أكد ارشاد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس التركي عبدالله جول لشئون الشرق الأوسط أن اسطنبول ليست لها اجندات خفية ولا تريد أن تصدر نموذجها إلي أي من الدول المجاورة في مقدمتها مصر، معتبراً أن شكل الدولة المصرية شأن داخلي ولا يعني تركيا من قريب أو من بعيد، كما شدد هورموزلو في حوار اختصت به «روزاليوسف» عبر الهاتف أن الحقبة العثمانية أصبحت ملكاً للتاريخ وغير قابلة للتكرار، مشيرًا إلي أن تركيا تعمل علي تعميق علاقاتها مع جميع دول الشرق الأوسط في اطار من الندية والاحترام المتبادل، وحول المستجدات في الازمة التركية الإسرائيلية، قال كبير المستشارين: إن علي إسرائيل التوقف عن عنادها وإلا ستدفع الثمن غالياً وفي السياق السوري دعا جميع الاطراف الالتزام بالحوار والبعد عن العنف والرصاص، مؤكدا أن علي دمشق ألا تنزعج من احتضاننا للمجلس السوري المعارض.. وإلي نص الحوار: أثناء زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان للقاهرة ظهرت بعض الدعوات التي ترفض شكل الدولة العلمانية خاصة من قبل التنظيمات الإسلامية وعلي رأسها الاخوان في الوقت التي رحبت به. هل تري أن مصر من الممكن أن تتحول إلي دولة إسلامية؟ وما النموذج الأمثل من وجهة نظرك ؟ - النموذج الأمثل لمصر أن تكون متصالحة مع نفسها، ولسنا نحن من يحدد أن تكون مصر علي هذا الشكل أو ذاك، فهذا قرار مصري يطبخ في المطبخ السياسي المصري.. تركيا لا تصدر نموذجاً إلي أحد وعندما يتحدث القادة الأتراك فهم يشرحون الواقع التركي ولا يروجون لنموذج ما للآخرين. نحن لا نصمم بيوت الآخرين بل نصمم بيتنا الداخلي بما يرضينا ويرضي أجيالنا القادمة. وإذا استلهم أي طرف التجربة التركية فله الحق علينا للتعاون والتناغم ولكننا لسنا الذين نقرر بأن هذا البلد أو ذاك ينبغي أن يتحول لنموذج ما.. نحن نري الدول في هذه المنطقة دولاً ذات سيادة وقرار خاص ونعتبرها دولاً ذات ندية نتعامل معها علي هذا الأساس. كيف تري الأوضاع في سوريا وهل يستطيع الأسد أن يحرق الشرق الأوسط رداً علي هجوم يشن عليه.. وما السر وراء رعايتكم للمجلس الوطني السوري وما مصير الثورات في المنطقة؟ - هناك الكثير من اللغط حول ما قيل وما يقال، وأتصور أن الأخبار ترددت في موضوع نفته القيادة السورية ذاتها. نحن نقول إننا مع مطالب الشعوب ومع مطالباتها المشروعة مادامت حضارية لا تميل إلي العنف وترويع المجتمع، ولكننا لا نريد أن نري الدماء البريئة تسفك أيضاً في هذا البلد أو ذاك. الاجتماعات التي عقدها معارضون لأنظمتهم في تركيا يجب ألا تزعج هذه الحكومات، فالسماح بالتعبير الحر عن المواقف والدعوة إلي الإصلاح تصب في مصلحة الشعوب بشكل حضاري، أما بالنسبة لما يحدث في المنطقة فإننا لا نريد تقديم وصفات جاهزة لا للمعارضة ولا للنظام. نحن ندعو إلي الاحتكام إلي الحوار والتوافق وليس إلي العنف والرصاص. كيف تري موجة الربيع العربي في الشرق الأوسط وهل تلك الثورات محقة ؟ - نحن نعول علي القرار الصائب للشعوب، لقد أظهر التاريخ أن الأفراد يخطئون ولكن الشعوب لا تخطئ، الذي نراه أن هذه المنطقة يجب أن تنعم بمناخ ديمقراطي صحي وأن تكون الاصلاحات مواكبة لتطلعات الشعوب. ولذلك قلنا مرارًا إن القادة في قضايا الاصلاح يجب أن يكونوا أجرأ وأسرع من الشعوب ذاتها . كيف تري الأوضاع علي الساحة العربية في ظل سيطرة الإسلاميين علي بعض البلدان والمشاكل في دول خليجية؟ - النماذج التي تقبل بها الشعوب العربية هي من شأنها ونحن نشجع اتجاه الاحتكام إلي الشعب ونري أن التوافق والقبول بالآخر وعدم إقصاء أي شريحة هي الثوابت المهمة التي تفرضها عقيدتنا السمحة.. نحن نريد أن نري المنطقة برمتها واحة للاستقرار والسلام والنهضة الاقتصادية والبشرية مع تسخير كل الموارد لخدمة عموم الشعب دون تمييز أو إقصاء، ونري أن جو الفوضي وعدم الاستقرار لا يفيد تطلعات الشعوب نفسها، لذلك نري أن القادة يجب أن يكونوا أجرأ من الشعوب ذاتها في تبني الإصلاح ومبادئ العدل. . كيف تقيمون دوركم في الوقت الحالي في الشرق الأوسط وهل هو متعلق بمصالحكم مع الدول الغربية ؟ - الشرق الأوسط عمقنا الاستراتيجي والتاريخي والثقافي والديني ولا تناقض مع علاقاتنا الراسخة بالمنطقة مع علاقاتنا مع الغرب او اليابان او العالم التركي، فتركيا لا تقيم علاقاتها مع دولة أو منطقة علي حساب علاقاتها مع الأخري إطلاقا. هناك اتهامات وجهت إلي تركيا بأنها تسعي إلي اقامة مملكة عثمانية كما كانت في السابق وتريد أن تتزعمها ما تعقيبكم ؟ - تركيا ليست لها أجندات خفية، والحقبة العثمانية أصبحت ملك التاريخ ولا نسعي لدولة عثمانية جديدة ونعتبر كل الدول في المنطقة دولاً ذات ندية، التكامل الاقتصادي لا يستوجب هذه الأوهام والمخططات بل يجب أن نشعر كلنا بأننا بحاجة إلي الآخرين مهما كان الأمر. إذن هل تركيا تسعي إلي تأسيس نظام إسلامي جديد في الشرق الأوسط وتحاول أن تفرض نموذجه عليهم؟ -لا صحة لذلك وفي الديمقراطيات المعاصرة لا توجد أدوار نمطية وإنما الاحتكام إلي إرادة الشعب.. لقد احترمنا صندوق الانتخاب في أحلك الظروف وهذا هو ببساطة أساس نجاحنا المتمثل بالاستماع إلي صوت الشعب والاستفادة من أخطاء الماضي وتغيير نمط تفكيرنا ليواكب العصر والمتغيرات. كيف تقيمون خطوة تقدم فلسطين للمطالبة بدولة وموقف أمريكا منها والاتحاد الأوروبي؟ وهل ترون إسرائيل جادة في المفاوضات؟ - نحن ندعم الطلب الفلسطيني بكل ثبات وتركيا هي من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين وتحث الأطراف الأخري علي الاحتذاء بذلك، وأري أن الإخوة الفلسطينيين يجب أن يثبتوا علي مواقفهم المشروعة بغض النظر عن هذا الموقف أو ذاك ويستمروا في الدفاع عن الثوابت الفلسطينية، ولكي تكون الحكومة الإسرائيلية جادة ومقنعة في مفاوضات السلام المقبلة فإن عليها أن تتوقف فورًا عن التوسع الاستيطاني والانصياع لمقررات المجتمع الدولي في هذا الشأن. كيف تري مواجهتكم مع إسرائيل وهل خسرت إسرائيل فعلا من جراء خطوات مقاطعتكم لها؟ - إسرائيل هي الخاسرة الكبري في خلق جو من العزلة حولها وينبع ذلك من تصرف وتعنت الحكومة الإسرائيلية الحالية في المواقف المماثلة، وما حدث من اعتداء واضح وصريح علي النشطاء الدوليين في عرض البحر يدل علي نوعية هذا التصرف.. إسرائيل مدعوة لقراءة الأوضاع في المنطقة بما يخدم السلام الذي تكون هي الرابح الأكبر إذا ما استتب بشكل فعلي. وهل تري موقفكم سيظل في محله في علاقتكم مع إسرائيل؟ - هذا الأمر يترتب علي موقف الحكومة الإسرائيلية الحالية فاذا استمرت علي التعنت فعليها أن تدفع الثمن، وأول ثمن تدفعه هو التضحية بعلاقاتها مع تركيا بكل ما تعنيه ذلك لها. كيف ترون دعوة فرنسا لكم بضرورة الاعتراف بالأرمن وموقفكم من تصريح ساركوزي بخصوص عدم وجود مكان لتركيا في الاتحاد الأوروبي؟ - ساركوزي دعا تركيا لمواجهة تاريخها في زيارة ذات مغزي إلي جمهورية أرمينيا، والواقع أن فرنسا ذاتها هي أحوج ما تكون لمواجهة تاريخها وما فعلته في إفريقيا سواء في دول المغرب العربي أو في المناطق الفرنسية الأخري والتي هي لا تزال حية في التاريخ والذاكرة، لقد قبلت تركيا بمواجهة تاريخها في قضية الأرمن بفتح أرشيفها ووثائقها الخاصة بالأحداث للمؤرخين والباحثين ودعت أرمينيا لفعل ذلك أيضاً، ولكن أرمينيا هي التي رفضت ذلك. إن تسييس القضايا الإنسانية خطأ فادح ترتكبه بعض الأوساط وانخرط في ذلك ساركوزي نفسه لأغراض انتخابية وبغرض هواجس سياسية محلية. أما انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي فلا يقرره ساركوزي وإنما مجموع الاتحاد الذي كان مجمعاً علي فتح باب الترشح لتركيا، والدول باقية والرؤساء زائلون. ما آخر تطورات الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي وهل تري تركيا أنها في حاجة إلي ذلك؟ - تركيا ماضية في خطوات الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي، ونحن نعلم أن هذه مسيرة طويلة وهناك دول كبري في الاتحاد رفض طلب انضمامها لأكثر من مرة.. تركيا تري في معايير كوبنهاجن أمرًا مهماً في ترسيخ المعايير الحضارية لاحترام الحقوق والحريات الأساسية والتناغم مع مسيرة الحضارة المعاصرة، ولكن القيادة التركية قد ذكرت أكثر من مرة أنها ستعتبر ذلك معايير أنقرة متي ما استعصي الحل. وشخصياً أري أن إنضمام تركيا للاتحاد الأوروبي يفيد الاتحاد حاليا أكثر مما يفيد تركيا من الناحية الاقتصادية، وهناك الكثيرون ممن يؤيدون هذا الرأي وقد تطرق تقرير الاتحاد الأخير إلي الجوانب الإيجابية التي تحققت لتركيا في الفترة الأخيرة. لماذا لا تأخذون المنحني السلمي في علاقتكم مع الأكراد سواء الداخل أوالخارج ولا تعطي لهم الفرصة للنضال المسلح وأن تعالجوا الأمور من جذورها ؟ - الذي يحل المشكلة هو الاقلاع عن الإرهاب والترويع وقتل المدنيين، هل أستطيع أن أغير السؤال فأقول لماذا لا تقصف الطائرات التركية السليمانية أو البصرة أو كربلاء مثلاً؟ إذا قضي علي الإرهاب ولم يستعمل أحد ورقة الإرهاب فسيكون الحل أن تدخل الطائرات إلي أرض العراق بالمؤن والحليب والبسكويت ومواد البناء وليس بالقنابل وهذا ما فعلته اثناء الاحتلال الأخير للعراق. أما الكرد في العراق وعدم الاعتراف بوجودهم فلماذا لا تستمع إلي التليفزيون الوطني التركي الناطق باللغة الكردية مثلاً لكي تحصل علي الإجابة. ما الموقف الذي ستتخذه تركيا في حالة إجراء الاستفتاء علي كركوك وأصبحت من حصة إقليم كردستان، وهل تؤيد تركيا انضمام التركمان إلي إقليم كردستان في هذه الحالة أم بقاؤهم في الإقليم العربي ولماذا؟ - بالنسبة لكركوك فنحن لا نريد أن يفرض أحد الأمر الواقع علي الآخرين.. أتصور أن الحل يمكن أن يكون بين الأطياف الأصلية في المدينة واستنادًا إلي احصاءات عام 1957 أو المقررات الأخيرة، يجب عدم تهميش أحد وجعل انخراط الجميع في رسم مستقبل المدينة أمراً أساسياً - تغيير خرائط الدول ليست بالمسألة السهلة. وبدل التعنت وخلق إرهاصات ومشاكل جديدة فإن جميع مواطني البلد يجب أن يشعروا بأنهم سواسية وشركاء وهذا سيحل الكثير من الأمور.