أثبتت الحوادث الطائفية الأخيرة أننا نفتقد كمصريين لثقافة قبول الآخر والايمان بالحريات الدينية. فكل فريق أو طائفة ينكر علي الآخرين حقوقهم التي يمنحها لنفسه وينظر إليهم نظرة شك وريبة واصبح من الطبيعي أو المعتاد أن نجد تنافرا وتضادا بين عنصري الأمة. د. أحمد زايد عميد آداب القاهرة واستاذ علم الاجتماع وصاحب الدراسة الشهيرة عن التغيير في الشخصية المصرية يري أن ثقافة قبول الآخر من الثقافات الجديدة التي فشلنا في استيعابها لأن ذلك يتطلب أن يكون لدينا نظام تعليم جيد ونظام سياسي كفء وأسر علي مستوي اقتصادي وثقافي معقول فإذا طبقنا هذه الأشياء علي الوضع في مصر خلال السنوات السابقة نجد أنه كان ومازال لدينا نظام تعليمي فاشل لا يقدم أي مفاهيم تعزز هذه الثقافة. بل يحض علي رفض الآخر فهذا استاذ يتحيز للمسلم علي حساب المسيحي أو العكس ويمكن أن ينحاز للذكر علي حساب الأنثي أو العكس.. كذلك النظام السياسي الذي كان مغيبا تماما عن رعاية فكرة التعددية في أي مجال من المجالات ولم يقدم نموذجا واحدا يعزز من مفهوم التعددية. السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية السابق عضو بالمجلس المصري للشئون الخارجية.. يري اننا نفتقر المنهاج العلمي في ادارة الحوار حول القضايا الطائفية سواء داخليا أو خارجيا. وفي ظل غياب الارادة السياسية للدولة علي مدار السنوات الماضية اصبح قبول الآخر واحترام التعددية الدينية فريضة غائبة بين أبناء الوطن الواحد. نعاني أيضا من اشكالية حوار الأزمات. بمعني وقت حدوث أو ظهور أزمة ما تتباري علي الساحة مجموعة من الحوارات الموسمية غير المقنعة في مجملها وقد يديرها اشخاص بعينهم يفتقرون إلي المصداقية والثقافة والفهم العميق لأبعاد القضية وخاصة يما يتعلق بقضايا الأديان والخلافات العقائدية فالاعلام الديني من حيث المضمون والقضايا والمساحة يفتقد التوازن. لابد من مراجعة شاملة لأنظمة التعليم ومناهج الدراسة وسلوكيات القائمين في المؤسسات التعليمية المختلفة إذا كنا بالفعل جادين في اصلاح الاحتقان الطائفي الذي تعيشه الساحة المصرية. مطلوب دفع العناصر الجيدة للمؤسسات الدينية التي تهدف لنشر الوسطية والاعتدال كما كان يحدث في الماضي كفانا ما حدث من اثارة النعرات وروح التعصب وعدم قبول الآخر والأخطر هو تكفير الناس حسب الأهواء والمصالح. د. نادية حليم.. مركز البحوث الاجتماعية والجنائية.. تطالب بضرورة اعادة النظر في سياسات التنمية لأن الافتقار إلي العدالة وانتشار الفساد ساهم في وجود خلل مجتمعي. أضف إلي ذلك الافتقار إلي تطبيق القوانين مما ساهم في حالة من الانفلات الاخلاقي والديني ودفع بعض التيارات الدينية من أصحاب الصوت العالي إلي محاولة السيطرة علي عقول وأفكار العديد من فئات المجتمع. أكدت ان خلط الدين بالسياسة في اللحظة الراهنة أمر في غاية الخطورة وينبغي وضع حل لتلك المسألة.