مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    قانون اللاجئين الجديد ينظم أوضاع نحو 9 ملايين لاجئ في مصر.. تعرف على التفاصيل    جامعة حلوان تطلق تطبيقا لتعزيز الخدمات الرقمية للطلاب    أبو الغيط: إسرائيل استفادت من اضطرابات الربيع العربي والسادات من أعظم قادة القرن العشرين    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 27-10-2025 في الصاغة بعد ارتفاعه 30 جنيهًا    أسعار الفاكهة الصيفية بأسواق الإسكندرية اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    التنمية المحلية: تنفيذ أكثر من 5900 مشروع ضمن برنامج تنمية الصعيد    ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى في الصين 3.2% خلال أول 9 شهور    أسعار السمك والمأكولات البحرية الشعبية بأسواق الإسكندرية اليوم 27 أكتوبر 2025    اصطفاف العشرات من شاحنات المساعدات أمام معبر رفح تمهيدًا لإدخالها غزة    بعد غد.. وزيرا دفاع اليابان والولايات المتحدة يجتمعان في طوكيو    رضا عبد العال: توروب غير مقنع مع الأهلي حتى الآن.. والسوبر المصري الاختبار الحقيقي    فاركو: الفوز على الإسماعيلي جاء في التوقيت المناسب.. وتأثرنا برحيل القوام الأساسي    مصرع شاب وإصابة آخر في تصادم دراجة نارية بطوخ    العظمي 27..تعرف على حالة الطقس اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    «صحة البحر الأحمر»: تحويل حالتين من مصابي «أتوبيس الزعفرانة» لمستشفى الغردقة    السيارة تحطمت .. صور حادث الفنان على رؤوف صاحب أغنية "أنا بشحت بالجيتار"    محافظ الإسكندرية يوجه بالرعاية الطبية لمصابي حادث انهيار عقار العصافرة    إصابة الفنان علي رؤوف إثر انقلاب سيارته في السويس    رئيس اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير صرح حضاري يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    وجبات عشاء خفيفة لا تسبب زيادة في الوزن    التنظيم والإدارة ينتهي من عقد الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظيفة مدير عام بمصلحة الضرائب    مستند رسمي.. عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب إيقاف دونجا في السوبر (صورة)    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    عاد إليها بعد إصابتها بالسرطان.. الفنان ياسر فرج يروي تفاصيل ابتعاده 5 سنوات لرعاية زوجته الراحلة    ميليسا يتحول إلى إعصار من الفئة الرابعة ويهدد بفيضانات كارثية في جامايكا وهايتي    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    حملة أمنية مكبرة لضبط الخارجين عن القانون وتجار الكيف بحدائق القبة    فنزويلا: اعتقال مرتزقة مرتبطين بالاستخبارات الأمريكية فى ترينيداد وتوباغو    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    النجم الساحلي يودع الكونفيدرالية ويبتعد عن طريق الزمالك والمصري    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    الداخلية تضبط شخصين روجا شائعات وأكاذيب تحريضية بواقعة المنيا    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرافئ الروح.. جدل الصخب والسكون


يوغل الكاتب الروائى يحيى مختار فى تاريخ النوبة فى روايته «مرافئ الروح»، والصادرة فى طبعتها الثانية حديثا عن سلسلة (كتاب اليوم) الثقافي، فيعيد الاعتبار لوقائع منسية، تقرب المكان الروائى لمتلقيه، وتحضر النوبة بوصفها فضاء تاريخيا ممتدا، ومن ثم تتناثر الإشارات فى الرواية إلى التاريخ الغابر للنوبة المصرية، والتى تعد ابنة للتراكم الحضارى المصرى ذاته، هذا التراكم المتكيء على جذور متعددة، ومن ثم نرى حضورا فى «مرافئ الروح» للمعابد الفرعونية القديمة، وللكاتدرائية العتيقة، ولعوالم الدراويش، وتهيمن صيغة التجاور بين الصيغ المختلفة على المكان، ومن ثم يبدو الفضاء الروائى هنا سمحا، لديه قدرة كبيرة على التعايش، وإن ظل المكان محملا بنفس أسطورى لا تخطئه عين، تواترت الإشارات إليه فى الرواية، حتى أصبحت الأسطورة ملمحا أساسيا من ملامح تقديم المكان فى «مرافئ الروح». يستهل الكاتب روايته بمقطع سردى دال، يحوى إشارة زمانية، تاريخية، ينطلق منها خط القص الرئيسي: «الأحداث فى الجنوب كانت تتجه سريعا نحو حسم المعارك ضد جيوش الدروايش، التى انكسرت شوكتها فى معركة أم درمان فتم القضاء على سلطة الخليفة «عبدالله التعايشى». ومن أصداء هذا الخبر الذى سرعان ما يطير إلى «الجنينة والشباك» المكان المركزى فى الرواية، حيث يتعاطى الكاتب يحيى مختار مع قرية «الجنينة والشباك» دوما بوصفها تلخيصا بليغا للنوبة ولناسها فى آن، وينتقل الراوى إلى رصد تأثير هذه الواقعة تاريخيا فى نفوس النوبيين، والخيال الشعبى الذى لعب دورا كبيرا فى منح الحكاية أبعادا جديدة، وخاصة فى تأهب «عبدالله التعايشي» لفكرة الموت وتلقيه لها. ومن الانطلاق من وقائع تاريخية يصوغها الخيال الشعبى على نحو جديد، يربط الكاتب مكانه المركزي »لجنينة والشباك» بهذا العالم المسكون بالحكايات، والأساطير. وإذا كانت البداية تحوى إشارة تاريخية، تنبيء عن زمانية السرد وبداياته هنا «سقوط عبدالله التعايشى 1899م»، فإن مسارات السرد جميعها تحمل وعيا بالامتداد التاريخى للمكان الروائي»النوبة»، من جهة، واستكمالًا لحكايات أهالى الجنينة والشباك عن وليهم الصالح «الشيخ حسن أبوجلابية» من جهة ثانية. وتبرز حكاية الشيخ حسن أبوجلابية الذى راحت عينه اليسرى فى واقعة تتصل بما يسمى ب«كرامات الأولياء فى الوجدان الشعبي»، حيث يسير القطب الصوفى على الماء، متجها للغرب، وحين يتوهم فى البداية أن ثمة قاربا يحمله، لا يرى شيئا!، وحين يطلع على السر حفيده «سلامة عبدالسيد» – ولد ابنته- ويرى المعجزة، يذهب بصره تماما، وحين يقص على جدته (سكينة بسطان) – زوجة الشيخ حسن أبو جلابية- إذا هى تصيح به، طالبة منه السكوت، مذكرة إياه بأنهم لا يجب أن يحكوا أبدا عن أحوال الشيخ، الذى كثيرا ما حذرهم من ذلك. وتمثل هذه الواقعة الحدث المركزى فى الرواية، هذا الحدث الذى تتفرع منه أحداث أخرى، بما يعنى أنه يظل شاغلا لناس «الجنينة والشباك» جميعهم، ومفجرا لجملة من الأسئلة المتعلقة بالمكان، وعلاقته بالأسطورة، ومدى حضور المعتقد الشعبى للبشر داخله، ومن ثم تتواتر الحكايات عن كرامات لأولياء آخرين، وبما يعزز من سلطة الموروث الدينى داخل المكان الروائي»النوبة»، فضلا عن الإضافات التى تخضع لها الحكايات نفسها، وبما يجعلها غارقة فى المبالغة، والخيال. وقد حمل «العم إيليش» على عاتقه هذه المهمة فى السرد، حيث منح الحكايات عن الشيخ «حسن أبوجلابية» أبعادا أسطورية جديدة، تتصل بالتنبؤ بالقادم والتعاطى مع كائنات غير مرئية!. فى «مرافيء الروح» نرى جدلا خلاقا بين الشخصية الروائية والمكان، هذا الجدل الذى يمكن تلمسه عبر شخصية «حسن بورس»، الذى نتعرف من خلاله عن تراث المكان النوبي، وامتداداته التاريخية، فحسن بورس كان مصاحبا لكل رحلات المستكشفين والمغامرين الذين وفدوا على الجنينة والشباك، وكل القرى النوبية. ثمة رؤيتان مختلفتان للعالم، تتعامل كل منهما مع المكان على نحو مختلف، فتصبح النوبة موطنا للأساطير والخرافات لدى العم إيليش، بينما تمثل مهادا للعلم والفن والمعرفة لدى حسن بورس، وكلتا الرؤيتين تحضران فى الرواية، وتمثلان جانبا محوريا من نسيجها العام. وبعد أن يوصى الجد الشيخ حسن أبوجلابية زوجته «سكينة بسطان» بأن يأخذ حفيده «سلامة عبدالسيد» ركوته ونايه، يصير سلامة بالفعل أعذب صوتا فى الإنشاد، ويصبح نايه أكثر تأثيرًا، وكأن سر الشيخ قد أودع فيه كما اعتقد الصديقان «عبدالله سراج» و »حسن بورس»، غير أنه مثلما اختفى الشيخ «حسن أبوجلابية» فى بداية الرواية، فإن حفيده «سلامة عبدالسيد» يختفى فى نهايتها ولا يعثر له على أثر. وبعد. تبدو قرية «الجنينة والشباك» فضاء أثيرا تتحرك فيه شخوص الرواية، وهى تغالب مخاوفها وهواجسها، ساعية لمقاومة المحو والاندثار، ويوظف الكاتب موروث المكان وثقافته الشعبية من أساطير وخرافات ويضفرها فى متن نصه، ويرصد أثرها فى سيكولوجية شخوصه، كما نرى وعيا بالملمح الصوفى الذى يسكن النوبة ويشكل جزءًا أصيلًا من تراث المكان، وتظل لغة يحيى مختار آسرة، بها نزوع شعرى أحيانًا، مسكونة بمعانى الفقد والضياع، والحنين لمراتع الصبا الأولى.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.