ترجمة: داليا طه أكد مجموعة من الخبراء المختصين الأمريكيين بالفكر الإسلامي في شهادتين أمام لجنة الاختيار الدائمة الخاصة بالاستخبارات - اللجنة الفرعية حول الإرهاب والاستخبارات البشرية والتحليل والاستخبارات المضادة.. أن الإخوان المسلمين جماعة منخرطة اجتماعيا وموجهة نحو إصلاح الأفراد والمجتمع ككل في العالم العربي في ظل الحدود والنظم الإسلامية، وأوضحوا أن التحدي الذي يواجه الجماعة لا يتمثل في معارضتهم للديمقراطية.. ولكن يعود إلي أن تكوينهم لا يتناسب والعمل في ظل سياسات ديمقراطية، مشيرين إلي أن الجماعة قادمة نحو مواجهة الولايات وأنها سوف تنجح في هذه المواجهة لو ندمجت واتحدت ولعبت دورا سياسيا فاعلا في البلدان التي تعمل بها، ولذلك فإنها تعتبر تحديا سياسيا أكثر من كونها تحديا أمنيا للولايات المتحدةالأمريكية، ويضيف الخبراء أنه في حالة اندماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية المصرية الديمقراطية.. فإن ذلك سوف يؤدي إلي وجود منطق جديد كما أن الجماعة قد ترفض قبول اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية ل مع مواقفها.
يقول ناثان براون وهو بروفيسور في مجال العلوم السياسية والشئون الدولية في جامعة جورج واشنطن ومساعد غير مقيم في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي..أثناء تقديمه لشهادته.. إنه قد عمل في مجال البحث والكتابة في الحركات الإسلامية والعالم العربي منذ عام 2004، مع تركيز خاص علي جماعات الإخوان المسلمين في كل من مصر والكويت وفلسطين والأردن وأيضا المؤسسات المرتبطة بها. ويذكر ناثان أنه قام بعدة مقابلات مع قادة برلمانيين وناشطين وناقدين وأعضاء سابقين وصحفيين وخبراء أكاديميين، إضافة إلي الاستطلاعات التي قام بها علي مواقع إلكترونية وجرائد وصحف ذات صلة وعلاقة بالجماعات الإسلامية. ويضيف أنه وجد معرفة ما يفكر به الإخوان المسلمون سهلا بالرغم من سمعة هذه الجماعات المبنية علي أنها منغلقة وغامضة.. ويصف قادة جماعة الإخوان المسلمين بأنهم أفراد يمكن الوصول إليهم بسهولة وأنهم صريحون ودقيقون في ملاحظاتهم ونقدهم لما حولهم. أما في ما يخص الجماعة كوحدة، فيجد أنها قادمة نحو مواجهة الولاياتالمتحدةالأمريكية وأنها سوف تنجح في هذه المواجهة لو اندمجت واتحدت ولعبت دورا سياسيا فاعلا في البلدان التي تعمل بها، ولذلك فإنها تعتبر تحديا سياسيا أكثر مما هي تحديا أمنيا للولايات المتحدةالأمريكية. ثم يشرح ناثان أن الإخوان المسلمين جماعة منخرطة اجتماعيا وموجهة نحو إصلاح الأفراد والمجتمع ككل في العالم العربي في ظل الحدود والنظم الإسلامية. ويضيف أن التحدي الذي يواجه الجماعة لا يتمثل في معارضتهم للديمقراطية.. ولكن يعود إلي أن تكوينهم والشاكلة التي قامت عليها الجماعة لا تتناسب والعمل في ظل سياسات ديمقراطية، وأيضا لأنه لم يتحدد مقدار الكم من عملهم الذي سيتوجه نحو السياسة. ويوضح ناثان أن معظم الجماعات الإسلامية اليوم أكثر انفتاحا علي العامة ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين التي تظهر التزاما بالتغيير السلمي في معظم الأماكن التي تتواجد بها، ولكن هنالك استثناءات للمجتمعات التي تعتقد أنها واقعة تحت الاحتلال. لا توجد أجندة للجماعة ومن الواضح تماما أنه من الصعب معرفة أين تقف الجماعة اليوم وهذا غير مفهوم ليس لغموض الجماعة.. حيث إنها ليست كذلك، وإنما بسبب عدم أخذ الجماعة لقرار حتي الآن فيما يتعلق بالوضع الحالي. ينتقل بعد ذلك ناثان لذِكر ما كان نظام مبارك يقوله في آخر أيامه عن الإخوان المسلمين، حيث كان يبث أفكارا تتعلق بتولي عملاء الإخوان المسلمين والصهاينة والإيرانيين والأمريكان دورا مهما في المظاهرات والثورة علي نظام مبارك. ويري ناثان أن الريبة والشك في تصريحات الإخوان المسلمين مبنية علي عدم فهم أيديولوجية الجماعة وطريقة عملها، وليس بسبب أجندتها غير الواضحة كما يعتقد البعض، وبطبيعة الحال.. فإن قادتها يتصفون بالصراحة وقلة التحفظ في الأمور التي لا يرغب المتلقي في سماعها. وبعد ذلك يتحدث ناثان عن معانقة جماعة الإخوان للسياسة الديمقراطية من خلال صفوفها الداخلية ومن خلال الانتخابات التي كانت تتم ضمن الجماعة علي الرغم من أن أيديولوجية قطب كانت تقوم علي عدم وجود الديمقراطية وأن القوة هي السبيل الوحيد لها. ويضيف ناثان إنه عند بدء الثورة في 25 يناير كان هنالك تحفظ من قبل الجماعة.. وشارك شباب الجماعة.. في الثورة، وقاموا بدعوة كبار القادة لأخذ دور فعال بها، ولكن لم تندمج الجماعة مع الثورة وأعلنت أنها تؤيد الانتقال السلمي للسلطة، وأنها لا ترغب في نيل أي منصب من وراء هذه الثورة وأنها جماعة سلمية. وكان لاندماج شباب الجماعة أثر كبير في جر الجماعة وكذلك قادتها نحو الثورة بعد عدة أيام من بدايتها، خصوصا بعد دعوة نائب الرئيس المصري عمر سليمان لأحزاب المعارضة المصرية للقيام بحوار فيما يتعلق بالوضع في مصر، وكان هنالك حضور لقادة جماعة الإخوان المسلمين في الاجتماع. هنالك اختلافات وانقسامات بين شباب الجماعة وكبار قادتها وهي اختلافات يمكن تصنيفها بأنها أيديولوجية وسياسية، والسبب فيها الفارق الثقافي بين الشباب المتحضر وقادة الجماعة من أصحاب المبادئ والأساسيات، وتقديس الهيكل الذي تقوم عليه الجماعة. أما الشباب فهم منسجمون مع غيرهم من الائتلافات السياسية، وهم منفتحون فيما يتعلق بالأمور الداخلية وأقل خوفا فيما يتعلق بالمخاطر.. وعلي الرغم من ذلك فإن التوترات داخل الجماعة لن تكون سببا في انشقاق الجماعة، ولكنها قد تساعد علي نشوء بيئة داخلية محبطة تؤدي إلي تهميش بعض الأفراد. ويضيف ناثان أنه في حال اندماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية المصرية الديمقراطية، فإن ذلك سوف يؤدي إلي وجود منطق سياسي للجماعة ينتج عنه ثورة أيديولوجية مستمرة مثل ما رأينا في قضايا حقوق المرأة وحتي فيما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد للسلام. وفي هذا المسار، يوضح ناثان أن موقف الجماعة من السلام المصري الإسرائيلي قد تطور وبدأ بالتغير من ناحية المحتوي، ولكن تعاطف المصريين مع الفلسطينيين قديم مثل قدم جماعة الإخوان المسلمين وأيضا اعتبار حماس جماعة الإخوان المسلمين أنها " الجماعة الأم" يؤدي إلي رفض الجماعة قبول هذه الاتفاقية خوفا من الوقوع في قضايا تتعارض وأيديولوجيتها. ويؤكد ناثان أن هنالك مؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين دولية تقوم بالتنسيق بين الحركات في مختلف البلدان، ولكن هذه المؤسسة لاتشكل تهديدا ولا تأثيرا كبيرا.. إن معظم الحركات التي تقع ضمن هذه المؤسسة الدولية لها نفس الأيديولوجية أو الفكرة العامة للجماعة، ولكن بالرغم من ذلك فإن لهم الحق في التصرف بكيفيات مختلفة عن الجماعة بما يتناسب مع بلدانهم ومجتمعاتهم. وإن هذه الحركات تتبادل الأفكار داخليا فيما بينها وتساهم بالموارد المالية عبر البلدان المختلفة، والمؤسسة الدولية لجماعة الإخوان المسلمين لا تكون ذات علاقة في هذا الجانب.. وفي الجانب الدولي فإن الإخوان المسلمين ليسوا بمافيا، بل هم عبارة عن جماعة جامدة ومنضبطة. وتناول ناثان فكرة رغبة جماعة الإخوان المسلمين في تأسيس خلافة إسلامية تساعد علي توحيد العالم الإسلامي.. وتوصلَ إلي أن ذلك من الصعب أن يحدث نظرا لعدم التنسيق الفعال بين الجماعات والحركات تحت رعاية المؤسسة الدولية للإخوان المسلمين، إضافة إلي أن النموذج العام للجماعة يمكن فقط تطبيقه تحت ظروف معينة وفي بيئة تتناسب معه، واختلاف البيئات يحول دون ذلك. في نهاية شهادته، يتوصل ناثان إلي أنه لا يوجد حاليا سياسية أمريكية تجاه الإخوان المسلمين في مصر كما في المغرب، ويضيف أنه لا حاجة لوجود سياسة أمريكية تجاه الإخوان المسلمين، وأن أمريكا بحاجة إلي سياسية تجاه الدول التي تعمل بها جماعة الإخوان المسلمين، من خلال الأحزاب السياسة والمجتمعية والقومية في بلدان مثل مصر والكويت والأردن عن طريق بناء علاقات ثنائية تقوم علي أسس اقتصادية ودبلوماسية وأمنية. ويجب علي أمريكا أن تعطي لجماعة الإخوان المسلمين اعتبارها كعضو فعال في المجتمع في إطار نظام سياسي سليم، وأن علي أمريكا أن تخاطب السلطة الشرعية في مصر وألا تتدخل في الشئون الداخلية لبلدان المنطقة في ظل المناخ الديمقراطي الذي سوف يتم عن طريقه انتخاب جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب السياسية. ينهي ناثان براون شهادته بالقول: إن بروز الإخوان المسلمين في الساحة قد يسبب الصداع ولكنه لن يسبب السرطان، بعبارة أخري إنه يمثل تحديا سياسيا ولا يمثل تحديا أمنيا للولايات المتحدةالأمريكية. أما شهادة أحمد صبحي منصور فبدأت بالحديث عن الإسلام ومبادئه وسماته المتمثلة في السلام والحرية والعدالة والتسامح، وتطرق إلي انتصارات العرب المسلمين في الماضي التي شهدت تغلبهم علي مسيحيي أوروبا، وما قاموا به من تقسيم للعالم في ذلك الوقت إلي معسكرين: معسكر الإسلام ومعسكر الحرب.. وهذا التقسيم يتعارض حسب منصور مع مبدأ الإسلام الذي يؤكد التسامح والحرية والشريعة في يد الإنسان.. بعد عدة عصور، تغلبت أوروبا علي المسلمين واحتلت معظم دولهم ولإحياء مجدهم وقوتهم كان للمسلمين فقط خياران: السلفية أو الحداثة. ويذكر أحمد منصور أن اختيار السلفية يعني إعادة انتصارات الماضي في الإمبراطوريات الإسلامية في العصور الوسطي وتطبيق الشريعة الأصولية المتشددة في عصرنا الحاضر، هذا هو طريق الوهابية وتعتبر أول دولة سعودية تأسست في عام 1745 . وعلي الصعيد الآخر، جاءت عصرنة المسلمين وباحتذاء الحضارة الأوروبية عن طريق حاكم مصر محمد علي باشا، الذي تولي إبادة أول دولة وهابية في عام 1818، وتم بعد ذلك تأسيس دولة أخري علي تعاليم ابن عبدالوهاب.. ولكنها سرعان ما انهارت في القرن التاسع عشر. يكمل صبحي منصور شهادته بالحديث عن فترة ما بعد مبارك حيث أصبحت الاتجاهات السلفية دون قيود تهدد مصر وتظهر أجندتها السرية المبنية علي تعاليم الوهابية والإخوان المسلمين.. أما جماعة الإخوان المسلمين فإنها تعاني العديد من الإشكالات والمتمثلة في أن الاتجاهات السلفية هي التي تتحكم وتسيطر علي الوضع وليس هم، وذلك يساعد الاتجاهات السلفية في بث الأخبار السيئة التي تتعلق بتولي جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر. وتعاني جماعة الإخوان المسلمين أيضا من الانقسامات في داخل صفوفها وخصوصا في جانبها القيادي المتمثل في كل من محمد حبيب وعبدالمنعم أبوالفتوح والزعفراني وشباب الجماعة المتفتح. وهو يري أن المشكلة سوف تزداد بعد نجاح الثورات في كل من ليبيا واليمن وسوريا والأردن، حيث ستظهر علي السطح الاتجاهات السلفية، مستغلة الفراغ الموجود وسوف تهدد الشرق الأوسط والمصالح الأمريكية في هذه المنطقة. ويذكر أحمد منصور أنه لا وجود لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سياسية في الغرب أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن كل الناشطين والقادة لهم أجندة سلفية لغسل أدمغة المجتمعات الإسلامية في الغرب ولتقسيم العالم لمعسكرين: معسكر الإسلام ومعسكر الحرب. والأجندة السلفية حسب شهادة أحمد منصور يهدف جهادها في أمريكا إلي إبعاد المجتمعات الإسلامية من الاندماج مع الأمريكيين، وجعلهم أعداء لهم وأيضا إلي توظيف عدد من الأمريكيين وإدخالهم في الإسلام غير الحقيقي، ولكن الإسلام السلفي الذي يهدف لإعداد الانتحاريين وتكوين ما يمكن تسميته ب "طالبان الأمريكية". وأجندة السلفية الجهادية حسب منصور تضم أيضا سيطرتها علي المساجد والمدارس الإسلامية والعديد من الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربيةوالأمريكية، حيث إن لديهم دعما لا محدودا من قبل السعودية والخليج علي الصعيدين العام والسري. ويضرب أحمد منصور تجربته مثالا، حيث يذكر أنه عاني من التأثير السعودي في مصر وعند توجهه للولايات المتحدةالأمريكية كلاجئ سياسي، وجد التأثير السعودي في عمله في المساجد السنية والمراكز والمدارس.. حيث إن معظمها يقع تحت سيطرة متعصبين يتخذون من السلفية الوهابية ثقافة يمكن توظيفها في العنف. وينهي أحمد منصور شهادته بتقديم حلول وخيارات يفيد الأخذ بها في الحد من هذا التوسع السلفي.