منذ أن تولى الدكتور شاكر عبد الحميد حقيبة الثقافة بحكومة الدكتور كمال الجنزورى وتكليفه بحل مشاكل الوزارة والتطوير وتجديد الخطاب الثقافى ومنحه صلاحيات مطلقة فى تنفيذ أى فكرة جديدة ذات قيمة، أعلن أن لديه خطة لتطوير المنظومة الثقافية وإرساء قواعد جديدة لنهوض الثقافة بمصر ويحرص دوما على الإشارة إلى كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» لعميد الأدب العربى طه حسين الذى صدر فى 1938 الذى يعتبره أحد أهم مراجعه الفكرية نظرا لأن مشاكل التعليم كما هى لم تتغير بعد! كما يحرص عبدالحميد على تشكيل لجنة وطنية لتخليد ثورة «25يناير» وشهدائها رغم تحفظاته على بعض تصرفات المتظاهرين فى الفترة الأخيرة التى يراها خلقت مناخا للاشتباك مع المؤسسة العسكرية التى يرفض المبالغة فى وصفها بالتجاوز والانتهاك ضد المتظاهرين غير مستبعد أن تكون هناك مؤامرة لإسقاط مصر.تفاصيل عديدة تلقى روزاليوسف الضوء عليها خلال سطور الحوار التالية... ■ ذكرت أن لديك استراتيجية تطوير للثقافة فى مصر، ما ملامح هذه الخطة؟ بالطبع هذه الخطة أو هذا المشروع متقاطع مع وزارات أخرى كالتربية والتعليم، فالثقافة ليست منتجًا إنما هى تكوين ودافع ثقافى، فأنا أتمنى أن نصل إلى مستوى التربية عن طريق الإبداع فمن المهم تكوين الاتجاه الخيالى المتحرر من النمط والقوالب خلال التذوق لهذا العمل أو التفضيل الجمالى له، لكن الوقت حاليا صعب وضيق للغاية. مع هذا فى إطار التعاون بين الثقافة والتعليم تم تحديد بروتوكول يقضى بتزويد مكتبات المدارس بكتب من إصدارات الوزارة كذلك تم الاتفاق على إقامة مسابقات وندوات مشتركة، وهى طبعا خطوات بسيطة لكنها بداية أتمنى أن تتطور أكثر فيما بعد وأن تدخل الثقافة فى نسيج البرامج التعليمية بالمدارس وهو الأهم والأعمق. ■ هل ترى أن الوقت يسمح بعمل بروتوكلات تعاون بين الوزارات والهيئات لتطوير الثقافة؟ لدى خطط عديدة كاملة وشاملة طرحتها عبر كتاباتى وأبحاثى، إنما الأمر الآن هو طرح الوزارة لأفكارها وخططها ويتم دراستها وبحثهاعلى أن تقوم الدولة بتبنيها سواء الآن أو فيما بعد، لأنه كما ذكرت سابقا مشروع قومى له عدة روافد ويجمع مجالات عديدة بهيئات مختلفة مساهمة فى تنفيذه، فأتمنى بالفعل أن يحدث ذلك وتكون هناك فرصة حقيقية من الحكومة ومن الشعب أيضا لتقبل ودعم هذا المشروع. ■ كيف ترى مستقبل المجلس الأعلى للثقافة خاصة وأنه لم تعلن نتائج اللجان بعد؟ المجلس معطل حتى الآن نتيجة الظروف الحالية وكذلك النظام الجديد لاختيار اللجان الست والعشرين، لكن فى خلال الأسبوع القادم سيبدأ المجلس فى أداء دوره كبرلمان ثقافى وسيكون الشغل الشاغل له أن يضع الخطط والاستراتيجيات الثقافية المفيدة للمجتمع، وأوجه دعوة مفتوحة من الآن لجميع المثقفين بمختلف اتجاهاتهم سواء الليبراليين منهم أو ذوى المرجعية الإسلامية أو أيا ما كان اتجاهه، كوزارة نحاول تطوير بقدر الإمكان دور المجلس. ■ ما الأوجه التى تراها قاصرة وتسعى لتطويرها فى الهيئة العامة لقصور الثقافة؟ فلسفة الهيئة التى قامت عليها كانت أقرب إلى الفلسفة الاشتراكية.. بمعنى توفير الدولة كل شىء للمواطن من الكتب والقصور والبيوت والتى أراها بحاجة لإعادة نظر من حيث إنه لا يجوز أن يظل دور الهيئة كما هو فى الوقت الذى لا تقدم فيه الخدمة الثقافية كما ينبغي، لذا لابد من تغيير هذه الفلسفة وآليات العمل التى لا تضر بموظفى الهيئة بل تمنحهم مزيدًا من التفعيل وأداء دورهم كما يجب ببدائل مختلفة من خلال إعادة الهيكلة. أيضا هناك مشكلة وهى المركزية والأطراف، فهناك العديد من القرى والمراكز الخالية من القصور أو البيوت أو بيوتها غير مناسبة للقيام بعملها، لذلك طلبت من الشاعر سعد عبدالرحمن تقريرًا وافيًا بهذه البيوت ويشمل القصور أو البيوت التى سيتم افتتاحها، كما أننى أفكر فى عقد لقاء مفتوح للوصول لخطة تطوير مناسبة للهيئة. ■ هناك مطالبات بسرعة انتخاب الرئيس ووضع الدستور عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية واتجاه آخر يرفض ويؤيد المشروع الأساسى بتسليم السلطة فى 30 يونيو خوفا من سيطرة التيار الدينى على القرار السياسي، ما رأيك؟ نحن نطالب بدولة مصرية مدنية ديمقراطية فنحن نرفض الحكم العسكرى والدينى وهذه هى الطبيعة المصرية عبر تاريخها، فتاريخ الأمم والشعوب التى سيطرت عليها حكومات دينية وعسكرية انتهت بالفشل، فالمجلس العسكرى يقوم بدور سينتهى فى 30 يونيو، لذا علينا أن نقيم الحوار ونعرض مطالبنا من خلال قنوات شرعية إذا فشلت فهناك بدائل، فمن الطبيعى أن نبدأ بالحوار ثم التصعيد..فأنا ضد الصدام بين الجيش والشرطة والشعب، كما أن المصريين بطبيعتهم لا يقبلون بتقييد حريتهم خاصة بعد إنجازهم المتمثل فى ثورة «25يناير»، فهم ذوو مزاج معتدل ووسطى فى كل شىء، فالمصرى اليوم عرف طريق حريته والوصول إليها ولن يتراجع عنها.. فأنا متفائل. ■ ما تفسيرك للصدام بين الخطاب السياسى للسلطة والخطاب الثورى؟ بمنتهى الصراحة أعتقد أن هناك أخطاء من كلا الجانبين.. بمعنى أن الثورة عموما ليست محصورة فقط فى ميدان التحرير بل هى ثورة شعب كامل فى كل ميادين مصر، فى نفس الوقت ليس معنى هذا أن كل ما يقوم به (الثوار) صحيح، فأنا ضد اعتصام مجلس الوزراء ولا أراه من الحكمة أن تمنع حكومة من أداء عملها، فهناك وسائل اعتراض أخرى كالتظاهر إنما الاعتصام والخيام هى مظهر سيئ وغير مقبول، فما حدث مؤخرا من هذا الاعتصام واستفزازه مهد لمناخ من التصادمات والاشتباكات التى وصلنا لها مؤخرا وعايشناها وأسفنا لها بشدة وانقلبت الدنيا على الجيش، فالشباب أخطأ فى هذا الاعتصام وعليه أن يراجع أفكاره. ■ نتفق أن الأخطاء يتحملها الطرفان.. لكن يصعب تقبل الاعتداء إلى حد تعرية جسد إنسان مصرى ليتصدر وسائل الإعلام المصرية والعالمية؟ - فى هذه الظروف الملتبسة وغير الطبيعية علينا أن نتوقع الكثير من التصرفات المرفوضة، وكما رأينا بالفيديو كان هناك جنود يغطون الفتاة.. وأنا لا أفضل الخوض فى تفاصيل هذا الموقف الملتبس. ولست مع تعميم الهجوم على القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية التى حمت الشعب المصرى من قبل وحققت له السلام والانتصار عبر التاريخ فلا يجب أن يتم تلخيص كل هذا التاريخ فى تعرية فتاة دفعت بنفسها بين الجنود والعساكر.. فأنا ضد التضخيم والمبالغة فى المواقف لأهداف غير بريئة، فلا يليق بنا أن نتهم الجيش المصرى بانتهاك الأعراض وارتكاب الخطايا والموبقات، لكننى أطالب بمحاسبة هؤلاء العساكر الذين قاموا بهذا الفعل المشين والذين لايمثلون المؤسسة العسكرية أو يعبرون عنها، فأنا أطالب بأن نتماسك ونتكاتف لبناء البلد وليس إسقاطها، فأنا مع نظرية المؤامرة التى تشير إلى أهداف داخلية وخارجية لإسقاط مصر. ■ بعد حريق المجمع العلمى ألم يحن الوقت للمطالبة بقانون يسمح لوزارة الثقافة أو دار الكتب والوثائق القومية بجمع كل التراث والمخطوطات والوثائق من جميع الهيئات والمؤسسات؟ أتمنى ذلك، والمشروع مطروح منذ سنوات أمام مجلس الشعب ولم يتم الفصل فيه بعد دون سبب واضح!.. فأرجو من المجلس القادم وبعد أن تستقر البلاد أن يقضى بتنفيذ هذا القانون وأهمية أن يكون تراث مصر بيته فى دار الوثائق. ■ مع اقتراب الذكرى الأولى لثورة «25يناير» هناك اتجاه للاحتفال بها وتستعد وزارة الثقافة لعقد لمؤتمر «الثقافة والثورة» واتجاه آخر ينادى بقيام ثورة ثالثة.. ترى أى اتجاه سيتحقق؟ بداية تم تأجيل مؤتمر «الثقافة والثورة» حتى شهر أبريل نظرا للأحداث الجارية بالإضافة إلى أننى لا أظن أنه ستقوم ثورة ثالثة بل سيكون هناك نوع من التمثيل الاحتجاجى لما حدث أو ما شابه لكن ليس بمعنى ثورة جديدة، لكن عموما جميع قطاعات الوزارة ستقيم فعاليات احتفالية لهذه الذكرى. ■ الشخصية المصرية بطبيعتها قادرة على التحمل والصبر .. ما يحدث اليوم يؤكد أنه لم تعد هذه الشخصية .. كما هى فى رأيك ما السمات التى تغيرت بالشخصية المصرية؟ أولا لا يوجد ما يسمى شخصية مصرية واحدة، بل هناك تنوع فيها ما بين المتسرعة والغاضبة وأخرى أكثر هدوءا وتأملا وصبرا، فهذان نمطان موجودان وهناك نمط ثالث يميل أكثر إلى اتخاذ المنطقة الوسطية أو الرمادية ويحاول شيئا فشيئا أن يمسك بالسلطة.. بشكل عام شعب مصر لديه الأمل فى مستقبل أفضل وأكثر استقرارا ولا مانع لديه من الصبر (القليل) بهدف الاستقرار والأفضل. ■ نعود لخطتك لتطوير الوزارة ومواردها، كيف ستستثمر قطاع الفنون التشكيلية وهو قطاع مهم وقادر على تحقيق دعم كبير للوزراة ماديا وثقافيا ؟ - بالفعل طلبت من الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية بتقديم خطة لتطوير القطاع وبالفعل قدمها لى منذ يومين وأدرسها حاليا.. فبالفعل هو قطاع مهم وحيوى لابد من إعادة توظيفه بشكل جيد يعود بالنفع على الثقافة عموما. ■ ما البدائل الأخرى لتحسين موارد الوزارة بعد انفصال المجلس الأعلى للآثار عن الثقافة؟ أولا ترشيد الإنفاق ببعض الجوانب، فتح قنوات اتصال مع جهات رسمية وعالمية لدعم الأنشطة ورعايتها لكن دون التدخل فى سياسات الوزارة. ■ كمفكر وأحد علماء علم النفس هل فكرت فى تأليف كتاب يحلل ويناقش ثورة «25يناير»؟ بالطبع أطمح للتفرغ لإنجاز هذا الكتاب عن التحليل النفسى للثورة المصرية وأدرس الإبداع بهذه الثورة وما تحمله من مشاكل وقلق بها، أتمنى أن أدرس إيجابياتها وسلبياتها وأعتقد أن لدى الأفكار والنظريات والمراجع المساعدة لذلك لكننى لا أملك الوقت!!.. تلك هى مشكلتى.