كتب - د. فاروق الباز تتناقل وسائل الإعلام المصرية والأجنبية مخاوف عديدة من احتمال مشاركة الإخوان المسلمين في السلطة بعد الانتخابات المرتقبة. يشمل هذا التهويل علي ما يمكن أن يترتب عليه خلق تيارات دينية متعصبة تحد من حرية الأفراد وتمنع الانفتاح علي العالم المتحضر. إن هذه المخاوف في رأيي غير مبررة للأسباب التالية: أولاً: لقد عاني الإخوان المسلمون بأعلي قدر من قسوة الحكم منذ أمد، ولهم الحق في جو الحرية الذي ننشدة جميعاً. علي سبيل المثال أذكر عندما كنت طالباً بالجامعة حيث كان بيننا من كان إخوانياً ومن هو شيوعي وكان يصلنا منهم ما كتبه حسن البنا وكارل ماركس علي حد سواء. وعلي الرغم من أن غالبيتنا لم ينتم إلي حزب بعينه، إلا أننا كنا نناقش كل الأفكار بتمعن وحكمة. فجأة في عام 1956 اختفي الزملاء من تنظيم الإخوان ولم نسمع عنهم لمدة عامين كاملين. علمنا بعد ذلك أنهم عانوا من الشقاء في معتقل مذر بالخارجة. سكت الناس علي هذا الاضطهاد لأن شعار الدولة كان " لاصوت يعلو فوق صوت المعركة". وفي مناخ الحرية الحالي، لكل فرد الحق في المشاركة وإبداء الرأي علي ألا يؤثر ذلك علي حريات الآخرين. ثانياَ: نجاح الإخوان المسلمين في أي انتخابات سوف يكون متأصلاً في أن بينهم من يساعد الناس من الطبقة المطحونة. فقد شارك أفراد منهم في العمل المجتمعي بدعم الفقراء وذوي الحاجة في العشوائيات والقري الفقيرة. ينبغي علي أهل الأحزاب السياسية الأخري أن تعمل بالمثل. ثالثاً: مشاركة الإخوان المسلمين في السلطة سوف يحد من التمادي في التشريع المتزمت والقسري. لقد أثبت ذلك ما حدث في إندونيسيا وماليزيا وتركيا ومؤخراً في تونس. هذا يؤكد ان السلطة في المناخ الديموقراطي تتطلب التعامل الحسن مع كل التوجهات في المجتمع. رابعاً: من يشارك في السلطة مستقبلاً لابد أن يعمل علي تحسين أحوال الناس، وهذا يستدعي ازدهار الاقتصاد وزيادة فرص العمل في كل مجال. وذلك يتطلب تشجيع السياحة والتبادل التجاري مع دولٍ شتي، أي القضاء علي التقوقع والخمول اللذين اتصف بهما عهد مبارك. خامساً: بعد ثورة 25 يناير 2011 لن يقبل الناس في مصر- ولا في باقي الدول العربية التي قامت فيها الثورات- كبت حريات الأفراد أو شعائر الدين أو الفكر أو الملبس، وما إلي ذلك من الحريات الشخصية. إضافة إلي كل ذلك فلن يكون الإخوان المسلمون وحدهم في السلطة. لقد انبثقت أحزاب عدة ليس لها أي جذور بالماضي. ولقد شاركت في حزب "المصريين الأحرار" لأنه أول حزب نشأ بعد الثورة بفكر جديد وآمال وطنية خالصة وبرنامج يهتم بالتعليم في كل مراحله، وذلك لأن التعليم هو أساس بناء مجتمع واعٍ متحضر منتج وراقٍ ومع أني أساهم في دعم مرشحي الحزب من أبناء الجيل الصاعد، لكني أرحب بمشاركة الإخوان المسلمين والأحزاب الأخري في السلطة الوطنية، لأن مصر أم للجميع وتفتح صدرها لكل أبنائها بترحاب ومحبة وتؤهل للجميع العمل المجدي في سبيل الوطن. إنني أري في الانتخابات القادمة فرصة ذهبية لكي نثبت للعالم أجمع أن الثورة قد أبادت الخمول والبلادة وكبت حريه الافراد، وأن أهل مصر مازالوا علي عهدهم لرفعة الوطن. مازالت مصر وللاَده ترحب بكل أبنائها وترحب بالجميع لبناء مستقبل أعظم لتعود كما كانت عليه؛ مثلاً يحتذي به. وعاشت مصر حرة أبية - أم الدنيا- تنير الطريق الأمثل للمحبة والإخاء مع التقدم والإزدهار لأهلها جميعاً والرفعة للإنسانية جمعاء.