا لأسواق العمل، عمالة غير مدربة تصبح غالية السعر رغم تدنى قيمة الأجر، لكن ما يمكن أن تتسبب فيه من تدمير آلة، أو خرابها لعدم العلم بأدواتها، تصبح من أغلى الأيادى العاملة فى العالم (لجهلها)! كل هذه العناصر وغيرها تندرج تحت بند نقص فى ثقافة الأمان. حرائق فى مسارح أو فى مصانع أو فى سيارات، كلها وغيرها تخضع لأننا لا نحقق فى عناصر الأمان، وتنقصنا ثقافة الأمان، ومع ذلك نحن نعيش وننمو بدعاء الطيبين من المصريين وكرم الله علينا !